وسط تضييقات أمنية من جهة، وتحرشات أنصار النظام من جهة أخرى، عقد نحو 5 آلاف صحافي، في مقر نقابتهم، جمعيتهم العمومية، وطالبوا خلالها الرئيس عبدالفتاح السيسي بالاعتذار الرسمي، وإقالة وزير الداخلية، مع الاتفاق على كسر حظر النشر في قضية الصحافيين عمرو بدر ومحمود السقا.
في خطوة من شأنها أن تزيد تصاعد مواجهة قائمة بين نقابة الصحافيين ووزارة الداخلية في مصر أعلنت الجمعية العمومية للنقابة أمس مطالبتها مؤسسة الرئاسة بتقديم "اعتذار واضح عن اقتحام" مقر النقابة وتمسكها بإقالة وزير الداخلية.ووسط حشود أمنية غفيرة، وتجمع للعشرات من مؤيدي النظام في محيط نقابة الصحافيين، عقد نحو 5 آلاف صحافي جمعيتهم العمومية الطارئة، واتفقوا خلالها على كسر حظر النشر الذي أقرته النيابة العامة في قضية حبس الصحافيين عمرو بدر ومحمود السقا.وبينما بدا أنه إصرار من الصحافيين على إحراج النظام الذي صمت تجاه الأزمة حتى أمس، قررت عمومية الصحافيين توحيد "لوغو" الصحف الصادرة اليوم وغدا، وحثت جميع الصحف القومية والخاصة على "تسويد" الصفحة الأولى لها الأحد المقبل.وأمهلت النقابة النظام حتى الثلاثاء المقبل لتنفيذ قراراتهم، مع الامتناع عن تناول أخبار وزارة الداخلية أو ذكر اسم وزير الداخلية مجدي عبدالغفار، مع الاكتفاء بنشر صورته "نيجاتيف" بالأبيض والأسود فقط.وقال نقيب الصحافيين يحيى قلاش: "الصحافيون جنود المعركة وأصحاب حق، وسينتصرون مهما كلفهم الأمر"، مؤكدا أن "من اختار خطابا تصعيديا وتحريضيا ضد النقابة سيلقن درسا لن ينساه".واضاف قلاش: "النقابة هي قلعة الحريات، وما حدث تحريض على الصحافيين لن نسمح به، ومتمسكون بإقالة وزير الداخلية، ولن نتراجع عن ذلك"، فيما ذكر سكرتير عام النقابة جمال عبدالرحيم ان "الدولة لديها اتجاه عام بكسر شوكة الصحافيين، منذ ان استقبلت النقابة تظاهرات 15 أبريل، للاعتراض على تنازل مصر على جزيرتي تيران وصنافير".إدانة الحصارفي غضون ذلك، دخل المجلس الأعلى للصحافة على خط الأزمة، إذ أعلن تضامنه الكامل مع النقابة في موقفها المدافع عن الحريات وكرامة المهنة، ودان المجلس، في بيان، حصار قوات الأمن مقر النقابة وإغلاق الشوارع المحيطة بها، والتضييق على دخول الصحافيين، مطالبا خلال اجتماعه الطارئ السلطات المختصة بفك الحصار وإعادة الأمور إلى طبيعتها والتصرف بطريقة مسؤولة ولائقة.ولم تسمح قوات الأمن إلا لحاملي بطاقة هوية النقابة بالوصول إليها، فيما قال شهود عيان إن حافلات كانت تقل أنصار النظام وصلت صباحا إلى محيط النقابة، وقامت تلك المجموعات بالتحرش بالصحافيين أثناء دخولهم، عبر سبهم وتوجيه إشارات خارجة لهم، بينما انضم نحو 100 محام إلى وقفة الصحافيين لإعلان التضامن معهم.اجتماعإلى ذلك، عقد مجلس نقابة الصحافيين اجتماعا برؤساء تحرير الصحف القومية والحزبية والمستقلة، وكبار الكتاب الصحافيين، للاستقرار على الإجراءات التي تم عرضها في عمومية الصحافيين، واستقر رؤساء التحرير على تجديد الثقة بالمجلس والنقابة، وتأكيد عدم رفع أي شارات أو هتافات سياسية، وعدم التطرق لأي قضايا سياسية.وفي حين، لم يلق اقتراح احتجاب الصحف صدى واسعا في الاجتماع، أثار اقتراح رئيس مجلس إدارة مؤسسة الأخبار، المقرب من مؤسسة الرئاسة، ياسر رزق، بـ"تشكيل لجنة حكماء" لإدارة الأزمة، جدلا واسعا، خاصة بعد الإشارة إلى أن من مهام المجلس طلب لقاء الرئيس عبدالفتاح السيسي، إذ اعتبر كثير من الصحافيين الاقتراح تفريطا، وأن مؤسسة الرئاسة ومجلس الوزراء يلتزمان الصمت تجاه القضية، ولم يصدرا بيانات حولها حتى أمس.من جانبها، جددت النقابية أمينة شفيق، أحد حاضري اجتماع مجلس النقابة، الثقة بالمجلس، وقالت: "المجلس هو المسؤول الوحيد، ولا أحد يتدخل في شؤوننا ونحن مع المجلس، وهذه معركة نقابية وليست سياسية"، كما أعلن النواب الصحافيون مشاركتهم في الاجتماع والالتزام بما تقره العمومية.حظر النشرفي السياق، وفي خطوة قضائية اعتبرها مراقبون مثيرة للدهشة، أعلنت النيابة العامة أن إجراءات ضبط وإحضار الصحافيين عمرو بدر ومحمود السقا، من نقابة الصحافيين، يتفق وصحيح القانون والدستور، كون ضبطهما جاء بناء على صدور مذكرة توقيف من النيابة، وأن المتهمين منسوب إليهما جرائم جنائية معاقب عليها وفقا لقانوني العقوبات والإرهاب، وهي جرائم غير متعلقة بعملهما الصحافي والمهني.وأشارت النيابة، في بيان مساء أمس الأول، إلى أن مقر نقابة الصحافيين لا يستعصي على ضبط وإحضار المتهمين اللذين اعتصما به، باعتبار أن هذا الضبط كان تنفيذا لقرار قضائي صادر من النيابة، الأمر الذي أباحه الدستور والقانون حتى لحرمة المسكن الخاص الذي تتعاظم حرمته عن أي مكان آخر. وألمح بيان النقابة إلى احتمالية مساءلة نقيب الصحافيين يحيى قلاش، قانونيا حال ثبوت اتفاقه مع المتهمين على الاحتماء بمقر النقابة، لحين توسطه لدى سلطات التحقيق لإلغاء القرار، أو تفاديا لتنفيذ أمر الضبط والإحضار.وقررت النيابة حظر النشر في التحقيقات، التي تجرى بمعرفتها، في جميع وسائل الإعلام المسموعة والمرئية، وكذلك الصحف والمجلات القومية والحزبية اليومية والأسبوعية، المحلية والأجنبية، وغيرها من النشرات أيا كانت، وكذلك المواقع الإلكترونية، لحين انتهاء التحقيقات، عدا البيانات التي تصدر من مكتب النائب العام بشأنها.وذكر الفقيه الدستوري نور فرحات ان "اقتحام قوات الأمن مبنى نقابة الصحافيين مخالف للمادتين 76 و77 من الدستور، باعتبار أن النقابات كيانات مستقلة لا يجوز اقتحامها أو دخولها إلا على الوجه المبين من القانون، كما أن المادة 70 من لائحة نقابة الصحافيين تنص على عدم جواز تفتيش نقابة الصحافيين ونقاباتها الفرعية إلا بمعرفة أحد أعضاء النيابة العامة وبحضور نقيب الصحافيين أو من يمثله"، مطالبا في تصريحات لـ"الجريدة" بضرورة وضع ضوابط لقرارات حظر النشر.تمديد «الطوارئ»على صعيد آخر، أصدر السيسي قرارا جمهوريا بإعلان مد حالة الطوارئ، وحظر التجوال المفروضة منذ أكتوبر 2014 في عدد من مناطق محافظة شمال سيناء لـ3 أشهر أخرى، فيما عقد اجتماعا مع وزير الدفاع الفريق أول صدقي صبحي، أمس، وتم خلاله استعراض الجهود المبذولة لمكافحة الإرهاب في سيناء.إلى ذلك، أعلن مصدر أمني تصفية 19 "تكفيريا" وإصابة 19 آخرين، فيما قتل مجند إثر انفجار ناسفة استهدفت مدرعة أمنية في مدينة الشيخ زويد. في سياق آخر، حصل رئيس الوزراء الأسبق أحمد نظيف على حكم نهائي بالبراءة، بعدما قضت محكمة النقض ببراءته في قضية فساد سبق ان صدر فيها حكم بسجنه خمس سنوات عام 2012.
دوليات
«عمومية الصحافيين» تصعِّد وتتمسك بإقالة وزير الداخلية
05-05-2016