أكد د. مراد وهبة، أستاذ الفلسفة ورئيس جمعية ابن رشد للدراسات التنويرية بالقاهرة، أن فصل الدين عن الدولة محض خرافة، لأن الإسلام جاء ديناً ودولة، ولذلك يستحيل فصلهما على عكس المسيحية التي لم تعرف فكرة الدولة ومن ثم تقبلت العلمانية.

Ad

وقال وهبة في احتفالية أقامها له {منتدى البرنامج الثقافي} في الإذاعة المصرية إن العلمانية لا تعني فصل الدين عن الدولة بل فصل الأصولية عن الدولة.

انتقد الفيلسوف مراد وهبة المثقفين في العالم العربي لأسباب عدة، أولها تخليهم عن الجماهير، وتركهم فريسة للفكر الأصولي المنغلق التكفيري التجهيلي، واغتيالهم الديمقراطية واختازلها في صناديق الانتخابات، إضافة إلى أنهم تقاعسوا عن النقد والتصدي للأصولية الفكرية، ما دفعه إلى السعي نحو صناعة تيار علماني جديد قوي في وجه الأصولية الدينية. وعن هذا التيار، أوضح وهبة أنه ينطلق من رباعية الديمقراطية المتحررة تماماً من سلطة دينية، وهذه الرباعية تتمثّل في: العلمانية والعقد الاجتماعي والتنوير والليبرالية.

كلام د. وهبة جاء في احتفالية أقامها له «منتدى البرنامج الثقافي» في الإذاعة المصرية. وحول سؤال «الجريدة» له عن أزمة المثقفين في مصر، وعن مدى قدرتهم على القيام بثورة المثقفين التي يتطلع إليها البعض كطوق نجاة للأمة في اللحظة الفارقة في تاريخها، أكد أن أزمة المثقفين ليست مصرية ولا عربية بل هي دولية، وشكك كثيراً في قدرتهم على القيام بثورة، ومن ثم في قدرتهم على استنهاض الأمة.

وأضاف أن المفكر الثوري الحقيقي لا يحسب عواقب الأمور نهائياً، مستشهداً بفلاسفة الثورات العالمية بقوله: «إذا نظرنا إلى فلاسفة الثورة الفرنسية ومفكريها وفلاسفة أوروبا، فلن نجد من يتحرى الحذر أو التهور أو غضبة الحاكم وعقابه... لم يفعل ذلك فولتير ولا كانط ولا مونتسكيو فكان هناك صدام بين كانط والملك وفي أثناء كتابة ديدرو ودالامبير موسوعتهما سجن أحدهما فقال للآخر «فلتكمل أنت وحدك!». كان هناك كفاح وروح ثورية... أما اليوم، فالمثقفون تخلوا عن الشباب للأسف في ثورة يناير، وقبل ثورة يوليو 1952 كان لدينا فكر ثوري لكنه أجهض... مثلاً، أخرج الشيخ علي عبد الرازق من زمرة علماء الأزهر، وفُصل د. منصور فهمي من الجامعة، ومنع كتاب طه حسين «في الشعر الجاهلي»، ولكل من حسين فوزي ولويس عوض حالة فكرية أرغم على التراجع عنها».

ابن رشد

وعن ابن رشد، قال وهبة: «أقول دائماً إن ابن رشد ميت في الشرق حي في الغرب، وهو سبب العلمانية والتنوير في أوروبا... لا بد من أن يستيقظ مفكرونا ويتواكبوا مع العصر ويسرعوا الفكر في عالم تلاشت فيه المسافة زمنياً ومكانياً، فأنا متجول دولياً ووجدت الفلسفة ضعفت على مستوى العالم أجمع ولم يعد ثمة من يجرؤ على تأليف سفر ضخم كما كان يفعل سارتر أو هيدغر، لأن الإنسان ينجرف في إيقاع عصره شاء أو أبى»...

وتابع: «أصبحت اللغة مقتضبة واضحة وسريعة ومنطقية، فالاستطراد لم يعد لغة العصر في المقالات حتى لو كان القارئ عاطلاً، فإذا نجحنا في تمرين العقل بالممارسة على القفز وإدماج مكونات الديمقراطية التي حددتها في «العلمانية والعقد الاجتماعي والتنوير والليبرالية»، عبر جمعها في مكون إلكتروني واحد... سيكون بإمكاننا القفز إلى الأمام في وثبة، وذلك مرهون بقدرة عقولنا على تحمل تلك الثورة التكنولوجية والعلمية».

جاء احتفاء منتدى البرنامج الثقافي بالإذاعة المصرية بالفليسوف والمفكر الكبير د. مراد وهبة، رئيس جمعية ابن رشد للدراسات التنويرية، بالتنسيق مع هيئة قصور الثقافة تقديراً لمنجزه العلمي وإسهاماته العلمية، وبحضور عدد من تلامذته ومحبيه، ومن بينهم أستاذة الأدب الإنكليزي د. منى أبوسنة، والفنان محمود حميدة، وعدد من الباحثين والإعلاميين.

وقال مدير عام البرنامج الإذاعي محمد إسماعيل إن هذا الاحتفال هو الأول للمنتدى في مصر للفليسوف الكبير باعتباره أحد أعلام الفلسفة، وأحد أهم رواد التنوير في العالم العربي.