في وقت يبدو أن العلاقة بين السعودية وإيران تتجه إلى المزيد من الجمود والتوتر، أكدت طهران، اليوم، أن الإيرانيين لا يمكنهم أداء فريضة الحج إلى مكة في سبتمبر المقبل على خلفية عدم توصلها إلى اتفاق مع الرياض بشأن حادث التدافع الذي أودى بآلاف الحجاج في منى العام الماضي.

Ad

واتهمت الجمهورية الإيرانية الرياض بوضع "قيود وعراقيل"، وقال وزير الثقافة والإرشاد الإسلامي في إيران، علي جنتي، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الرسمية إن "الظروف غير مهيأة والوقت فات"، مضيفا أن "العرقلة مصدرها السعودية".

وأشار جنتي إلى أن "رئيس منظمة الحج عقد 4 جلسات مع وزير الحج السعودي، وكان سلوكهم فاترا جدا وغير لائق، ولم يوافقوا على مقترحاتنا بشأن التأشيرة والنقل الجوي وتوفير أمن الحجاج".

وأوضح أن "رئيس منظمة الحج سعيد أوحدي "تعرض لمشاكل عديدة عندما توجه إلى السعودية، منها الاحتقار والتهديد وبصمات الأصابع وتفتيش حقائبه، رغم حيازته جواز سفر دبلوماسياً".

وأشار الوزير إلى أن "المسؤولين السعوديين لم يعدوا بمنح التأشيرة للحجاج الايرانيين، ورأوا انه على الحجاج الإيرانيين التوجه إلي بلد ثالث للحصول على التأشيرة، ما يشير إلى عدم توافر الظروف لأداء مناسك الحج".

وطلبت إيران أن تمنح تأشيرة الدخول على الأراضي الإيرانية رغم قطع العلاقات الدبلوماسية بين القوتين الاقليميتين الكبريتين في الثالث من يناير الماضي.

من جهته، قال أوحدي اليوم إن الرياض "رفضت أيضا منح تصاريح لشركات الطيران الإيرانية بالتوجه الى السعودية" لنقل الحجاج. وأضاف: "مع الأسف في السعودية أجواء سياسية مناهضة جدا لإيران".

وعلى الرغم من قطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين في يناير الماضي، جرت محادثات في أبريل الماضي في الرياض بين السعوديين والإيرانيين لتحديد شروط الحج، بعد عام على الصدمة التي أثارها مقتل حوالي 2300 حاج، بينهم أكثر من 450 إيرانيا في تدافع كبير بمشعر منى قرب مكة خلال سبتمبر 2015.

واتهمت طهران حينذاك الرياض بأنها "غير مؤهلة لتنظيم الحج".

واتخذت الرياض قرار قطع العلاقات بعد الهجوم على سفارتها في طهران من قبل إيرانيين كانوا يحتجون على إعدام رجل الدين السعودي الشيعي المعارض نمر النمر.

وبعد الهجوم الذي دانته السلطات الإيرانية، قطعت الرياض علاقاتها الدبلوماسية مع طهران وكذلك كل العلاقات التجارية والاقتصادية، ومنعت الرحلات الجوية بين البلدين.

عملة واحدة

في غضون ذلك، حملت السعودية النظام السوري وإيران مسؤولية انتشار التطرف والنزعات الطائفية في المنطقة.

وقال مندوب السعودية في مجلس الأمن، عبدالله المعلمي، اليوم، إن استنجاد (الرئيس السوري) بشار الأسد بمجموعات ترفع شعارات طائفية (موالية لإيران) أوجد بيئة لتقوية التطرف في سورية، مضيفا: نحن نرى أن النظام والجماعات المتطرفة وجهان لعملة واحدة، وأن المجتمع الدولي تخاذل في حماية الشعب السوري.

واتهم المعلمي إيران بتغذية الفكر المتطرف في العالم، من خلال الدعم الذي تقدمه للميليشيات والجماعات المتطرفة.

والسعودية وإيران على خلاف علني حول جميع الأزمات الإقليمية، وتتبادلان الاتهامات بالسعي إلى توسيع نفوذهما في المنطقة.

فهما تتواجهان بشكل غير مباشر في سورية، حيث تدعم طهران نظام الرئيس الأسد، بينما تدعم الرياض مسلحي المعارضة.

وتختلفان حول اليمن، حيث تدعم إيران "أنصار الله" وتدين باستمرار عمليات القصف التي يشنها التحالف العربي بقيادة السعودية. أما السعوديون فيتهمون الإيرانيين بالتدخل في الشؤون اليمنية.

تقرير سري

إلى ذلك، تستعد واشنطن لنشر تقرير سري بالغ الحساسية بشأن اعتداءات 11 سبتمبر 2001، محفوظ في خزينة بالكونغرس منذ 15 عاما، في حين تؤكد الرياض عدم وجود أي عناصر تدينها في هذه الاعتداءات.

وقد تنشر السلطات الأميركية التقرير الواقع في 28 صفحة في يونيو المقبل، في أجواء من الفتور في العلاقات التاريخية التي أرسيت أسسها في 1945 بين الولايات المتحدة والمملكة السعودية النفطية.

ويغذي الحذر المتبادل بين البلدين الحليفين الانفراج بين واشنطن وطهران. ولم يتبدد هذا الحذر خلال الزيارة الأخيرة التي قام بها الرئيس باراك أوباما في نهاية أبريل الماضي إلى الرياض.

وفي ديسمبر 2002 وبعد عام على أسوأ اعتداءات وقعت على الأراضي الأميركية (حوالي 3 آلاف قتيل) تبناها تنظيم "القاعدة"، وضعت لجنتا الاستخبارات في مجلسي النواب والشيوخ تقريرا بعد تحقيق.

لكن الرئيس الأميركي حينذاك جورج بوش الابن نزع منه 28 صفحة، أمر بفرض السرية عليها رسمياً، لحماية أساليب ومصادر الاستخبارات الأميركية. ومنذ ذلك الحين، وضع التقرير في خزينة داخل قبو مقر البرلمان، (الكابيتول).

لكن قبل شهر، طالب النائب السابق لرئيس لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ السيناتور السابق عن فلوريدا بوب غراهام بكشف هذه الصفحات الغامضة.

واتهم مسؤولون سعوديون، وخصوصا كوادر في السفارة في واشنطن والقنصلية في كاليفورنيا حينذاك بتقديم دعم مالي إلى خاطفي الطائرات الانتحاريين في اعتداءات 11 سبتمبر. وكان 15 من منفذي الهجمات الـ19 سعوديين.

لكن الرياض أكدت في الأيام الأخيرة أنها لا تخشى شيئا من هذه الصفحات الـ28.

(الرياض، طهران ـ أ ف ب، رويترز، د ب أ)