يبدو أن الصين سوف تكون مضطرة إلى انتهاج سياسة مختلفة في مجال  الطاقة التقليدية، وإبطاء تخطيطها الذي درجت عليه خلال السنوات القليلة الماضية، والعودة من جديد إلى تأجيل خطط بناء محطات طاقة جديدة عاملة على الفحم.

Ad

وبحسب تقرير نشرته صحيفة نيويورك تايمز أخيراً، فإن بكين أوقفت الخطط الجديدة الخاصة بإنشاء المصانع التي تعمل على الفحم في مختلف أنحاء البلاد، وقررت كذلك تأجيل العمل في بعض المصانع التي حصلت سابقاً على موافقة حتى سنة 2018 على أقل تقدير، ما يعني بناء على ذلك أن نحو 200 من محطات الطاقة، التي لم يبدأ فيها الإنشاء، قد تتوقف.

ويقول التقرير، إن الصين على الرغم من أنها الدولة الأكثر استهلاكاً للطاقة من الفحم، فإن استهلاكها بدأ منه بالتراجع، علاوة على أن الكهرباء، التي يتم توليدها عن طريق الفحم، هي أكبر مساهم في ارتفاع مستويات انبعاثات الكربون في العالم، التي يقول العلماء، إنها السبب وراء ارتفاع درجة حرارة الأرض.

والشهر الماضي، اجتمع قادة 175 دولة – بما فيها الصين – في نيويورك لتوقيع اتفاق باريس حول المناخ، الرامي إلى وضع حد لارتفاع انبعاث الكربون، وإبقاء الزيادة في درجات الحرارة في العالم عند أقل من درجتين مئويتين.

التباطؤ الاقتصادي في الصين

وتجدر الإشارة إلى أن التباطؤ الاقتصادي في الصين، والسياسة الهادفة إلى عدم بناء مصانع تعمل بالفحم على مقربة من المدن الكبرى، إضافة إلى الاستثمارات الضخمة في طاقة الشمس والرياح، ساعدت في خفض استعمال الفحم في الصين خلال العام الماضي، لكن على الرغم من ذلك، فإن مولدات الكهرباء المملوكة للدولة ازدادت بوتيرة لم تعدها البلاد منذ عقود.

وإذا تمكنت الصين من المضي قدماً في مشاريعها الهادفة إلى الحد من بناء مصانع طاقة جديدة تعمل بالفحم، فستتمكن من بلوغ أهدافها الطويلة الأجل في مجال تغير المناخ وتلوث الهواء – وفي وجه التباطؤ الأشد في النمو الاقتصادي خلال ربع قرن هبط الطلب على الكهرباء بصورة حادة في الصين، بحيث غدا بعض المصانع العاملة بالفحم يعمل بنسبة 40 إلى 50 في المئة فقط من الوقت المحدد، كما أثر بناء عنفات الرياح والألواح الشمسية على حصة الصين السوقية من مصانع الفحم.

ويمضي التقرير إلى أن بكين تعمل على عدم تشجيع بناء مصانع تعمل بالفحم على مقربة من المدن الكبرى، وتركز في موازاة ذلك على مصادر الطاقة المتجددة بصورة لافتة.

وتتحدث مصادر إعلامية عن وجود 1200 مصنع جديد تعمل بطاقة الفحم قيد التخطيط في 59 دولة – معظمها في آسيا – واحتلت الصين المركز الأول في هذه المجموعة.

وتقول الخطوط الإرشادية في بكين، إن على شركات الطاقة التقيد بشدة بإجراءات الحد من الانبعاثات إلى ما بعد سنة 2017 على أقل تقدير، كما أن الحكومة الصينية تدعو أيضاً إلى تسريع الإجراءات الرامية إلى إغلاق المصانع القديمة، التي تستخدم تقنية عتيقة وأكثر تلويثاً.

ولكن الصين تضيف في كل أسبوع طاقة تضاهي حوالي غيغاوات واحد من طاقة الفحم نظراً إلى قيام الشركات، التي تستطيع الحصول على قروض سهلة من البنوك الحكومية ببناء مصانع جديدة.

في الولايات المتحدة

ويتناقض ذلك بشكل صارخ مع الوضع في الولايات المتحدة، وهي ثاني أكثر دولة لناحية انبعاثات الكربون في العالم، وبات من الصعوبة بمكان بناء مصانع جديدة تعمل بطاقة الفحم في عهد الرئيس باراك أوباما.

وعلى سبيل المثال، لا الحصر، تم إيقاف العمل في مصانع تنتج حوالي 14 غيغاوات عبر طاقة الفحم في الولايات المتحدة، بحسب إدارة معلومات الطاقة في العاصمة واشنطن.

في الوقت ذاته، ثمة 6 مصانع جديدة فقط ضمن خطط الإنشاء في ذلك البلد خلال السنوات الخمس التالية على الأقل، وتقل طاقتها الإجمالية عن 2 غيغاوات بحسب الإدارة المذكورة.

وخلص تقرير نيويورك تايمز بشأن الوضع في الصين، إلى أنه مع هبوط أسعار الفحم، أصبحت مولدات الكهرباء الكبيرة المملوكة للدولة مفيدة بسبب عدم هبوط أسعار الكهرباء، ونتيجة النفوذ السياسي لصناعة الفحم وهبوط أسعار الفحم لم يتم ربط نسبة كبيرة من طاقة الشمس والرياح بالشبكة الكهربائية.

وبغية محاربة هذه الظاهرة، طلبت الحكومة الصينية من شركات المصانع العاملة بالفحم أن تدفع مبالغ مالية لمشغلي مصانع طاقة الرياح والشمس، الذين لم يتمكنوا من استخدام طاقتهم الكهربائية.