مجلس الدولة «الحكومي»... تخريبي
المشروع يطلق صلاحيات وزير العدل ويمنح «الفتوى» هيمنة على القضاء
• السلطة القضائية والقضاة رفضوه مسبقاً… والحكومة لم تطلب رأيهم في الجديد
• السلطة القضائية والقضاة رفضوه مسبقاً… والحكومة لم تطلب رأيهم في الجديد
مع ترقب مناقشة مجلس الأمة في جلسة 7 يونيو المقبل عدة مشاريع تتعلق بالسلطة القضائية، على رأسها «استقلال القضاء»، أرسلت الحكومة إلى المجلس مشروع قانون «مجلس الدولة»، الذي يتناقض مع مفهوم ذلك الاستقلال، بل ينتزع اختصاصات قضائية ويحولها إلى السلطة التنفيذية، مما يعد تخريباً للقضاء.ولم ترسل الحكومة إلى السلطة القضائية مسودة المشروع الذي سبق أن رفضته الأخيرة حين كان يترأسها المستشار فيصل المرشد، في موازاة معارضة يواجهها المشروع بين رجال القضاء لما يحتويه من سلب اختصاصات أصيلة لهم.
وبينما يسعى نواب إلى ترسيخ مفهوم الاستقلال، جاء مشروع «مجلس الدولة» ليعطي وزير العدل صلاحيات واسعة على الجهاز الجديد، مع منحه الإشراف الكامل عليه، فضلاً عن إقرار حق الوزير في تمرير قرارات الجهات التابعة للجهاز، وإنهاء خدمات العاملين به، ما يتناقض مع المبدأ الدستوري بفصل السلطات وتعاونها وفق المادة 171.وقضى المشروع الحكومي كذلك بإعطاء الجهاز دوراً قضائياً يختص بالفصل في المنازعات الإدارية من خلال التقاضي، وهو ما يتعارض مع الدستور الذي أوكل إلى السلطة القضائية وحدها هذا الحق.وفي تعارض آخر مع طبيعة عمل القضاة، كلف المشروع الحكومي أعضاء السلطة القضائية وإدارة الفتوى والتشريع القيام بأعمال الإفتاء للحكومة وهيئاتها التابعة وصياغة المشروعات، في حين يتعين أن يكون جميع أعضاء مجلس الدولة من السلطة القضائية، تأكيداً للصفة القضائية التي يتمتع بها هذا الجهاز، إذ سيتولى الفصل في الدعاوى الإدارية القضائية في الدولة، ما من شأنه أن يحول القاضي إلى مستشار للحكومة، مما يعد إخلالاً آخر بمبدأ الفصل الدستوري. وسمح المشروع الحكومي بأن يترأس مجلس الدولة أحد أعضاء السلطة التنفيذية، وهو عضو من إدارة الفتوى والتشريع، وأن يتم تعيين أعضاء بهذا الجهاز من «الفتوى» والإدارات القانونية بالدولة، في حين أن فكرة مجلس الدولة تقوم على أن يكون جميع اعضائه من السلطة القضائية، تأكيداً للصفة القضائية التي يتمتع بها هذا الجهاز.وحظر المشروع الحكومي على المحاكم الإدارية النظر في مسائل الجنسية الكويتية، وحجب القضاء عن النظر فيها، وهو ما يتعارض مع أحكام دستورية شددت على حق التقاضي، فضلاً عن أحكام أخرى لمحكمة التمييز.كما حظر على القضاء نظر المسائل المتعلقة بإقامة الأجانب وإبعاد غير الكويتيين، وكذلك دور الإبعاد، إضافة إلى أنه نص صراحة على حجب القضاء الإداري، بكل درجاته، عن نظر جميع المسائل المتصلة بأعمال السيادة، دون بيان تلك الأعمال، وهو ما يسمح باستمرار الجدل القائم أمام المحاكم بشأنها، مع فتح باب التوسع في تفسيرات المسائل المحجوبة عن المحاكم.ومنع المشروع على الجهات الحكومية التعاقد أو إبرام أي تصرف إلا بعد أخذ رأي القسم الاستشاري في مجلس الدولة، المكون من عناصر قضائية وتابعة لإدارة الفتوى والتشريع، كما منح الحكومة صلاحيات إصدار مرسوم لتحديد مواعيد التظلم من القرارات الإدارية.وبعيداً عن التعارض القضائي، فإن إنشاء مجلس الدولة يضرب عرض الحائط بالقرارات الحكومية بشأن عدم إنشاء هيئات جديدة وفق ما نصت عليه وثيقة الإصلاح الاقتصادي والمالي.