الأغلبية الصامتة: عندما «يهنق» الوطن
![إبراهيم المليفي](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1612377050504273100/1612377064000/1280x960.jpg)
صبر الطبيعة أسطوري ولا مثيل له، لأن ما ستفعله بنا عندما تصل إلى مرحلة الغضب النهائي أيضا أسطوري ولا مثيل له، ما سبق كان هو المقارنة مع الجهاز الإداري في الدولة الذي كان فيما مضى مثل الطبيعة حنونا وخدوما ويؤدي أعماله بالأمانة والصدق. هذا الجهاز الإداري تحمّل الكثير من السياسات المتقلبة لأن أساسه متين ومهني، وما يأتيه من مخرجات التعليم تتوافر فيه المواصفات الأساسية لتسيير العمل واستلام دفة القيادة، ومع مرور الوقت بدأت عمليات التخريب والعبث بالجهاز الإداري من الداخل والخارج، الداخل عبر تعيينات "ضحك ولعب وجد وحب" والخارج عبر انحدار مستوى التربية والتعليم تبعا لتقلص أعداد القدوة وكثرة أعداد "القداوة".هذه السياسات المتقلبة التي استنفدت رصيد كفاءة الجهاز الإداري أوصلتنا اليوم إلى مرحلة "التهنيق" والعجز عن القيام بواجباته، ذلك العجز متعدد الوجوه: عجز عن تقديم الحلول، وعجز عن مواجهة الأزمات، وأخيرا عجز عن مواكبة المشاريع والرؤى التي تتحدث عنها الحكومة، سواء الحكومة الحالية أو أي حكومة مؤهلة تريد العمل "جد" بدون "ضحك ولعب وحب".في الختام كهرباء تنقطع، مدرس عربي يرسب في امتحان العربي، لحم مغشوش، دواء مغشوش، طبيب مزيف، مناضل مزيف، برلمان يبطل مرتين، فاسد ينظر في النزاهة، تزوير طلب مساعدة اجتماعية، معاق مزيف، قيادي مجهول يكرم إعلاميا مزورا، اقتصاد مزيف، نظام ديمقراطي أكذوبة... إلخ. هل تريدون المزيد؟ أعتقد أنه يكفي فقط أن تذكروا أن صبر الجهاز الإداري على خدمة الناس أقصر من صبر الطبيعة، وقريبا جداً لن أستغرب صدور خطاب رسمي مطبوع على ورق "مسطر" دون شعار أو رقم صادر، لأن المسؤول قال: "أنا توقيعي هو الضمانة وهو فوق القانون"، وهناك فعلا من بدأ يلامس ذلك المثال.