لم ينجح أحد حتى الآن في إيقاف «غول» قرصنة الأعمال الفنية المصرية، خصوصاً الأفلام السينمائية، وما زال هذا الوحش يلتهم «الفن السابع»، وهو ما شهده الفيلمان «حسن وبقلظ» و«هيبتا ــ المحاضرة الأخيرة» من الموسم السينمائي الأخير.

Ad

تضررت إيرادات «حسن وبقلظ» كثيراً عقب تسريبه كاملاً على مواقع الإنترنت حيث حصلت النسخة الإلكترونية على نسبة مشاهدة عالية وصلت إلى ثلاثة ملايين مشاهدة خلال أول يومين، ذلك بعدما حصد الفيلم خمسة ملايين جنيه في أيام قليلة منذ بداية عرضه في الصالات السيمنائية.

«حسن وبقلظ» من بطولة: نجم الكوميديا الشاب علي ربيع، والنجم كريم فهمي، ويسرا اللوزي، بمشاركة نجوم فرقة «مسرح مصر» مصطفى خاطر ومحمد أسامة. تولى التأليف كريم فهمي، والإخراج وائل إحسان والإنتاج أحمد السبكي.

 أما فيلم «هيبتا- المحاضرة الأخيرة» الذي قام ببطولته كل من ماجد الكدواني وياسمين رئيس وعمرو يوسف وأحمد مالك، وكتب قصته محمد صادق، والسيناريو والحوار وائل حمدي، وتولى الإخراج هادي الباجوري، فحصد إيرادات ضخمة للغاية، محققاً 800 ألف جنيه في أول يوم عرض، ودفع ازدحام الجمهور أمام شباك التذاكر إلى عرضه في تسع قاعات في القاهرة والمحافظات. كذلك حققت الأغنية الدعائية للفيلم «حكاية واحدة» بصوت النجمة دنيا سمير غانم خمسة ملايين مشاهدة خلال أسبوع من عرضها على «يوتيوب» وتخطت إيرادات «هيبتا» حتى الآن حاجز 12 مليون جنيه، إلا أن تسريبه على الإنترنت تسبب في خسائر كثيرة وفادحة.

من ناحيته أبدى النجم علي ربيع حزنه وغضبه الشديد من تسريب فيلمه على المواقع الإلكترونية، راجياً الجمهور عبر صفحته على «فيسبوك» عدم تداول هذه النسخ كي لا يتسببوا في خسائر مادية كثيرة للمنتج، مضيفاً: «الله سيحاسب الذين سرقوا الفيلم من السينما... أما الذين يعرضون الفيلم على صفحاتهم فأقول لكم إنكم بذلك تساهمون في السرقة، وربنا سيحاسبكم أيضاً».

غياب القوانين

توقع المنتج أحمد السبكي عدم تحرك الدولة لإيقاف نزف خسائر المنتجين جراء تسريب الأفلام، مشيراً إلى أن الأعمال الناجحة هي التي يتم تسريبها فقط، مؤكداً أنه يبذل مجهوداً كبيراً كي تظهر أعماله بصورة لائقة للعرض الجماهيري. وأضاف: «للأسف كل هذه الجهود تذهب مع الريح بسبب القراصنة».

وأكّد السبكي أن سرقة الأفلام إحدى أكبر مصائب السينما المصرية وآفاتها، والسبب الرئيس غياب وسائل تأمين كافية داخل دور العرض تمنع تصوير الأفلام بالهواتف المحمولة، وعدم تدشين آلية محددة لمطاردة السارقين، أو توقيع عقوبات حازمة وصارمة عليهم، مضيفاً: «غياب اهتمام الحكومة يفاقم هذه الظاهرة، خصوصاً أن السارقين يستفيدون مادياً جراء السرقات».

من ناحيته، قلّل مخرج فيلم «هيبتا» هادي الباجوري من خطورة تسريب فيلمه، خصوصاً أن التسريب كان محدوداً وتمت السيطرة عليه فيما بعد عن طريق الشركة المنتجة، مشيراً إلى أن مشاهدي النسخ المسروقة يشاركون أيضاً في هذه الجريمة، وطالب بتجريم لتداول مثل هذه النسخ غير القانونية التي تتسبب في خسائر كبيرة لصناعة «الفن السابع» المصري.

قال الباجوري: «معظم من يتداولون هذه النسخ ليسوا من رواد السينما أو من عشاق «الفن السابع» لأن من اعتاد ارتياد دور العرض لن ترضيه النسخ الرديئة»، مشدداً على أهمية أن تكون لدى الجمهور ثقافة رفض هذه السرقات، خصوصاً أنها انتشرت بصورة مخيفة خلال الفترة الماضية وأصبحت خطراً حقيقياً يهدد الصناعة بأكملها.

هاني أسامة منتج فيلم «هيبتا- المحاضرة الأخيرة» أكّد أنه بذل جهوداً حثيثة لحذف النسخ المسربة على المواقع الإلكترونية، مشيراً إلى أن ذلك جاء من منطلق حرصه على الفيلم الذي اجتهد فيه ووفّر لإنتاجه مبالغ طائلة، وكي لا يضيع مجهود باقي فريق العمل أيضاً، موضحاً أنه يطارد راهناً الشخص الذي صوّر الفيلم وسرّبه.

وطالب أسامة بأن تكون التحركات ضد القراصنة ليست فردية أو نابعة من وازع داخلي، مشيراً إلى أهمية أن تكون هذه التحركات جماعية تحت قيادة الدولة ومؤسساتها التي يجب عليها محاربة السارقين الذين يتسببون في خسائر كثيرة، قائلاً: «أصبحنا في مرحلة تستوجب تكاتف الجميع والتحرك بشكل جماعي».

من جانبه، أكد الناقد السينمائي نادر عدلي أن السبب الرئيس في هذه الظاهرة عدم تطبيق القانون بحذافيره على السارقين والمخالفين، مطالباً بقوانين ضد من تسول له نفسه تصوير هذه الأفلام داخل قاعات السينما، بالإضافة إلى منع بث القنوات التي تعرضها فور تسريبها.

وتمنى عدلي على نواب البرلمان تشريع قوانين جديدة تحدّ من هذه الظاهرة وتعمل على إعادة الحقوق إلى أهلها، موضحاً أن هذه الظاهرة هي أخطر ما يواجه صناعة السينما المصرية ومن الممكن أن تلحق السينما بالموسيقى والألبومات الغنائية التي توقفت بسبب القرصنة والتسريب عبر مواقع الإنترنت، خاتماً كلامه: «قرصنة الفن جريمة لا بدّ من محاربتها».