في الوقت الذي أصدر مجلس الأمة القانون رقم 37 لسنة 2014 بشأن هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات، والذي جاءت بعض مواده بديلة للقانون رقم 9 لسنة 2001 بشأن إساءة استعمال الهاتف، أكدت نصوصه وتعاريفه تحديد العديد من الجرائم التي يعاقب عليها القانون، والتي منها جرائم استعمال الهاتف، ومعاقبة الشخص المسيء، مهما كانت وسائل الاتصال المستخدمة في الإساءة الهاتفية، ومهما كان بتلك الوسائل من صور متعددة للاتصال، ومنها ما يتعلق بإرسال الرسائل، ومن بين وسائل الاتصال التي أعنيها، وتستخدم كأحد أنواع الاتصال الهاتفي، الواتساب أو الفايبر أو التانغو، أو غيرها من الوسائل التي تتم عبر تلك البرامج، كذلك الرسائل التي تتم عبرها، والتي أرى أنها وفق المادة 70 من قانون هيئة الاتصالات يكون الاختصاص فيها حسب العقوبات المقررة في القانون.

Ad

ومن ثم، فإن الاختصاص بالجرائم الواقعة في قانون هيئة الاتصالات يكون وفق العقوبات المقررة في القانون، فإن كانت العقوبات المقضي بها عن الأفعال هي الحبس لمدة تقل عن ثلاث سنوات، فتكون جنحة، وهو ما ينطبق على الجرائم التي تقع عن طريق الواتساب، سواء بالاتصال أو الرسائل، أو حتى برامج الاتصال الأخرى، فإنها تكون من اختصاص الإدارة العامة للتحقيقات، تحقيقا وتصرفا وادعاء، ومحكمة الجنح في المحاكمة، فيما إذا كانت العقوبات المقضي بها هي الحبس مدة تزيد على ثلاث سنوات، فتكون جناية، وتكون حينها من اختصاص النيابة العامة، تحقيقا وتصرفا وادعاء، ومحكمة الجنايات في المحاكمة.

ويأتي ذلك التقسيم، بسبب عدم نص قانون هيئة الاتصالات لأي جهة تحقيق صراحة للنيابة العامة أو التحقيقات في أمر التحقيق والتصرف والادعاء في هذه الجرائم، إنما تركها دون تنظيم، وهو ما يتعين معه إعمال القواعد العامة المقررة في قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية بشأن ذلك، عبر إسناد أمر التحقيق في الجنح للإدارة العامة للتحقيقات، والتحقيق في الجنايات إلى النيابة العامة.

وبعد صدور قانون هيئة تقنية المعلومات رقم 63 لسنة 2015 بجرائم تقنية المعلومات أسند القانون للنيابة وحدها سلطة التحقيق في الجرائم الواردة في القانون دون سواها، وحدد قانون جرائم تقنية المعلومات الجرائم التي تحقق فيها النيابة العامة، والتي يقع منها على شبكة الإنترنت المتعددة، أو بأي وسيلة كانت، والتي قد تكون منها الهواتف الذكية، التي تتضمن العديد من البرامج المرتبطة بشبكات الإنترنت، إلا أنها وسائل للمشاركة على مواقع الإنترنت (كتواصل اجتماعي ونشر)، وليست وسائل للاتصال الهاتفي بالمعنى الخاص بالاتصال التي قصدها قانون هيئة الاتصالات.

ومع ذلك تتولى النيابة العامة التحقيق والتصرف والادعاء بكل الجرائم التي تقع من الهواتف النقالة بشكل عام، سواء وقعت من برامج متصلة بشبكات الإنترنت، كبرامج تويتر والسناب والإنستغرام والمدونات والمواقع، وغيرها من برامج يتوافر فيها ركن العلانية والسماح بالاطلاع عليها، والتحقيق كذلك في الجرائم التي تقع عن طريق وسائل الاتصال التي كانت تتم في السابق عن طريق الهاتف المنزلي، من ثم أصبحت تقع عن طريق الهاتف النقال، واليوم أصبحت تقع ببرامج متشابهة وبديلة لوسائل الاتصال الهاتفية، كبرامج الواتساب والفايبر والتانغو وغيرها، وهي وسائل تتطابق تماما مع وسائل الاتصال التقليدية، من حيث الغاية والهدف، ولا يغير منها أنها أخذت شكلا حديثا، لأن هذا التطور مثلا مستمر، ولا يمكن للمشرع أن يجاري هذا القدر من التكنولوجيا المتطورة في تلك الوسائل.

وعليه أتمنى من النيابة إحالة كل الشكاوى التي تقع بسبب وسائل الاتصال والرسائل المتصلة بها، كبرامج الواتساب والفايبر أو التانغو وغيرها، لكونها جنحا تدخل في اختصاص الإدارة العامة للتحقيقات، وفق قانون هيئة الاتصالات، وليست كقضايا الإساءة التي أحال إليها المشرع في قانون تقنية المعلومات إلى المادة 21 من قانون المطبوعات والنشر بشأن الإساءة للمجني، لكون المقصود بالإحالة لتلك النصوص هي وسيلة العلانية، التي قد تتطابق بين النشر بين المواقع الإلكترونية وتويتر وبرامج التواصل العلني على شبكات الإنترنت وبرامج النشر علنا في الصحف، لكن حتما لا يتطابق ذلك المفهوم مع وسائل أو رسائل الواتساب، لانتفاء عنصر العلانية بها.