الفتنة نائمة... لعن الله من أيقظها
هناك إصرار عجيب على تعميق الصراع بين المسلمين أبناء الدين الواحد، سنة وشيعة، فزعيم حزب الله، الذي استدار إلى الخلف وتحول إلى "بندقية للإيجار"، تحاشى قول الحقيقة، بالطبع، بالنسبة لقتل مصطفى بدر الدين، رجل المهمات ليست الصعبة وإنما القذرة، واستكمل ما كان بدأه باكراً، وهو التحريض المذهبي والتعبئة الطائفية بإلقاء مسؤولية تفجير قائد قواته في سورية على من اعتبرهم "تنظيمات تكفيرية"!والمعروف أن حسن نصرالله، هذا الذي أصبح بوقاً لإذكاء الفتنة بين المسلمين، سنة وشيعة، عندما أحس بأن أحداً لم يصدق أن هدف إرسال ميليشيات حزبه إلى سورية هو مواجهة إسرائيل والدفاع عن القضية الفلسطينية، اضطر إلى قول الحقيقة، والاعتراف بأن الهدف هو "قتال التنظيمات التكفيرية"، ويومها لم يكن "داعش" قد برز كل هذا البروز، وكذلك تنظيم "النصرة"، ما يؤكد أنه كان يعني تحديداً كل من يخالف ويختلف مع إيران ومع نظام بشار الأسد... أي إنه يعني "أهل السنة" كلهم بدون تمييز بين جهة وأخرى وبين تنظيم وآخر!
إن هذه اللغة المريضة والسامة لم تكن معروفة على هذا النحو إلا في نحو الأربعين سنة الأخيرة، إذ إن الأزهر الشريف كان قد أعلن، أكثر من مرة، أن المذهب الجعفري الاثني عشري هو خامس المذاهب الإسلامية. كما أن المسلمين (السنة) كانوا ومازالوا يعتبرون جعفر الصادق، رضي الله عنه، أحد أئمتهم، وأن مكانته مكانة أبي حنيفة وابن حنبل ومالك والشافعي، رضي الله عنهم جميعاً.عندما قال حسن نصرالله إنه أرسل ميليشيات حزبه إلى سورية لمقاتلة "التكفيريين" فيقينا انه كان يقصد "السنة" الذين يرفضون نظام بشار الأسد، لأنه نظام عائلي – مذهبي استبدادي وقاتل، وعندما اتهم ما أسماه "التنظيمات التكفيرية المعارضة" بقتل مصطفى بدر الدين فإنه قصد كل التنظيمات التي اضطرت لحمل أسماء إسلامية، وبينها "جيش الإسلام"، وبالطبع فإنه قصد كل الذين يرفضون هذا النظام السوري لأسباب سياسية تتكئ على أبعاد مذهبية، عنوانها إعلان زعيم حزب الله بأنه يفتخر بأنه "جندي في فيلق الولي الفقيه".في كل الأحوال، ورغم أن حسن نصرالله ذهب في الاتهام إلى هذا البُعد الخطير فإن الحقائق بالنسبة لمقتل مصطفى بدر الدين ستُكشف ذات يوم قريب، ويبدو أن من بين هذه الحقائق أن هذا الرجل كان قاتلاً محترفاً، وأن محكمة الجنايات الدولية تسعى لاعتقاله بتهمة اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري... ثم أليس مثيراً للاستغراب أن عماد مغنية كان قد التقى قاسم سليماني قبل مقتله عام 2008 بدقائق، وأن هذا الذي يحمل اسماً "حركياً" هو "ذو الفقار" كان قد التقى بدوره "طرزان" حراس الثورة الإيرانية قبل قتله بدقائق أيضاً...؟ ثم أليس مع أي مراقب الحق في أن يسأل ويتساءل عما إذا كانت هناك علاقة بين كل هذه الاغتيالات وبين ما أُعلن عن تورط هذا الحزب، في شبكة تهريب مخدرات تجري الآن مطاردة أعضائها في العالم بأسره... والفتنة نائمة لعن الله من أيقظها.