لم تكن مفاجأة بالنسبة إلي أن تخرج علينا السيدة آثار عبدالحكيم محمود الشهيرة باسم «آثار الحكيم» بتصريحات جديدة تورطها بأكثر مما تبيض وجهها أمام الجمهور الذي راهن عليها يوماً. لكن صدمتي كانت كبيرة مع انتقال «آثار» من «تمثيل» دور «المصلحة الاجتماعية» و«الناشطة السياسية» إلى تقمص دور «الداعية الدينية»، التي تُطلق الفتاوى، على طريقة «الدعاة الكاجوال»!

صدمتني، وإن توقعت منها ما قالت، عندما انتهزت فرصة اقتراب شهر رمضان المعظم، واتهمت المخرجين والمصورين، بأنهم «أكثر الناس ذنوباً في رمضان»، وبررت ذلك بسذاجة منقطعة النظير بأن: «المخرج يحدد للممثلة نوعية الملابس التي ترتديها، ولو أرادها عارية لا تمانع، ويشاركه في الإثم المصور السينمائي». ومثلما يفعل «شيوخ التكفير»، ممن يعتمدون مبدأ التنفير لا التبشير، استشهدت، ومن دون مبرر، بالآية الكريمة «إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ».

Ad

أمر طبيعي أن تُعلن «آثار» أن علاقتها بالفن انقطعت، وهي التي تراجعت أسهمها بشكل مُخيف، ولم تدخل «بلاتوه» منذ ما يقرب من سبع سنوات (آخر مسلسل شاركت ببطولته «الوتر المشدود» 2009)، لكن ما الذي يدفعها إلى أن تقول: «مش عاوزه أسمع سيرة الفن» (هل لأنها رأته حراماً ورجساً من عمل الشيطان ينبغي أن تتوب عنه وتكفر عن ذنوبها فيه؟)، وما آلية تفكيرها التي تدفعها إلى القول إنها «تتمنى لو قدمت برنامجاً دينياً»، وأي مضمون، وفكر، وتوجه، ذلك الذي ستقدمه للناس لو قيض لها أن تجد الجهة التي تمول هذا البرنامج؟

تعددت أزمات «آثار» بشكل يعكس اضطراباً واضحاً، وتطرفاً مفرطاً، حيث اعتادت اتهام من حولها بالانحلال الديني، والبعد عن الله، وأقسمت أمام القاضي أن «رامز» والعاملين في برنامج «رامز قرش البحر» لا يركعونها، وهاجمت «دينا»، واتهمتها بالانحراف الأخلاقي، وتركت التصوير في مسلسل «فريسكا» بزعم أنها ترتدي ملابس خليعة، ثم أقحمت نفسها في أزمة فيلم «حلاوة روح»، بعدما أثنت على قرار رئيس الوزراء السابق بمنعه، وهاجمت اللبنانيات في شخص «هيفاء» بالقول بصفاقة إنها «تمثل عادات وتقاليد مجتمعها العاريات نساؤه طوال الوقت (...)، وانتقدت عرض برنامج منوعات لبنانية على قنوات فضائية مصرية كلها عري»!

المثير أن «آثار» أقامت الدنيا ولم تقعدها بحجة أنها تعرضت لنوع من التحرش النفسي والعصبي على أيدي «رامز» ورجاله في البرنامج، وأنهم «وظفوا 10 كاميرات لتصوير نصفها التحتاني»، رغم أنها كانت ترتدي سروالاً، قبل أن يتبين أنها كانت تمارس نوعاً من «الابتزاز العاطفي والأخلاقي»، وأنها كانت تطمح، وتطمع، في زيادة أجرها إلى الضعف، بحجة أن مدة الحوار زادت عما هو متفق عليه مع طاقم إنتاج البرنامج. لكن استوقفني في هذه الأزمة البيان الذي أصدرته الشركة المنتجة للبرنامج، وجاءت فيه إشارة ذات مغزى إلى «إصرار الفنانة المعتزلة على أن تخلق لنفسها مساحة من التواجد الإعلامي بعد انحسار الإعلام عنها»، فالإشارة أوجزت شخصيتها، وعقدتها، فاعتزال «آثار» صار بمثابة «موضة موسمية»، إذ فعلتها في أعقاب أزمة «فريسكا»، وبعد عودتها وخيبة أملها الناتجة من عدم تحقيق مسلسلاتها أي نجاح يُذكر عادت وأعلنت الاعتزال قبل أن تتراجع، بعد اندلاع ثورة 25 يناير 2011، وتُعلن تأييدها للمرشح الرئاسي الإسلامي د. عبد المنعم أبو الفتوح. ولما خاب أملها مجدداً توارت ثم عادت لكن عودتها لم تتجاوز الظهور الإعلامي على صفحات الجرائد وشاشات القنوات، لتفجر الأزمات، وتعمل على إذكاء الخلافات بين الأشقاء العرب (كما فعلت مع اللبنانيين)، وتؤجج نار الفتن، وتتهم المجتمع المصري بالانفلات الأخلاقي، والانحلال الديني، والإعلام بالابتذال، واللاموضوعية، وكأنها الوحيدة التي تعرف ربها و{كلهم في النار»!

الأمر العجيب أن السيدة آثار عبد الحكيم محمود، التي لا تفوت مناسبة من دون التفاخر والتباهي بأن أحداً لا يجرؤ على التشكيك في قوة موهبتها التمثيلية، أكدت، في واحد من مئات التصريحات التي تدلي بها قبل كل اعتزال، أنها ستتخذ من الفنانة «شادية»، التي اعتزلت الفن وارتدت الحجاب في العام 2008، قدوة لها، وأنها لن تشاهد أية أعمال فنية لها، لأنها زهدت الدنيا، أو لأنها «مش عاوزة تسمع سيرة الفن»، كما صرحت أخيراً، ورغم هذا عجزت عن التزام الصمت، ودائماً ما كانت تترك الباب موارباً لتصرح وتتهم وتثير الجدل، وكأنها راغبة في حياة الفن، والأضواء، والشهرة، وليست منصرفة عن الدُّنيا إلى الآخرة، كما أوحت غير مرة، أو كأني بها تريد أن تنفي عن نفسها وصمة أنها تحولت إلى «آثار» و»أطلال»!