جريمة غزة والمسؤول الحقيقي!
أطرف ما سمعناه وقرأناه قبل أيام أن "حماس"، على لسان إسماعيل هنية، حملت الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن)، المبعد من قطاع غزة منذ نحو عشرة أعوام، مسؤولية احتراق ثلاثة أطفال، رحمهم الله، لخطأ في إشعال عدد من "الشمعات"، بسبب انقطاع الكهرباء في "القطاع"، أدى إلى حريق في منزل ذويهم تسبب في هذه الكارثة بوفاتهم جميعا... والسؤال الذي يجب أن يطرح في هذا المجال: يا ترى على مَن تقع المسؤولية؟!"حماس"، التي استغلت الفرصة، وأقامت لهؤلاء الشهداء جنازة مفتعلة، حملت المسؤولية لـ "أبو مازن" الذي كانت قد طردته من قطاع غزة عقب انقلابها العسكري عام 2006، ذلك الانقلاب الذي "أهدى" إلى الشعب الفلسطيني دولة ملتحية إلى جانب دولة الضفة الغربية التي اعترفت بها الأمم المتحدة دولة تحت الاحتلال، والتي مهما قيل فيها إلا أن ما يميزها هو أنها لا ولي أمر لها في طهران.
يأخذ إسماعيل هنية على محمود عباس (أبو مازن) أنه لم يمول إمدادات الكهرباء الإسرائيلية إلى قطاع غزة، وبالتالي فإنه بادر إلى إطلاق سلسلة تصريحات عرمرمية حمل فيها الرئيس الفلسطيني مسؤولية الكارثة التي حلت بالأطفال الغزيين الثلاثة وبعائلتهم... وحقيقة إن هذه المسألة لا نقاش فيها لو أن "حماس" لم تقم بانقلابها العسكري عام 2006، وتطرد السلطة الوطنية ومؤسساتها من "القطاع" الذي تحول إلى "دوقية" إيرانية، مثله مثل ضاحية بيروت الجنوبية التي يحرسها حزب الله ويرعى شؤونها وشجونها حسن نصر الله. ربما الشيخ إسماعيل هنية، الذي سعت إليه الزعامة، وهو سعى إليها بعد استشهاد الشيخ المجاهد فعلاً أحمد ياسين، تجنب استحضار مشهد إلقاء أبناء حركة فتح من فوق أبراج غزة المرتفعة، وتجنب استحضار ترك "الرعاع" ينهبون منزل ياسر عرفات.إن من حق أهل غزة، وليس إسماعيل هينة ولا أي من قادة "حماس"، أن يعتبوا على (أبو مازن) بالنسبة لانقطاع بعض مصادر الكهرباء عن "القطاع"، إذ إنه هو المسؤول، بحكم موقعه وتاريخه ومسيرته، عن كل طفل فلسطيني في أي ركن من أركان الكرة الأرضية... لكن ألا يستدعي قول كلمة الحق تحميل المسؤولية بالنسبة لهؤلاء الأطفال الشهداء، وأيضاً بالنسبة لغيرهم، للذين نفذوا انقلاب عام 2006 الدموي وفصلوا القطاع عن الضفة الغربية وأخرجوه نهائياً من ذمة السلطة الوطنية، وأدخلوه في ذمتهم بكل ما فيه من أطفال، ومن شعب يسجل له أن الثورة الفلسطينية المعاصرة بدأت من عنده.كان على إسماعيل هنية ألا يهرب من مواجهة الحقيقة، وألا يستغل ظرفاً إنسانياً، موجعاً ومحزناً، لتسديد حسابات سياسية، وكان عليه أن يتحلى ولو بالحد الأدنى من الشجاعة، ويعترف بأن الجريمة الحقيقية هي ذلك الانقلاب الذي نفذته "حماس" عام 2006، بأوامر إيرانية شارك فيها النظام السوري... وهكذا وبالتالي فإن المسؤول عن كل هذه الويلات هو من نفذ هذا الانقلاب، الذي حقق لإسرائيل أمنية كانت في انتظار تحقيقها وعلى أحر من الجمر!