إلى وزير الداخلية... مع التحية
لا يختلف اثنان على الجهود الجبارة التي يبذلها رجال وزارة الداخلية بقيادة معالي نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية الشيخ محمد الخالد وأركان وزارته لاستتباب الأمن وتوفير سبل الراحة للمواطنين والمقيمين، وشهادتي في هذا الرجل مجروحة، فقد لمست حرصه وتفانيه في عمله وحبه لأهل الكويت منذ سنوات عندما فتح باب مكتبه لأبناء وطنه ليعرضوا مشاكلهم أمامه مباشرة، وهو مستمر وأركان وزارته في ذلك بصورة أو بأخرى، وهم بذلك يستحقون الإشادة. ولكن ذلك لا يعني عدم وجود تقصير أو أخطاء هنا أو هناك، فوجودها صفة متلازمة مع أي عمل جاد، ومن لا يعمل لا يخطئ ولكن في إطار النسبة المعقولة، وفي نفس الوقت لا يقبل أن تكون هناك أخطاء متكررة وإن بدت صغيرة في قطاع ما، ولكن قد تكون نتائجها وخيمة.
من هذه القطاعات التي تتكرر فيها الأخطاء والتقصير إدارات المرور والنجدة والطرق السريعة، وقد حذرت بشكل مستمر منذ سنوات كما حذر غيري من رعونة بعض قائدي المركبات على الطرق الخارجية السريعة، لاسيما سائقي الشاحنات ومركبات النقل وقائدي سيارة الأجرة النقالة وبعض الوافدين ممن يخالفون الأسس التي منحوا على أساسها إجازة السوق أو المركبة فاستغلوها في أمور مخالفة، لقد حوّل هؤلاء وبعض من يرتدي اللباس العسكري الطرق الخارجية كالدائريين السابع والسادس، وتحديداً كلما اقتربنا من الجهراء، إلى حلبات سباق ومسرح لاستعراض كل أنواع المخالفات في ظل غياب شبه كامل لرجال "الداخلية"، حتى غدا الدائريان المذكوران مسرحاً لحرب شوارع أودت بحياة العشرات من الأرواح البريئة، ويرقد في المستشفيات أضعاف الأعداد المعلنة، وقبل أيام ثكلت إحدى الأسر الكويتية أحد أبنائها بتساقط الأخشاب عليه، فكان حادثاً درامياً لناصر الخالدي الذي غادر في ريعان شبابه، اسأل الله أن يرحمه ويلهم أهله الصبر والسلوان، بسبب استهتار أحد سائقي الشاحنات باشتراطات الأمن والسلامة، وتكاد تكون كل الشاحنات غير ملتزمة بأقل شروط السلامة، وصدق من قال: "من أمن العقوبة أساء الأدب"، فالى متى يتمادون في ذلك يا معالي الوزير؟ويا ترى من يتحمل دم هذا الشاب وغيره من أبناء وبنات الوطن والمقيمين؟ هل وزير الداخلية أم أركان وزارته أم هؤلاء المديرون والضباط القابعون والمتسمرون خلف مكاتبهم لا يراعون الله في عملهم والثقة والتفويض الممنوح لهم، وغالبهم لا يستحق هذه الثقة التي أولتها إياهم القيادة السياسية ووزير الداخلية، ولا حول ولا قوة إلا بالله.إن أقل ما نطالبهم به أن يراعوا الله ثم وطنهم في عملهم، لا نريد منهم تعريض نجومهم وتيجانهم لعوادم السيارت والأتربة بنزولهم إلى مواقع العمل والأماكن التي من المفترض تواجدهم فيها، ولكن فقط نصف ساعة صباحاً، وأخرى مع نهاية الدوام يتواجدون في السيارات الحكومية في الأماكن المخصصة للدوريات على الخطوط الرئيسية ليشاهدوا بأم أعينهم الفراغ الأمني وحجم المخالفات. نريد تسيير مركبات مرور سرية بكاميرا أو بغيرها تجوب الشوارع كما في بعض الدول القريبة تسجل المخالفات الجسيمة، وخاصة من الشاحنات والصهاريج وتوصيل الركاب، وفي أحد الأيام القريبة لولا لطف الله سبحانه لكنت إحدى ضحايا هؤلاء، فتجاوزت الشاحنة التي كادت تسقط منها أعمدة خشبية موضوعة كيفما اتفق بسرعة لم أعتدها، وهذه المرة لمحت سيارة مرور قمت بإبلاغها، ولرجل المرور الشكر والتقدير على سرعة استجابته وضبطه للشاحنة، بعكس مرة سبقتها خلال الشتاء حيث تناثرت أمامي قطع من الكيربي ولم أجد وقتها أي دورية، ولكن لطف الله كان أقرب لي ولمرتادي الطريق حينئذ.ضبط المخافات وتأمين السير على الطرقات، وخاصة السريعة، لا تحتاج إلى معجزة بقدر ما تحتاج إلى إيمان بالمهمة وإخلاص في العمل واستشعار للواجب الوطني والتفريق بين المصلحة الخاصة وأداء الواجبات الوظيفية، والأدلة كثيرة لا تحتاج إلى تبيان، فنحن بحاجة لقيادات أمنية هاجسها الوطن والمواطن قبل أي مصلحة شخصية، قيادات أمنية تباشر عملها في المناطق التي لا يتردد عليها الوزراء وعلية القوم، كالطرق الخارجية السريعة وبعض الطرق المؤدية إلى العاصمة، فقط دقائق مع بداية ونهاية الدوامات، وبارك الله لهم في المكاتب والخدم والحشم بقية اليوم، نريد قيادات تؤمن بأن المناصب تكليف لا تشريف، ونريد من كل قيادات الدولة أن يعوا ويطبقوا ما هو مكتوب على بوابة قصر السيف العامر "لو دامت لغيرك ما اتصلت إليك" والحافظ الله يا كويت.إهداء لكل مسؤول يرى أن المناصب تشريف لا تكليف أهدي هذين البيتين:إن المناصب لا تدوم لواحدٍ فاصنع من الفعلِ الجميلِ فضائلاًإن كنت في شك فأين الأولُ؟ فإذا عُزِلت فإنها لا تعزلُ