في الوقت الذي ينتظر فيه القضاة صرف مكافآتهم عن الإشراف على العملية الانتخابية التكميلية الأخيرة التي أجريت في شهر فبراير الماضي، والتي بدأت اللجان القضائية ترتيب الإشراف عليها قبل عقدها بأسابيع تقريبا، ترفض وزارة العدل صرف مكافآتهم عن الإشراف الانتخابي، بذريعة عرضها على «مجلس الخدمة المدنية» تارة، وبعدم إمكان صرفها كالسنوات الماضية، بسبب حالة التقشف المالي التي تمر بها الدولة تارة أخرى، دون أن تعي الوزارة ردة الفعل التي قد تجنيها من وراء حالة المراوغة التي تبديها في حسم مكافآت رجال القضاء بالإشراف على العملية الانتخابية.

Ad

لا يمكن أن تكون المكافأة التي يستحقها القضاة عن الإشراف على العملية الانتخابية محلا للمساومة أو التفاوض في قدرها وقيمتها، أو حتى الإمكان بعدم صرفها، وذلك لأمرين؛ الأول أن مثل هذا السلوك قد يتسبب في عزوف رجال القضاء وأعضاء النيابة العامة عن الإشراف مستقبلا، بسبب التأخر في صرف المكافآت المستحقة لهم أو عدم صرفها نهائيا، وهو ما سيضطر المشاركين في الإشراف الى إمكان مقاضاة الحكومة وإلزامها بصرفها، وهو أمر بات يرهق القضاة في نيل حقوقهم التي باتت الوزارة تتعمد تعطيل أمر صرفها في مسائل متعددة، منها بدلات الانتداب وبدلات «الصيفي» وغيرها من المطالبات الأخرى في المشاركة باللجان.

بينما الأمر الثاني هو شعور القضاة بعدم إنصاف الوزارة بصرف حقوقهم المالية، في الوقت الذي صرفت بقية الوزارات المكافآت لأعضائها المشاركين، أو أنها لم تفاوضهم على الأقل في تحديد قيمة صرفها.

والأهم برأيي هو تسلل حالة العزوف عن المشاركة مستقبلا في الإشراف على العملية الانتخابية، خصوصا أنها ليست جبرا على القضاة، وإنما تأتي مسألة مشاركتهم للإشراف لكونها مسألة تتصل بواجب المشاركة في الإشراف ضمانا لسلامة العملية الانتخابية، وتلبية لواجب إتمامها بما يحقق مبدأ نزاهتها وتأكيد سلامتها، وهي مسائل لا يمكن تحقيقها إلا من قبل عناصر عرفت عنها الحيدة والنزاهة والاستقلالية، وهي أمور مجتمعة قل توافرها إلا بأعضاء السلطة القضائية.

وفي الختام، يتعين على المسؤولين في وزارة العدل الإسراع في صرف مكافآت رجال القضاء المشرفين على العملية الانتخابية، فالمكافآت السابقة كانت تصرف في موعدها وبقيمتها، وإقرارها لم يكن يستغرق كل هذا الوقت الذي قد يستمر 4 أشهر أو أكثر، والتهاون في مثل هذه الأمور قد يزيد العلاقة توترا عما هي عليه!