المخرج أحمد ماهر: التدريس لن يمنعني عن السينما
رغم بدايته السينمائية القوية في فيلم {المسافر} مع النجم العالمي عمر الشريف، والتي توقع البعض بعدها مخرجاً كبيراً يُقدم أفلاماً مختلفة، فوجئنا بتوقفه وابتعاده عن السينما منذ عمله الأول.
إنه المخرج أحمد ماهر الذي تنقل بين صناعة السينما ثم تحول إلى التدريس، والآن يعود إلى السينما بعملين كبيرين. عن أسباب ابتعاده وعودته كان لنا معه الحوار التالي.أخبرنا عن أستوديو تدريب الممثل الذي افتتحته.أنشأت مركزاً فنياً للتدريب في التمثيل والتصوير والإخراج والمونتاج، ليكون مركزاً للفنون في يوم ما ويتخرج فيه صانعو السينما في المجالات كافة، رغم أنه يستهلك الكثير من الوقت والجهد. كذلك أهوى التدريس ووجود فنانين على مستوى عال من الكفاءة والتدريب. لديَّ وجوه جديدة تتدرب وتأخد فرصها في العمل من خلال المركز وثقة المخرجين فيها، ولديَّ أيضاً بعض الزملاء الذين يرغبون دائماً في التعلم والتطور أو التدرّب على شخصية جديدة. تلقى التدريب عندي أخيراً كل من خالد الصاوي، خالد النبوي، داليا البحيري، حنان مطاوع، راندا البحيري وغيرهم من زملاء ونجوم.أين أنت بعد فيلم {المسافر}؟تقدمت بطلب دعم وزارة الثقافة على فيلم {بأي أرض تموت} وفزت بالمركز الأول ولكن لم يحدث أي شيء حتى الآن. الأعمال التي حصلت على مراكز ثانية من بعدي تم إنتاجها ومن بينها {فتاة المصنع} لمحمد خان. تغيّر وزير الثقافة أكثر من مرة ولم أحصل على حقي الذي تقدمت له وفزت به. داخل الوزارة لوبي كبير وشبكة علاقات ومصالح شخصية وتتحكم في الأمور كافة، ولأنني من خارج هذه الدائرة توقف مشروعي. لذلك فكرت في الهجرة إلى أوروبا للعمل والحصول على دعم مالي من إحدى المؤسسات، ولكني توقفت كي لا يُشكك أحد في وطنيتي أو يقول إنني اخترت التعامل مع أجنبي وليس الدولة ممثلة بالوزارة.لماذا يوجّه الاتهام دائماً إلى الإنتاج المشترك؟هو نوع من الجهل والسخف، منتشر في مصر للأسف. الإنتاج المشترك سائد في دول العالم، والفيلم الأردني {زيب} إنتاج مشترك وكثير من الأفلام الإفريقية كذلك. المخرج الراحل يوسف شاهين أيضاً كانت أعماله إنتاجاً مشتركاً وكثيراً ما تعرض للهجوم، ولكنه بإصرار وقوة تجاهل الهجوم حتى نجح وأظهر فشل المهاجمين. لدينا في مصر أزمة كبرى هي اعتقادنا بأننا محور الكون وأن دول العالم تتآمر ضدنا، وبالتالي من يلجأ إلى الإنتاج المشترك أو إلى أوروبا متآمر ووطنيته مشكوك فيها. أوصلنا هذا التفكير المتخلف إلى عدم القدرة على التعافي والتقدم. لا بد من تغيير هذه النظرة ودعم الإنتاج المشترك لأننا دولة فقيرة تحتاج إلى دعم كي نُقدم سينما جيدة، خصوصاً أن الدولة توقفت عن الإنتاج وعن مساعدة الصناعة بالكامل، وما نشاهده محاولات فردية لا يمكن أن تقوم صناعة سينما عليها، والحل في الإنتاج المشترك.أزمات... وجديد لماذا لم تلجأ إلى الدراما التلفزيونية، كما فعل بعض الزملاء؟بعد أزمة السينما وانخفاض الإنتاج السينمائي، قرّر عدد من المخرجين الاتجاه إلى الدراما التلفزيونية وتقديم أعمال بدلاً من التوقف نهائياً ولهم كل الحق في ذلك، أولاً لأن السينما كانت مصدر رزق لهم، وثانياً لأن من الصعب على المخرج التوقّف عن العمل لأنه يعشق الكاميرا. أما أنا فالعلاقة بيني وبين السينما ليست وظيفة أو عمل، إنما هي علاقة حب ولا أستطيع الابتعاد عنها، لذا انشغلت بالكتابة والتدريب.في رأيك، ما سبب أزمة السينما؟المنظومة كلها خطأ. دولة لا تعترف بأهمية الفن ولا الثقافة، وتخلت عن دورها في الإنتاج الفني أو حتى حماية الصناعة عن طريق القانون والتنظيم، أفراد يُسيطرون على الصناعة بهدف تحقيق أقصى ربح وفي سبيل ذلك قد يدمرون تجارب ناجحة أو يمنعون كفاءة أو موهبة عالية، فالمهم المصالح الشخصية. لدينا أيضاً اعتقاد خاطئ بأننا متفوقون ولدينا تاريخ كبير، ما منعنا من التقدم والتطور وتوقفنا عند التاريخ والماضي حتى تحولنا إلى متحف كبير غير قادرين على حمايته، والعالم كله يتطوّر من أمامنا ونحن ما زلنا في مكاننا.كيف ترى مشروع الـ10 أفلام الذي قدمه محمد العدل؟الفكرة جيدة، وأتمنى أن تنجح لأنها ستخدم صناعة السينما والسينمائيين. ولكن من خلال خبرتي في تعاملي مع وزارة الثقافة وجهات الإنتاج ومعظم القائمين على الصناعة، أرى أن الفكرة لن ترى النور إذ ستجد من يُوقفها ويضع لها المعوقات والعراقيل، لأننا في مصر ضد الأفكار الجديدة وضد النجاح، بل نعشق الفشل.ما تقييمك للسينما المستقلة؟السينما المستقلة هي المستقبل والسبيل الوحيد لتقديم سينما مختلفة وجيدة، لكن أزمتها في أنها صناعة فردية قائمة على العمل التطوعي والجهود الذاتية من شباب محبين للسينما. ولأننا في دولة تُهاجم الناجح وتحارب الشباب وكل جديد، تعرضت السينما المستقلة لكثير من المعوقات من الكيانات الكبيرة ومن الدولة نفسها بدلا من توفير الدعم لها كي تنجح التجربة وتتوافر بالتالي لدينا سينما أخرى بجوار السينما التجارية التي لا بد أيضاً من وجودها. ولكن إصرار الشباب سينتصر في النهاية.ما جديدك في السينما؟أعكف على كتابة عملين، أحدهما سيناريو {كل الأسماء} مأخوذ عن رواية بالاسم نفسه للبرتغالي الحاصل على نوبل ساراماغو، ومن المقرر أن يؤدي بطولته الفنان خالد أبو النجا. أما العمل الآخر فما زال في مرحلة الكتابة ولم أقرر من يجسد بطولته بعد.