صعود ترامب نتيجة أم سبب أزمة الحزب الجمهوري؟

نشر في 10-05-2016 | 00:10
آخر تحديث 10-05-2016 | 00:10
No Image Caption
الترقب هو سيد الموقف هذه الأيام على جبهة الحزب الجمهوري، ورغم انسحاب المرشحين المنافسين للملياردير الشعبوي دونالد ترامب من السباق الرئاسي الأميركي، فإن الحزب لم يمر بهذه الحالة من انعدام الوزن والتشكيك كما هو حاله اليوم.

فترامب الذي كان يُفترَض أن يقود الجمهوريين في مواجهة خصومهم الديمقراطيين في نوفمبر المقبل، أنتج حالة من الانشقاق لا تبدو معها خيارات قيادات الحزب الجمهوري مبسطة، فعدد لا يستهان به من المرشحين الجمهوريين المنسحبين من السباق تراجع عن وعوده بتأييد ترامب، إذا رست المعادلة عليه.

وتكرر الأمر نفسه مع قيادات جمهورية تاريخية ومؤثرة أعلنت بدورها أن تأييدها لترامب دونه عقبات كبرى، ليس أقلها أسلوبه الشخصي في خوض معاركه مع خصومه، سواء من الحزب أو خارجه، ما جلب له الخصوم بنسب لم يكن يتوقعها أحد.

أهمية إحجام رئيس مجلس النواب الأميركي بول راين، مثلاً، عن تأييد ترامب حتى الآن، لا تنبع من مؤهلاته أو من موقعه الحزبي، فهو لا يزال في بداية صعوده السياسي الذي بدأ عملياً بعد خوضه السباق الرئاسي كنائب للمرشح الجمهوري ميت رومني عام 2012، الذي رفض هو الآخر دعم ترامب، وخاض معه سجالاً حاداً قبل أشهر قليلة.

لكن راين في النظام السياسي الأميركي هو الرجل الثالث في سلم السلطات، وجاء تعيينه رئيساً لمجلس النواب ضمن تسوية سياسية كان يستعد الحزب الجمهوري خلالها لإعادة التموضع عشية بدء السباق الرئاسي العام الماضي.

تصاعد وتيرة الإعلانات من قيادات جمهورية مشككة ليس فقط في حضورها مؤتمر الحزب بكليفلاند، يوليو المقبل، بل وفي دعم ترامب في نوفمبر خلال مواجهة هيلاري كلينتون، أعاد طرح فرضية تحدثت عن استعداد الحزب الجمهوري للتضحية بموقع الرئاسة حفاظاً على صورته أمام جمهوره، خصوصاً خلال انتخابات التجديد النصفي في مجلسي الشيوخ والنواب في نوفمبر المقبل، وتخوفه من خسارة سيطرته عليهما أيضاً.

لم يعد سراً القول، إن الحزب الجمهوري دخل أزمة سياسية ووجودية لم يسبق لها مثيل، وهي تعكس في جانب منها تخبطه في الرد على الخيارات التي فرضها الرئيس الحالي باراك أوباما، وكذلك التحديات العالمية التي فرضت نفسها على موقع الولايات المتحدة ودورها القيادي.

داخلياً، يحتار الحزب في كيفية إعادة توحيد الأميركيين، الذين لم يسبق أن استمعوا إلى خطاب أقل ما يقال عنه، إنه خطاب تحريضي مثير للكراهية السياسية والعرقية والدينية خلال أكثر من خمسين عاماً.

وقد تكون من المرات القليلة في التاريخ الأميركي الحديث وتاريخ الحزب الجمهوري أن يتحول فيه مرشحه إلى مرشح اللون الواحد والعرق الواحد والدين الواحد، إضافة إلى ابتعاد الأقلية السوداء واللاتين والمسلمين وغيرهم من أبناء الديانات الأخرى عنه.

حتى اللحظة لم يصدر ما يشير إلى أن الحزب في طريقه إلى التصالح مع ترامب، رغم الإعلانات المتكررة عن عقد لقاءات ثنائية ومشتركة معه لردم الهوة القائمة، لكن هناك من يتحدث عن احتمالات متواضعة لإعادة بناء أرضية مشتركة تعيد الحزب إلى قواعده، وترامب إلى رشده.

لكن حتى ذلك الحين يستمر الحزب في إعادة تجميع عناصر قوته، ويواصل ترامب حملته الانتخابية رغم غياب منافسيه، لعله ينجح في إجبار الحزب على القبول برؤيته، مستقوياً عليه بزخم القاعدة الغاضبة من كل شيء في واشنطن.

back to top