فخور بك يا صديقي
ماذا عساي أقول في حمد الجوعان أكثر مما قاله كل أهل الكويت فيه؟ رجل رمز عاش شهيداً حياً، ومات مرفوع الهامة تاركاً لنا إرثاً من الشجاعة والإنجازات.لا أريد الحديث عن علاقتي الشخصية به وصداقتنا التي امتدت سنين طويلة، ومرّت بمحطات سياسية متعددة خضنا فيها معاً معارك كثيرة ضد الفساد، لكنني في مناسبة وداعه، تطغى عليَّ مشاعر الفخر أكثر من مشاعر الحزن. فهذا رجل عز نظيره لأنه نبهنا باكراً إلى ما تَيَقَنّا منه لاحقاً، وعلمنا أن للحقيقة أثماناً لا يستطيع دفعها إلا الرجال الرجال، وأن من اختاروا درب الحق وخدمة الناس والاستعداد للتضحية هم فعلاً الذين يجب أن نشعر دائماً بفضلهم، وأن نُدرّس سيرتهم للأجيال كي تقتدي بمسيرتهم النزيهة اليوم وفي كل الأيام.
ماذا عساي أقول في حمد الجوعان؟ أفعاله تشهد له. من التأمينات التي كانت له اليد الطولى في تحقيقها للكويتيين، إلى المواقف البرلمانية المشرفة في كل ميادين التشريع والمراقبة، إلى إصراره على تمكين المرأة ومنحها حق الاقتراع، وصولاً إلى حربه المفتوحة على الفساد التي لم يكن أمام الفاسدين إلا الرد عليها برصاص الغدر والانتقام. أخي بوعبدالله، ذاك اللغز لم يكن لغزاً ولم يعد لغزاً. تلك الرصاصة التي أقعدت الجسد فيك ليست سوى صفحة مشرفة في تاريخ الكويتيين الأحرار، كنا نريدها أن تكون خاتمة مسارٍ مدان، لكننا للأسف لانزال نعاني ما شكوت منه. وأسفنا أننا لم نربح من تضحيتك إنجازاً يوازي تلك الحرب الشريفة الشعواء التي شننتها على الفساد والمفسدين، لكنها بلا شك كانت خطوة استثنائية في رحلة الألف ميل.أخي بو عبدالله، كلنا نذكر قولك المأثور قبل سنوات: «أنا مريض لكن بلدي أكثر مرضاً». ولا أحد ينسى تحذيراتك من سيرنا نحو الهاوية إن لم نعالج ما حذرت منه، ونحن، مع غيابك الأنيق، الموسوم بأنواط الشجاعة والحق ومحبة الكويتيين، نعدك بأن نتابع مسيرتك وأن نعلم أولادنا أن هناك فارساً شجاعاً انتصر كرسيه المتحرك على رصاص المجرمين، ومات كالكبار شاهداً للحق والحقيقة.رحمة الله عليك، وإلى ذويك وكل الكويت صادق التعازي والمواساة.