استهداف الشريف علي بن الحسين من قوات "الحشد الشعبي"، التي يقودها هادي العامري، يدل على مدى سيطرة الإيرانيين، سيطرة مباشرة، على هذا البلد العربي، بحكم أن نحو ثمانين في المئة من أهله من العرب.

Ad

والهجوم الذي شنته قوات الحشد الشعبي على منزل الشريف علي بن الحسين لا يمكن أن يكون تصرفاً فردياً لأحد قادة هذه القوات، وهو لا يمكن أن يتم دون معرفة هادي العامري، الذي لا يحتاج ارتباطه بإيران وبحراس الثورة إلى أدلة، ولا إلى براهين، فهو نفسه لا ينكر هذا الارتباط، بل يتباهى به، ويعلنه على رؤوس الأشهاد، كما أنه يشن كل الحروب التي يشنها على مناهضي الاحتلال الإيراني للعراق.

لقد طلب "المغيرون" من الشريف علي بن الحسين مغادرة العراق على الفور، لأنهم لا يعتبرونه عراقياً، ولأن هذا البلد العربي بات محرماً على أي عربي لا يرتبط بتبعية لإيران، فبالطبع فإن طلبهم هذا الذي أرفقوه بالتهديد لم تتم الاستجابة له، فهذا الرجل عراقي بالوراثة منذ حوالي مئة عام، وهو لم يتخلَّ عن هويته العراقية لحساب الجنسية البريطانية، التي قبلها غيره من بعض الذين "يزايدون" عليه الآن بالانتماء العراقي، وبالوطنية العراقية، والذين لو توافر لهم عُشر ما كان من الممكن أن يحصل عليه، لتخلوا حتى عن دجلة والفرات، وعن النجف وكربلاء!

الشريف علي بن الحسين، هو ابن خالة الشهيد فيصل الثاني، الذي تفنن الرعاع في سحله وسحل نوري السعيد، وكان عمره عامين فقط عندما وقع ذلك الانقلاب الدموي "المشبوه"، الذي باتت حتى غالبية العراقيين لا تذكره بالخير، وباتت تتحسر على ما قبله، بعدما مرَّ العراق بكل ما مرَّ به من ويلات ونكبات ومذابح اختطفت أعمار أهم رموز ورفاق الحزب، الذي أصبح مطية للأكثر استبداداً حتى من ستالين.

لقد نجا الشريف علي، ابن العامين، من مذابح ذلك الانقلاب الأسود، الذي سُمي زوراً وبهتاناً ثورة، لا يزال حتى بعض الذين دفعوا الثمن غالياً يحتفلون بذكراها السنوية حتى الآن، بأعجوبة، وانتقل مع أمه إلى لبنان، ثم إلى بريطانيا، حيث انضم لاحقاً إلى صفوف المعارضين الذين توكأوا على هذا الانقلاب، وارتكبوا بعد وصولهم إلى الحُكم من الجرائم أكثر مما ارتكبه الذين سبقوه إلى أن عاد إلى وطنه، العراق، في مقدمة العائدين، وهو يحمل وثيقته العراقية القديمة، التي تشير إلى أنه من أم وأب عراقيين.

والسؤال هنا: كيف يقبل العراقيون الذين عاش أجدادهم وآباؤهم مع فيصل الأول وغازي وفيصل الثاني سنوات بلا مذابح جماعية ولا وجبات إعدام ولا زنازين، الداخل إليها مفقود والخارج منها مولود، بأن يصل التدخل الإيراني في العراق، الذي لا عروبة من دونه، ولا أمة عربية من دون شعبه، إلى هذا الحد... إلى حد الطلب من عراقي سليل المحتد، بمغادرة وطنه ووطن آبائه وأجداده... وبأوامر وتعليمات قاسم سليماني... هل يقبل العراقيون بأن يصل التعدي على سيادتهم وسيادة بلدهم إلى هذا الحد؟

أحرام على بلابله الدوح... حلال للطير من كل جنس