استبدال الوافدين
إذا تمت عملية استبدال للوافدين كل خمس سنوات يمكن أن توقف عمل المافيات ودكّ حصونها، وأعتقد أن الدول المصدرة للوافدين وطالبي العمل من المختصين فيها سيرحبون بمثل هذا القرار، حماية لسمعة بلدانهم من ناحية وفتح فرص عمل لآخرين يتطلعون للعمل خارج بلادهم.
لا شك أن الوافدين قد أسهموا في كل مجالات العمل في الكويت منذ نشأتها، وندين للكثيرين منهم بعمران بلدنا وتقديم خبراتهم في كل مناحي الحياة، بعض الوافدين للأسف أساؤوا لأصول المهن التي مارسوها، وأساؤوا لأنفسهم ولأقرانهم وبلدانهم، ووُجد بين الشرفاء المرتشون والمتلاعبون والمدّعون حتى كاد صيتهم يغطي على سمعة أقرانهم، وبدلا من أن يكون استقرارهم الوظيفي عاملا لاستقرار نفوسهم تهيأ لهم أن البلد لا يمكن أن يستغني عنهم، وزادوا في غيهم، وفتح لهم مسؤولون الباب واسعا لممارسة تجاوزاتهم ما داموا يسهلون مهامهم ويشاركونهم فيما يحصلون عليه من رشا ومنافع.الوافدون المحترمون مستاؤون مما وصلت إليه الأمور؛ لأنها تمسهم أيضا بحكم المواطنة، وصار الناس يصفون كل من ينتمي إلى جنسية المتجاوزين أنه كذا وكذا، وفي دوائر معينة نجد أنهم شكلوا ما يشبه المافيا المنظمة التي تتحكم في كل شيء، ويمتد أعضاؤها من أعلى رتبة يصلها الوافدون إلى الفراشين، بحيث لو أردت انجاز أي معاملة فلا تتم إلا بالرشوة، فالمافيا تتحكم حتى في استخراج ملف أو نقله، ناهيك عن القرار الأخير، وهم قادرون على شل القرارات بفعل تمكنهم من تضخيم المخالفات للمدير المسؤول أو خداعه أو تضييع المعاملة في متاهات حتى يدفع صاحبها الرشوة.
في هذه الدوائر لا تستطيع أن تصل إلى هذه المافيا، فهم يحصنون بعضهم بعضا، ويوهمون الجميع بأنهم لم يتجاوزوا القانون، وأن كل تصرفاتهم تتم حسب الأصول الإدارية المرعية. إن استمرار ما يحدث في بلدية الكويت على سبيل المثال عيب وفضيحة ودلالة على عجزنا أمام مافياها، والمواطن وأي مراجع للبلدية يتحسر على بلد لا يحمي مواطنيه من هذا الفساد والعبث.لذلك لا بد من اتخاذ خطوات عملية وحاسمة لتخليص البلاد منهم، إن عملية استبدال تتم كل خمس سنوات للوافدين يمكن أن توقف عمل المافيات ودكّ حصونها، وأعتقد أن جميع الدول المصدرة للوافدين وطالبي العمل من المختصين فيها سيرحبون بمثل هذا القرار، حماية لسمعة بلدانهم من ناحية وفتح فرص عمل لآخرين يتطلعون للعمل خارج بلادهم، وعلينا أن نحسن الاختيار وتطبيق معايير فنية وسلوكية عند اختبار القادمين الجدد، عملية الاستبدال المنتظمة لن تكون موجهة ضد أي بلد، وسيفرح كثيرون ممن يرغبون في العمل هنا، وعلينا أن نبين للقادمين الجدد أن البلاد لن تتسامح مع أي تجاوز وأن نوزع الجنسيات على الدوائر، بحيث لا تسيطر جنسيات على عمليات أي وزارة أو دائرة.هذا الاستبدال سيكشف أيضا المسؤولين الضعفاء الذين سلموا أعمالهم لغيرهم، كما سيربك عمليات الوسطاء والراشين والفاسدين من أبناء البلد.