قال الوزير العلي إن الآونة الأخيرة شهدت تصاعداً وتسارعاً في الأداء الحكومي، من خلال تفعيل مجموعة التشريعات التي كانت نتاج تعاون مثمر وتفاهم بناء بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، بهدف ترجمة التقارير الاقتصادية والسياسية إلى شراكات استراتيجية قادرة على تسريع معدل أداء القطاعات الاقتصادية، وصولا إلى تنويع القاعدة الاقتصادية للكويت.

Ad

أكد وزير التجارة والصناعة

د. يوسف العلي أن مسار الإصلاح الاقتصادي يجب أن يأخذ اتجاهين، أحدهما تتبناه الحكومة من خلال الإصلاح الجذري، في إطار مسار الإصلاح المالي والاقتصادي المقدم ضمن وثيقة الإصلاح، باعتبارها استراتيجية شاملة واضحة الأهداف والمنطلقات محددة السياسات والإجراءات مبرمجة الأولويات والخطوات، وإعادة النظر في الدور الاقتصادي الحالي للدولة والعودة به إلى ثوابته الاقتصادية والإدارية في التنظيمات الديمقراطية ذات الاقتصاد الحر،

وقال د. العلي، خلال كلمة له ممثلا عن سمو أمير البلاد في افتتاح مؤتمر «الكويت وتنويع القاعدة الاقتصادية»، الذي نظمته الجمعية الكويتية الاقتصادية أمس، إن ذلك «لا يتأتى إلا بدعوة القطاع الخاص كي يتحرر وبسرعة من العادات والمفاهيم والممارسات التي رسختها المرحلة الخاصة، ليقف على قدميه مواجها مسؤولياته ومتحديا صعوباته ومتحملا نتائج عثراته، لكي نخلق القاعدة الاقتصادية الكويتية المتنوعة ويأخذ مسار الإصلاح الاقتصادي».

وأضاف أنه من الثابت يقينا أن المشكلة الاقتصادية بالكويت باتت أكثر تحديدا، بعدما حظيت به من دراسات كثيرة، ومن جهات محلية وأخرى عالمية وبأفضل مستوى من الخبرة والاختصاص.

منهجية المعالجة

وأوضح العلي أنه من الثابت أيضا أن هذه الدراسات وإن اختلفت مشاربها وتشعبت توجهاتها، فإنها لم تتفق فقط على تشخيص الحالة الاقتصادية الكويتية وتحليل عناصرها، بل كادت تجمع كذلك على منهجية معالجتها وطرح الحلول المناسبة لها، من خلال تحسين معدلات الأداء في مختلف القطاعات الاقتصادية، وعلى نحو يضمن تنويع القاعدة الاقتصادية بتحسين أداء القطاعات الاقتصادية المختلفة ككل، وعلى نحو يتسم مع توجهات مسار الإصلاح المالي والاقتصادي كجزء من استراتيجية الإصلاح الاقتصادي بمفهومه الشامل.

وتابع: «المطلوب من وجهة نظري كي نخلق القاعدة الاقتصادية الكويتية المتنوعة أن يأخذ مسار الإصلاح الاقتصادي اتجاهين، أحدهما تتبناه الحكومة من خلال الإصلاح الجذري في إطار مسار الإصلاح المالي والاقتصادي المقدم ضمن وثيقة الإصلاح باعتبارها استراتيجية شاملة واضحة الأهداف والمنطلقات محددة السياسات والإجراءات مبرمجة الأولويات والخطوات».

وزاد: «الاتجاه الثاني: إعادة النظر بالدور الاقتصادي الحالي للدولة والعودة به إلى ثوابته الاقتصادية والإدارية في التنظيمات الديمقراطية ذات الاقتصاد الحر، ولا يتأتى ذلك إلا بدعوة القطاع الخاص كي يتحرر وبسرعة من العادات والمفاهيم والممارسات التي رسختها المرحلة الخاصة، ليقف على قدميه مواجها مسؤولياته متحديا صعوباته متحملاً نتائج عثراته».

تفعيل التشريعات

واردف د. العلي أن الآونة الأخيرة شهدت تصاعدا وتسارعا في الأداء الحكومي، من خلال تفعيل مجموعة التشريعات التي كانت نتاج تعاون مثمر وتفاهم بناء بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، بهدف ترجمة التقارير الاقتصادية والسياسية إلى شراكات استراتيجية قادرة على تسريع معدل أداء القطاعات الاقتصادية وصولا إلى تنويع القاعدة الاقتصادية للكويت.

وبين أنه ومن هنا يمكن التقدير، وبدرجة عالية من الثقة، في متانة القاعدة الاقتصادية الكويتية ووطنية مكونتها وعلى نحو لا يضمن انسجامها فقط بل وتفاعلها مع التحديات التي تواجهها إقليمية كانت أو دولية.

وأكد ان ثقته هذه ليست مجرد شعور وطني أو ممارسة وظيفية، بل هو استناد إلى جملة من المعطيات والمرتكزات التي تستأهل التمعن فيها والإضاءة عليها، «من خلال مثل هذه المؤتمرات التي نعول عليها كثيرا، والتي أثق أيضا بأن باعثكم عليها ومحرككم إليها هو حسكم الوطني نحو بناء اقتصاد متنوع ملم بالحقائق مدرك للمصاعب والمخاطر واع للتحديات قادر على أن يعاود مسيرته الانمائية على أسس قوية».

تشجيع المواطنين

بدوره، شدد رئيس مجلس إدارة الجمعية الاقتصادية الكويتية فيصل البدر على أهمية دور المؤتمر العلمي الثامن للجمعية الاقتصادية، التي تهدف من خلاله إلى المشاركة في تصحيح المسار الاقتصادي للدولة، وتشخيص مواطن الخلل الهيكلي في الاقتصاد ووضع الحلول المناسبة لها.

وقال البدر، في كلمته، إن التحدي الأكبر الذي تواجهه الحكومة يكمن في تشجيع المواطنين الراغبين والمتحمسين للمشاركة في التغيير الاقتصادي في الكويت، من خلال المشروعات الصغيرة والمتوسطة وتقديم الحوافز الكافية سواء المادية والمعنوية للتفكير في المبادرة الريادية كمسار مهني مناسب مقارنة بالفرص المجزية المتاحة في القطاع العام، لضمان نجاح المشروعات الصغيرة والمتوسطة.

بعد النفط

من جهته، أوضح عضو مجلس إدارة الجمعية رئيس اللجنة المنظمة للمؤتمر عبدالوهاب الرشيد، في كلمته، أهمية المؤتمر العلمي الثامن للجمعية، في ظل ظروف اقتصادية استثنائية، خصوصا بعد المتغيرات التي طرأت بالأسواق النفطية وتأثيرها البالغ على الدول المصدرة للنفط، حيث تكبدت هذه الدول خسائر مالية كبيرة نظرا لانخفاض سعر برميل النفط، ما أدى الى مواجهتها لعجوزات مالية في ميزانياتها السنوية تشكل تهديدا حقيقيا اذا لم يتم تدارك الأمور بشكل حاسم.

واردف الرشيد ان فكرة المؤتمر أتت بعد طرح العديد من التساؤلات، أهمها ماذا بعد مرحلة النفط؟ لذلك أتت فكرة المؤتمر اليوم «الكويت وتنويع القاعدة الاقتصادية» تفعيلا للدور الوطني للجمعية الاقتصادية بتسليط الضوء وتشخيص مكامن الخلل ووضع الحلول اللازمة.

التحديات الراهنة

بدوره، قال د. عباس المجرن في كلمته بالجلسة النقاشية الأولى في المنتدى، والتي حملت عنوان «التحديات الاقتصادية الراهنة»، وأدارها طارق الصالح، إن إصلاح تشوهات سوق العمل هو الأهم، وهو المدخل الأساسي لحل بقية الاختلالات الهيكلية، مشيرا إلى أن هذا الأمر سيساهم في حل موضوع الخلل في التركيبة السكانية أيضا.

وأضاف المجرن أنه لو تمكنت الدولة من الحد، أو على الأقل السيطرة ولو نسبياً، على «الثقافة الريعية» السائدة بالاقتصاد المحلي الكويتي والسعي إلى الربح السريع والمضمون، بغض النظر عن النتائج السلبية التي قد يتكبدها الاقتصاد على مستوى العمل والتجارة والأنشطة الصناعية والمهنية، فهناك تغير كبير في حجم قوة العمل الكويتية في القطاع الخاص.

من جهته، أشار د. محمد الرمضان إلى أزمة التوظيف والبطالة في ظل السياسات والممارسات والبرامج غير الفعالة التي انتهجتها الحكومة على أمل تحسين نسبة الكويتيين من جملة العمالة في الاقتصاد.

أما د. خالد مهدي فأشار إلى ضعف الإدارة العامة وهيمنة الدولة على جميع القطاعات الاقتصادية والخدمية، والتي تتطلب إعادة النظر بتخفيف هيمنتها على معظم الأنشطة الاقتصادية، حيث إن الاتجاه نحو تخصيص هذه الخدمات والأنشطة سوف يساهم في تخفيف كثير من الأعباء التي تتحملها الدولة.

متطلبات التنويع

وفي الحلقة النقاشية الثانية، التي جاءت بعنوان «متطلبات التنويع»، وأدارها عامر التميمي، قال د. فهد الزميع إن مسألة الانتقال إلى السوق الحر والتخلص من القيود الحكومية، ليست عملية تتطلب التعديل التشريعي فقط، فالمسألة أكثر تعقيدا وتحتاج إلى نظرة شاملة قادرة على تطوير المؤسسات الحيوية والمرتبطة بعملية الانتقال، مشيرا إلى أنه يجب أن تكون بالبداية بالاتفاق على دور الدولة في مرحلة ما بعد الانتقال، وبناء عليه تتم إعادة هيكلة أجهزة الدولة لتمكينها من أداء الدور الجديد المنوط بها.

بدورها، أوصت د. موضي الحمود بأن يتم خلق نظام تعليمي وتدريبي متطور لتوفير العمالة المؤهلة والمدربة وتوسيع مفهوم التعليم والتدريب، ليشمل إضافة إلى التعليم الجامعي والعام التعلم طوال الحياة والتعلم التقني والتعليم الإلكتروني والتعلم عن بعد والتدريب المهني، إضافة إلى خلق نظام رعاية صحية متطور يقوم على الوقاية والعلاج الفعالين، كما يجب إيجاد بنية معلوماتية حديثة لتيسير اكتساب وتطبيق المستجدات من المعارف والتكنولوجيا، ونظام فعال لتنمية القدرات البحثية والملكات الابتكارية وزيادة الإنفاق لتطوير القدرات في هذه المجالات، إضافة إلى إطار مؤسسي وقانوني ومناخ اقتصادي ملائم لاكتساب المعرفة ونشرها وللتوزيع الكفؤ للموارد.

أما الوزير السابق، بدر الحميضي، فأكد أهمية تعديل القوانين الحالية للخصخصة والشراكة بين القطاعين العام والخاص، والإسراع في وضع الخطوات التنفيذية لتطبيق الإجراءات القانونية، إضافة إلى تسهيل تسهيل الإجراءات الإدارية وتخفيف إجراءات الرقابة المسبقة المتعددة، وتقديم حوافز أفضل للمستثمر المحلي والأجنبي للمنافسة مع دول المنطقة.

تنويع القاعدة

وفي الجلسة الثالثة، التي تناولت «تنويع القاعدة الاقتصادية» وأدارها مطلق الصانع، قال عضو الجمعية الاقتصادية الرئيس التنفيذي لشركة المركز المالي الكويتي، مناف الهاجري، إن أي إصلاح شامل للقطاع العام يتطلب تفكيرا على مستوى الصورة الكبرى، وشجاعة ونظرة بعيدة المدى لتكون العوائد ضخمة، وقد تمنح موقع القيادة الإقليمية للكويت مجدداً والذي فقدته خلال العقود الأخيرة، وفي الوقت نفسه، قد يكون من الملائم الأخذ في الاعتبار خيارات إصلاح ذات مدى أقصر، يمكنها أن تقدم نتائج أسرع، ولها تكاليف سياسية أقل نسبيا، كما يجب تنفيذ هذه الأمور بشكل متناسق لا كبديل عن الإصلاحات الأشمل.

من جهته، أشار المستشار خالد الحشاش إلى أهمية استخدام المعرفة كأصل من أصول الاقتصاد، والتعرف على مهارة إدارة هذه الأصول بالشكل المطلوب، فالاقتصاد المعرفي قائم بشكل كبير على العاملين في مجال المعرفة.

بدوره، قال الخبير النفطي محمد الشطي إن استراتيجيات المنتجين وسط تراجع أسعار النفط، تتبنى الدخول في استثمارات نفطية (بناء مصاف، بناء صهاريج أو تخزين النفط)، والارتباط بعقود طويلة لتزويد للنفط، وخلق مرونة في تسعير النفط (تقديم حسومات)، وكذلك خلق مرونة في شروط التعاقد من خلال تقديم فترة سماح للدفع تفوق الفترة المعتادة 30 يوماً، ورفع طاقة التكرير محليا، وكذلك سياسة تحويل النفط الخام الى منتجات بترولية وبتروكيماوية، وفتح باب التنقيب والاستكشاف أمام الشركات والشراكة لتطوير فرص استثمارية في أسواق العالم، واستهداف أسواق واعدة ولكنها صغيرة.

الصانع: نعاني غياب الخطط الاستباقية

أكد أمين سر الجمعية الاقتصادية مهند الصانع أنه معلوم للجميع عدم خروج الكويت بحلول منذ التداعيات السلبية للأزمة المالية، وأعقبتها في أزمة انخفاض أسعار النفط، موضحا أن الدولة تعاني غياب خطط استباقية للمشاكل الاقتصادية التي من الممكن أن تتعرض لها الدولة في المستقبل.

وقال الصانع إن انعقاد المؤتمر تأتي أهميته للتوقيت الذي انعقد فيه، حيث إن الحكومة اعترفت رسمياً بوجود مشاكل عديدة يتعرض لها الاقتصاد الوطني بشكل عام، ويأتي المؤتمر ليكون السبيل الأمثل لتسليط الضوء على تطبيق وتنفيذ الخطط الفعالة لانتشال الاقتصاد من الأزمة الحالية.