ريتا حايك: كل شيء مسموح على خشبة المسرح
بعد النجاح الجماهيري الذي حققته في مسرحية «فينوس»، عادت الممثلة اللبنانية ريتا حايك إلى الدراما اللبنانية في المسلسل المرتقب «حب حرام» (كتابة كلوديا مرشليان، وإخراج سمير حبشي، وإنتاج مروى غروب) الذي تجسّد فيه شخصية جديدة تضاف إلى سلسلة شخصياتها المرّكبة والصعبة.إلى ذلك لديها مشاريع سينمائية ومسرحية فضلا عن برنامج إذاعي أسبوعي.
حول أعمالها وشخصياتها تحدثت إلى «الجريدة».ما تفاصيل شخصيتك الجديدة في «حب حرام»؟أؤدي دور نسرين، فتاة فقيرة تتزوج رجلا يكبرها سنّاً تعويضاً عن علاقتها بوالدها، ما يُحدث صدمة في عائلته خصوصاً أنها من جيل ولديه. وترتبط نسرين في سياق الأحداث بعلاقة شغف بابن زوجها (كارلوس عازار) المرتبط أساساً بفتاة (جويل داغر)، ما يؤدي إلى مشكلات وتعقيدات عدّة، من هنا العنوان «حب حرام».يضم المسلسل مجموعة من الممثلين المخضرمين إضافة إلى جيل الشاب المتمرّس في المهنة أيضاً، ما انعكاس هكذا توليفة على نوعية العمل؟مهمّة جداً، خصوصاً أن المايسترو هو المخرج سمير حبشي، ونحن كممثلين شباب تتلمذنا جامعياً على يده، لذا شعرنا براحة ومتعة وسلاسة في العمل إضافة إلى مهنيّة ودقّة في الأداء وانضباط في التصوير.اعتدنا أدوارك المركبّة والصعبة كأنها أُسقطت على قدراتك التمثيلية، فهل من مفاجأة جديدة في هذا الدور أيضاً؟إنه دور مختلف عن أدواري المسرحية والتلفزيونية. أفرح لعلمي بأن الأدوار التي أؤديها لا يمكن لممثلة أخرى تقديمها، ما يزيدني حماسة ومسؤولية.قدّمتم «فينوس» مجدداً بعد مضيّ عام، فهل لاقت الترحيب الجماهيري نفسه؟كانت عودة قويّة وذات انطباع جميل. بعد مرور عام والابتعاد مسافة معيّنة عن الشخصيات، كان لا بد من حدوث تغيير ما، لا سيما أننا كأشخاص نتغيّر مع الوقت وننضج أكثر بفضل التجارب التي نعيشها.ألم تجدي صعوبة في العودة إلى شخصية «فندا»؟طبعاً، فكل عرض نقدمه بمثابة عرض أوّل.لماذا لم تقدموا مسرحية جديدة؟عندما اتخذنا قرار توقيفها كانت في أوّج نجاحها الجماهيري وتحقق نسبة إقبال كثيف، لكننا تعبنا وقررنا الاستراحة لفترة والسفر، لذا كانت عودتها حتمّية خصوصاً أن ثمة جمهوراً يرغب في مشاهدتها. من جهة أخرى، نستعدّ لعرضها خارج لبنان إضافة إلى مشروع مسرحي جديد محتمل في الخريف المقبل.هل التخلّي عن «فندا» صعب خصوصاً أنك متأثرة بها؟صحيح أنني تأثرت بها ولكن لم يكن التخلي عنها صعباً، خصوصاً أنني خططت للسفر بعد توقّف المسرحية لتجديد ذاتي تمهيداً لاستقبال شخصيات جديدة. «فندا» جزء منّي، وضعت شيئاً من ذاتي فيها وتركتها تؤثر فيّ وفي حياتي. عندما عدنا إلى المسرحية كنت طيّعة في عودتي إلى شخصيتها، وأضفت شيئاً من التجارب التي عشتها في خلال ذلك العام.تتجرّدين من ذاتك على الخشبة وتنفصلين عن الواقع، فأي شعور تمنحك إيّاها تلك الوقفة؟المسرح عالم ثانٍ خاص بي ابتكرته من دون حدود، كل شيء فيه مسموح وهناك ننفصل عن الواقع إلى العالم الذي خلقناه. منذ طفولتي أبتكر حيوات مختلفة، لكنني اكتشفت في مرحلة النضوج سبب هذا الشغف، وبرأيي ميزة الفنان عموماً أنه قادر على اكتشاف شخصيات عدّة موجودة في داخله والذهاب من خلال أعماله إلى عالمها الخاص، لذا يقصد الناس الذين لا يدركون كيفية التعبير عن شخصياتهم الدفينة، المسرح والسينما لرؤية والاستماع إلى ما لا يستطيعون التعبير عنه.عفوية... وأدوارهل الوقوف اليومي على الخشبة بمثابة تجديد ذاتي؟تجديد وابتكار وانتقال إلى عالم آخر، فضلا عن أن المسرح تمرين مكثّف للتركيز وعيش اللحظة، فإما نكون فيها أو نفقدها.تكرّسين ذاتك لإنجاح أعمالك إنما لا تأتي ردود الفعل دائماً إيجابية، فهل تُحبطين؟ يمنحني النقد الإيجابي رضا معيّناً لست بحاجة إليه راهناً، لأنني أريد الاستمرار في الاجتهاد والعمل. أمّا بالنسبة إلى الانتقادات السلبية، على غرار تلك التي طاولت صورة «فينوس»، فهي تغذيني لأنني أحوّل الترددات السيئة إلى طاقة إيجابية للعمل، فأنا إنسانة شغوفة وحسّاسة وأحب استثمار هذه الطاقة في العمل.عفوية وصادقة في الأداء إنما يخلط الجمهور ما بين حقيقة الممثل وشخصياته التمثيلية، ألا يعرضك ذلك لسوء تفاهم؟لا يهمّني كيف يراني الناس في الحياة بل كيف يرونني مهنيّاً في أعمالي الدرامية والمسرحية. إنهم أحرار ولا أحد يستطيع التحكّم برأيهم، لذا لا أعير هذا الأمر اهتماماً ولا أخشاه.كلّما قدّمت دوراً اعتبرت أن ما بعده ليس كما قبله، هل يعني ذلك أن أعمالك على مقدار توقعاتك؟طبعاً، فأنا ألبي طموحاتي كوني أعلم ماذا أريد وإلى أين أريد الوصول، فضلا عن أنني أتبع حدسي في الاختيار، وذلك بفضل نضوجي الفني فأرفض الأدوار التي لا تطوّرني أي تلك التي تشبه أعمالي السابقة أو تلك التي لا تحدي فيها.أليست السينما جزءاً من هذه الطموحات؟طبعاً، ثمة مشروع جديد قيد التحضير إنما لا يمكن التحدث عن أي تفاصيل راهناً.ما الذي تغيّر منذ عملك الأول «حلم آذار» وحتى «فينوس»؟شكّل مسؤولية كبيرة لأنني كنت عندها في عامي الجامعي الأول, من الطبيعي أن أكون قد تغيّرت أشواطاً، بفعل النضوج الفكري والمهني، إنما ما من شكّ في أن «حلم آذار» شكّل تجربة صعبة تعلّمت من خلالها الكثير.ما الذي تكسبينه من تقديم فقرة صباحية أسبوعية عبر إذاعة «أغاني أغاني»؟تجربة جميلة، ذلك أن الإذاعة مكان جديد أختبره. أحبّ تقديم برنامج تفاعلي مع الناس لذا أشعر بأن له نكهة جميلة أستمتع فيها وأتعلم منها أموراً جديدة، خصوصاً على صعيد إعداد مواضيع الحلقة بمعية فريق عمل والتحدث عن أمور معيّنة مع الناس وتبادل الآراء.أليس مهماً أيضاً على صعيد التواصل المباشر مع جمهورك؟طبعاً، عبّر بعض المتصلين عن فرحتهم بالتواصل معي خصوصاً أنني بعيدة منذ مدّة عن الإعلام، فضلا عن تحدّث البعض عن هدوئي وطاقتي الإيجابية، ما يفرحني لأنه إنعكاس لشخصيتي أيضاً.نجومية... ومسلسلات مشتركةرغم أن الدراما التلفزيونية أوسع انتشاراً وأهمّ إنتاجاً من المسرح، حققت نجومية من خلال الأخير. كيف تفسّرين ذلك؟لا تسبق الدراما المسرح إنما تدخل البيوت من دون استئذان على عكس المسرح الذي نقصده في مقابل بدل مادي. مع أن جمهور الاثنين يختلف جذبت «فينوس» جمهور التلفزيون إلى المسرح. إلى ذلك شكّلت أدواري المسرحية فرصة ذهبية لم يوّفرها لي التلفزيون إلا «حب حرام» الذي أصوّره راهناً وأعتبره فرصة ذهبية.حقق بعض الممثلات اللبنانيات نجوميّة على المسرح لكنهنّ لم ينتشرن عبر الشاشة، فهل تخشين أن تُحصر نجوميتك بالمسرح؟لم أفكّر بهذه الطريقة يوماً، خصوصاً أنني لست محصورة في مكان معيّن وأرفض أن أكون كذلك. دفعني تركيزي على المسرح إلى الاعتذار عن المشاركة في أعمال درامية ولا تهمني مسألة الانتشار التلفزيوني، فالأهم بالنسبة إليّ أن أكون في موقع أحبّه. إضافة إلى ذلك سأحقق في التلفزيون والسينما النجاح نفسه الذي حققته في المسرح، إنما لكل أمر توقيته.هل تفكّرين بالعودة إلى تقديم برامج تلفزيونية؟لا أفكر بها راهناً لأنني أركّز على التمثيل، كما أنني مكتفية بالبرنامج الإذاعي عبر «أغاني أغاني».لماذا تبتعدين عن الأعمال العربية المشتركة؟تلقيت عروضاً من الخليج والكويت خصوصاً أنني تعاونت معهما سابقاً، لكنني اعتذرت لانشغالي بمسرحية «فينوس» التي أبعدتني عن التلفزيون عموماً.هل مشاركتك عربياً تعطي صورة معيّنة عن المرأة اللبنانية؟لكل عمل درامي أو دور تمثيلي صورة تُظهر أحد جوانب المرأة اللبنانية الحقيقية. شخصياً، أعكس صورة المرأة التي لا يجرؤ أحد على تصويرها والتحدث عنها وإبرازها إلى العلن.