أحمد مشاري العدواني

نشر في 09-05-2016
آخر تحديث 09-05-2016 | 00:01
 فوزية شويش السالم أهداني الكاتب النشيط حمد عبدالمحسن الحمد كتابه الأخير المعنون باسم "أحمد مشاري العدواني... من الأزهر الشريف إلى ريادة التنوير"، وأشكره جداً على هذا الإهداء الذي أنار عقلي وكشف الغطاء عن عيني لأرى وأكتشف وأفهم وأستوعب هذه الشخصية التي كنت في غفلة عنها، بالرغم من عيشنا ووجودنا في مكان وزمن واحد، إلا أنني لم ألمّ وأدرك أبعاد وقيمة فكر وإبداع هذا الرجل الكبير الذي سبق زمنه بمراحل، وكان له الفضل في ما وصلت إليه الثقافة الكويتية منذ بدايتها على يده وإلى الآن.

كتاب حمد الحمد جعلني أندم على عدم معرفتي به عن قرب، وهذا لا يعني أني كنت لا أعرفه، فهو في حياتنا موجود مثل الهواء والماء، فعلى أهميتهما لا نشعر بهما، وكنت أسمع اسمه بنشيد الكويت الوطني الذي هو مؤلفه، وبالأغاني الجميلة الخالدة التي كنا نرددها ونعرف أنه مؤلفها، كما أنه مؤسس لكل الصروح الثقافية في الكويت، أي إن وجوده ساطع مثل سطوع الشمس، لكن مع هذا لم أنتبه إلى عظمة تكوين هذا الرجل، وأنه لا يشبه أحداً غيره، وأنه من أهم من جادت بهم أرض الكويت، وتمنيت لو كانت لي معرفة به عن قرب حتى أفهم تركيبته النفسية والعقلية والثقافية، فهذا الرجل غير عن الكل، ومهما كُثرت الدراسات عنه فإنها لن تفيه حقه، وأنا لم أقرأ ما كُتب عنه إلا كتاب حمد الحمد، وأظن أنها جميعها لم تغص تمام الغوص في تحليل شخصيته وإدراك أبعادها ومقومات تكوينها، وقد تكون كلها قد تناولته من الخارج، خاصة بما تركه من أعمال مؤسساتية وقصائده الوطنية والعاطفية، والانطباع العام عن شخصيته التي اتفق الجميع على نبلها وإيثارها وإنجازها الصامت البعيد عن الترويج والتطبيل، حتى وإن احتل المناصب المهمة بالدولة.

لا أدري لماذا ربطت ما بين شخصيته وشخصيته أخيه د. عبدالرزاق مشاري العدواني الذي كان وزيراً للصحة، وكنت أعالج عنده في مستشفى الرازي، هذا الرجل اكتشفت من شخصيته عاطفة وقيمة جديدة عليّ، ألا وهي الاحترام، فلأول مرة أدرك معناها الحقيقي الذي رأيته في شخصيته، ومنها عرفت قيمة ونبل الاحترام، ولهذا ربطت بين الشخصيتين، فلابد أنه يملك الاحترام ذاته، لكن ومع هذه المقاربة لم توصلني تماماً إلى إدراك وسبر أغوار شخصيته، فما كتبه حمد الحمد لم يلق ظلالاً كافية عليه، وإن كان تناوله لمنجزاته جيداً، فقد كتب عن دراسته في الأزهر وحتى ريادته لمرحلة التنوير بالكويت التي كان على قمة قيادتها، فهو الذي أسس معهد الكويت للأبحاث العلمية، حيث ألزم الشركة الكويتية - اليابانية بتنفيذ هذا البند، وسلسلة "عالم المعرفة" ومجلة "عالم الفكر" ومجلة "إبداعات عالمية" ودوريات "الثقافة العالمية"، وأسس معهد الدراسات المسرحية والمعهد العالي للموسيقى، وهو أول من فكر بإقامة معرض الكتاب في الكويت، كما أنه استقطب كبار المفكرين والكتاب والباحثين العرب للكتابة في جميع كتب ومجلات المجلس الوطني للثقافة والآداب والفنون الذي كان يرأسه لسنوات، كما لعب دوراً كبيراً في تطوير وتحديث التعليم ومناهجه وإدخال الجيولوجيا والفلك وإنشاء رياض مختلطة للأطفال، وساهم بتكثيف دروس محو الأمية، أعماله من كثرتها يصعب إحصاؤها، وفضله كبير على التعليم والثقافة في الكويت.

كنت أتمنى لو أن حمد الحمد بحث وتحرى أكثر عن تواريخ كل قصائده، لأنه سيكون مفتاحاً يُضوي على شخصيته، خاصة أن شعره يكشف عن روح متمردة تسكن في جسد شاعر ثائر يحلم بتكوين مجتمع فاضل متنور رائد لا تديره أصابع التخلف والفساد، وهو ما يكشفه شعره المليء بالثورة والغضب.

وهذه مقتطفات من أقواله الرائعة:

 1- أشعر بالغيرة عندما أحس أن هناك من يستطيع أن يقدم خيراً للبشر أكثر مني، وأشعر بالحيرة لأنني لا أستطيع أن أعمل خيراً لأحد.

2- الثقافة ليست ثرثرة عقلية، وليست أحاديث تتثاءب في الصالونات النائمة، وليست زخارف لمتعة، وإنما هي قبل كل شيء نظرة شاملة للكون والحياة والمجتمع.

3- العلم والحرية والأمن، ثلاثة أسس لابد من توافرها لبناء كل نهضة.

رجل كلماته مثل هذه لن يموت، فكل ما في ثقافتنا الكويتية يشهد بفضله ودوره الريادي بإنهاض مجتمعنا، وسبقنا في ريادة الثقافة الخليجية بما أسسه من معاهد ومؤسسات.  

back to top