عامان من صدور الأحكام القضائية الصادرة لقرابة ٢٥٠ قاضياً ومستشاراً في القضاء ضد الحكومة بطلب إلزام الحكومة ممثلة بوزارتي العدل والمالية بإصدار القرارات التنفيذية لقرارات المجلس الأعلى للقضاء بإنشاء التأمين الصحي والاجتماعي للقضاة والمستشارين، وإقرار مكافأة نهاية الخدمة لهم، والحكومة لم تف بوعودها بعد لتنفيذ الأحكام القضائية الصادرة باسم سمو أمير البلاد!

Ad

عامان والوعود الحكومية التي بدأها وزير الدولة وزير العدل بالوكالة محمد العبدالله في اجتماع حضره بالمجلس الأعلى للقضاء، ثم أكملها وزير العدل وزير الأوقاف الحالي، إلا أنها لم تدخل حيز التنفيذ، وهي والعدم سواء، ثم تحولت تلك الوعود إلى مشروع قانون ينظمها بشكل واضح ومتسق مع أحكام الدستور، حسبما أعلن الوزير ذلك، إلا أن ذلك المشروع كشف عن سعي الحكومة إلى محاولة الانقضاض على السلطة القضائية، وتكبيل ما تبقى لها وفق القانون الحالي من صلاحيات منحها للمجلس الأعلى للقضاء، إلا أن تدارك القضاة ومعهم المجلس الأعلى للقضاء إلى حقيقة الأهداف التي يستند إليها المشروع هو ما أوقف المخطط الذي يريد البعض تحقيقه بالتعامل مع ملف السلطة القضائية، وتحجيم صلاحياتها، والسعي إلى إبقائها قدر المستطاع كإدارة من إدارات وزارة العدل!

عامان من الانتظار لتنفيذ الأحكام القضائية وعدم الرغبة في إنجاز مشروع استقلال السلطة القضائية مالياً وإدارياً، يحق لنا أن نسأل: أين قانون استقلال السلطة القضائية من اهتمامات المجلس الحالي ولجانه، خاصة أن الحكومة منحت الوقت الكافي لإنجاز مطالب القضاء دون جدوى لقرابة عامين، ولم يتبق سوى مصداقية المجلس لتحقيق تلك المطالب التي منها ما هو حق للقضاة، ومنها ما هو التزامات عليهم؟

بعد مضي تلك الفترة التي أعقبها لجوء عدد من القضاة إلى رفع دعاوى قضائية للمطالبة بصرف فواتير التأمين الصحي وحكم بها لصالحهم، يقيم عدد من القضاة دعاوى للمطالبة ببدل تعليم لأبنائهم في المدارس الخاصة، ويحكم لهم والبعض الآخر سيطالب بصرف مكافأة نهاية الخدمة لهم وسيحكم لهم، وسيتطور الأمر إلى شكاية وكيلي العدل والمالية لتنفيذ الأحكام القضائية أمام النيابة العامة لتنفيذها!

أمام المجلس فرصة تاريخية في إقرار قانون يكفل للسلطة القضائية الاستقلال الإداري والمالي تأكيداً لما قرره الدستور من اعتبار القضاء سلطة شأنها شأن السلطات الأخرى، وهو ما يتعين على المجلس تعزيز سلطاتها وإزالة كل قيد يعوق تقدمها، وإجازة كل نص بما يطلق صلاحياتها، فاستقرار الأنظمة باستقرار القضاء.