دخلت مشاورات السلام اليمنية المنعقدة بالكويت، أمس، منعطفاً خطيراً بعدما علق الوفد الحكومي مشاركته، وقال إن الجانب الآخر في المفاوضات يصر على رفض الاعتراف بالشرعية، وبينما رفض الوفد المشترك تولي نائب رئيس الجمهورية علي الأحمر لجنة عسكرية تتولي فك الاشتباك، ترددت أنباء عن تحفظ الوفد الحكومي عن مقترح دولي لإشراك الحوثيين في حكومة وحدة.

Ad

وصلت مشاورات السلام اليمنية التي انطلقت في 21 أبريل الماضي بالكويت إلى مفترق طرق أمس، حيث علق الوفد الممثل لحكومة الرئيس عبدربه منصور هادي مشاركته، متهما الطرف الآخر بالمشاورات برفض الاعتراف بالشرعية ومرجعيات الحوار، في حين ترددت أنباء عن تحفظه عن مقترح دولي بإشراك جماعة "أنصار الله" الحوثية في حكومة وحدة تقود مرحلة انتقالية.

وقال وزير الخارجية اليمني عبدالملك المخلافي، الذي يرأس الوفد الحكومي في "تغريدات" عبر "تويتر"، أمس، إن المتمردين "بعد شهر من مشاورات الكويت ينسفون المشاورات من أساسها بعدم القبول بالمرجعيات والأسس وعلى رأسها الشرعية".

وأضاف "طلبت من مبعوث الأمم المتحدة إسماعيل ولد الشيخ أحمد عدم السماح للانقلابيين بإضاعة المزيد من الوقت، وأن يعيد الحوار معهم بإلزامهم بالمرجعيات قبل استئناف المشاورات".

وكان الوفد الحكومي المدعوم من التحالف العربي بقيادة السعودية، علق مطلع مايو الجاري مشاركته في المشاورات المباشرة مع الحوثيين وحلفائهم من الموالين للرئيس السابق علي صالح، بعد سيطرتهم على معسكر في شمال البلاد، رغم وقف إطلاق النار الذي بدأ تطبيقه منتصف ليل 10-11 أبريل.

في موازاة ذلك، كشفت مصادر يمنية رفيعة المستوى أن بعض الأطراف الدولية طرحت مسألة تشكيل حكومة وحدة وطنية، مشيرة إلى أن الوفد الحكومي بمشاورات الكويت يتحفظ عن المقترح، ويعتبر "طرح تشكيل الحكومة قبل إنهاء الانقلاب نوع من التمنيات والأفكار التي تطرح خارج سياقها الرسمي".

رفض الأحمر

في المقابل، أفادت قناة "العالم" الإيرانية نقلا عن مصادر بمشاورات الكويت أن الوفد المشترك رفض رفضا قاطعا لترشيح الجانب الآخر نائب رئيس الجمهورية اليمنية علي الأحمر لتولي رئاسة لجنة عسكرية تهدف للإشراف على تثبيت وقف إطلاق النار الساري باليمن، وتعمل لاحقاً على فك الاشتباك بين القوات. واعتبر الوفد المشترك أن طرح اسم الأحمر "محاولة لتعطيل المشاورات".

في السياق، ذكرت وكالة "سبأ" التابعة للحوثيين، أمس الأول، أن الوفد المشترك قدم مطالعة "في مناقشة الشرعية المزعومة لهادي"، وعرض "بدائل لنقل صلاحيات الرئاسة وفق مبدأ التوافق إلى سلطة بديلة".

جهود دولية

في غضون ذلك، تلقى المخلافي اتصالات عدة من سفراء المجموعة الدولية الراعية لمسار الحل السلمي للنزاع في محاولة لإنقاذ المشاورات التي لم تحقق تقدما ملموسا باستثناء اتفاق مبدئي على الإفراج عن نصف المعتقلين لدى الطرفين قبل بدء شهر رمضان.

وكان ولد الشيخ أكد الأحد الماضي أن مرجعيات التفاوض هي المبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني وقرار مجلس الأمن 2216 الصادر في أبريل 2015.

وأتاحت المبادرة الخليجية في عام 2012 خروج الرئيس السابق صالح من الحكم تحت ضغط الشارع، ومهدت للحوار حول مستقبل اليمن الذي انهار في سبتمبر 2014 مع سيطرة المتمردين على صنعاء.

أما قرار مجلس الأمن فينص على انسحاب المتمردين من المدن التي سيطروا عليها بالقوة منذ عام 2014 وتسليم الأسلحة الثقيلة.

وعلى رغم الجلوس إلى طاولة واحدة، لاتزال هوة عميقة تفصل بين الطرفين، خصوصا حول قرار مجلس الأمن، إذ تشير مصادر متابعة لسير المشاورات إلى أن المتمردين يرغبون في تشكيل حكومة انتقالية توافقية لبحث تنفيذ القرار، بينما يشدد الوفد الرسمي على أن حكومة هادي تمثل الشرعية.

كما يتبادل الطرفان دوريا الاتهامات بخرق اتفاق وقف النار.

اجتماع رباعي

وقبل ساعات من تعليق الوفد الحكومي لمشاركته، عقد رؤساء وفود الحكومة و"أنصار الله" و"المؤتمر الشعبي" اجتماعا رباعيا حضره 4 أعضاء من كل فريق إضافة إلى ولد الشيخ لمناقشة عدد من القضايا الخلافية ومنها الترتيبات الأمنية والمسار السياسي والأطر المقترحة للاتفاق عليها.

وناقش المجتمعون رؤى ومقترحات آليات استعادة مؤسسات الدولة واستئناف الحوار السياسي ومواقف الطرفين منها من أجل تقريب وجهات النظر وجسر الهوة حولها، الى جانب الخطوات والآليات المطلوبة لتنفيذ الترتيبات الأمنية الواردة في قرار مجلس الأمن، وفي مقدمتها الانسحاب وتسليم السلاح.

وكان المبعوث الأممي قد ذكر في مؤتمر صحافي عقده أمس الأول أن الوفود أظهرت "تجاوبا مبدئيا" حيال القضايا المطروحة على جدول الأعمال، إلا أنه أكد أن النقاش لايزال جاريا حول الطريقة الأفضل للتوصل إلى مسار سلمي في اليمن.

ودعا ولد الشيخ الأطراف اليمينة إلى التركيز على الأولويات، وقال إن الأيام المقبلة ستكون حاسمة في مسار المشاورات، مشدداً على أن "هناك أرضية يمكن البناء عليها، وهذا ما نعمل عليه الآن".

إلى ذلك، قالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) إن 1600 مدرسة في اليمن أغلقت بسبب انعدام الأمن في البلاد.

وأوضحت المنظمة في تدوينة على "تويتر" أن المدارس أغلقت بسبب استخدم الجماعات المسلحة لها، أو تحولها إلى مأوى للمواطنين النازحين بسبب الحرب.

مساعدات تركية

على صعيد آخر، أنهى وفد تركي أمس زيارة ميدانية لمحافظة عدن، اطلع خلالها على مواقع مقترحة لتركيب مولدات كهرباء، مقدمة من تركيا كمنحة، تبلغ قوتها 200 ميغاوات، تمهيدا لتركيبها عقب وصولها من أنقرة خلال الأيام القليلة المقبلة.

الزياني يؤكد أهمية استمرار مشاورات الكويت

أكد الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي د. عبد اللطيف الزياني، أمس، أهمية استمرار المشاورات السياسية الجارية في الكويت للتوصل إلى اتفاق نهائي لتسوية الأزمة اليمنية وفق المبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني وقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216.

ودعا الزياني، خلال اجتماع في الرياض مع المبعوث الخاص للمملكة المتحدة إلى اليمن آلن دانكن، إلى ضرورة الالتزام بوقف إطلاق النار، وفك الحصار عن مدينة تعز ووقف القصف الذي تتعرض له الأحياء السكنية في المدينة. وبحث الجانبان، وفقا لما اوردته الأمانة العامة لمجلس التعاون، علاقات الصداقة والتعاون القائمة بين دول مجلس التعاون والمملكة المتحدة وسبل تطويرها في مختلف المجالات. كما تم بحث الأوضاع السياسية والأمنية والإنسانية في الجمهورية اليمنية وآخر مستجدات المشاورات السياسية بين الأطراف اليمنية التي تجري في الكويت.