عندما تكون الخسارة في النوع تفقد الكلمات معناها وسحر تأثيرها، فهل خسرنا حمد الجوعان كمسؤول سابق فقط؟ "الله ما كثر" المسؤولين الذين رحلوا، هل فقدنا برلمانيا سابقا؟ رحم الله النواب السابقين الذين دخلوا الحياة وخرجوا منها دون أن يذكرهم أحد لأنهم لم يكونوا غير "مناديب" فأدوا واستفادوا ثم تم استبدالهم بــ"مناديب" أسرع وأوقع.

ما خسرناه هو ذلك "الصنف" من الرجال الذين لا يخجلون من قول كلمة "لا" في وقتها وأمام المعني بها، وحمد من فرسان "لا"، الصنف الذي يمتلك الرؤية والهمة لبناء مؤسسة عريقة مثل التأمينات الاجتماعية، وليس في باله توريثها لأحد من أقربائه أو إجراء عملية تحويل "لخيراتها" كي تصب في جيبه.

Ad

ما خسرته الكويت في حمد ليس سوى زمن حمد الذي اتسع له ولغيره من الكفاءات من أبناء الكويت كي يصنعوا للوطن مؤسسات تعيش لا "بشوتاً" "تشيخ"، حينها فقط كانت الكويت تتسع للمعارض الإيجابي والمشاكس المبدع والرأي المخالف فأشعت وأبهرت.

حمد الجوعان إنسان عاش بيننا ثم رحل، ولكن ما الذي فعله للكويت عندما أتيحت له الفرصة تارة، وعندما انتزع الحلول تارة أخرى، أسس في الحكومة صرحا، وفي خندق المعارضة نهجا، وفي البرلمان رصيدا، ذلك هو الإرث الذي خلد سيرته في ذاكرة الوطن الحقيقية.

في الختام يحق لعائلة حمد الجوعان أن تفخر بسيرة ابنها، فبمثله يكون الفخر والرفعة، وبقدر الحزن لفقده هو وكل فرسان "لا" الذين رحلوا نعزي أنفسنا بالنموذج المتفرد الذي صنعه للمعارض الإيجابي والصبر على الألم.

ونسأل الله أن يتغمد حمد الجوعان بواسع رحمته.