في الفترة التي ظهرت الدعوة إلى الإسلام، كنت قليل الاهتمام بالدين الذي فاجأ به محمد أهل مكة.
ولم تفاجئني الدعوة إلى أي دين من الأديان، فمنذ صباي كنت أسمع كلاماً من عمي زيد بن نفيل -قبل دعوة محمد بسنين- كان أبي الخطاب لا يرحم أحداً من أهله يعيب أصنام مكة!... وقد فعل هذا أخوه زيد!... فطرده من الدار.وكنت في فترات شبابي أتسلل إلى دار عمي زيد، وأسمع منه ما يقول... وكثيراً ما كنت أسخر من كلامه... عندما يقول:- يا بني للكون رب واحد... لا شريك له.***• ولما ظهرت دعوة الإسلام إلى العلن... فوجئت بالدين الجديد يدخل بيتي!... فقد أسلم عبيد لي!... بالطبع لم يرق لي ذلك، فغضبت وفعلت بهم ما فعلت.***• لكن ذلك لم يمنعني من استعادة ما كنت أسمعه من عمي زيد.***• وجئت ذات ليلة من ناحية الحجر، حيث كنت قد اتفقت مع صديقي صفوان بن أمية على أن أقتل محمداً، وجاء وقام يصلي. فانتابتني مشاعر لم أكن قد استشعرتها من قبل!... وما أن خرج من صلاته... عادت لي العزة بالإثم فقلت لنفسي: لا واللات... فلن يسحرني كلام محمد.• سألني صفوان:- ماذا سمعته يقول؟!- قرأ: ﴿إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ، وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلًا مَا تُؤْمِنُونَ، وَلَا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ، تَنزِيلٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ﴾.- كأنما نُقش هذا الكلام على صدرك نقشاً يا عمر؟!***• تحت وابل هذه المشاعر اتجهت إلى دار شقيقتي فاطمة... وسمعت صوتاً -هو ليس صوت زوجها سعيد- يتلو من قرآن محمد!... فاقتحمت الدار... ثم... صاحت أختي:- ويحك يا عمر تضرب زوجي وابن عمك؟!فصرخت فيهما:- هل أسلمتما؟!- والله لا نخافك... أجل أسلمنا يا عمر.• في هذه الأثناء ظهر خباب بن الأرت، الذي كان يقرأ القرآن، وكان لدى دخولي مختبئاً في غرفة مجاورة، فقلت له:- أنت الذي كنت تقرأ إذاً؟!- نعم يا أخي عمر... وكنت على ثقة من أن دعوة رسول الله بك -يا عمر- سوف تُستجاب.- ماذا؟!... أتعني أن محمداً ذكرني بالاسم؟!- نعم.- يا خباب خذني إلى محمد.وذهب بي خباب إلى دار الأرقم... والتقيت الرحمة التي بُعثت للعالمين!***• هذا المقال مجرد اجتهاد بسيط مأخوذ مما ذكره التاريخ عن حياة الخليفة عمر بن الخطاب، رضي الله عنه.فلو اتبعنا كتابة تاريخنا بهذا الإيجاز بعيداً عن المبالغات، وتضمنته مناهج التعليم لكان أيسر على فهم الناشئة.
أخر كلام
مذكرات عمر بن الخطاب
14-05-2016