على مدى عدة أيام ونحن نلحظ تحركات مريبة «للآليات» على حدود منطقتنا، وكل يوم تزيد الحشود، الرابط المشترك بين هذه «القوات» هو الصدأ الذي يعلوها جميعا. تصاحبها صفائح حديدية ضخمة تحجب الرؤية على أشكال جدران مرتفعة جداً، ومخيفة جداً، وكانوا يختارون لها الساحات الفارغة وسط الأحياء! ما الذي يحصل؟ وما الذي يدبرونه لنا؟ وما الخطوة التالية؟ لا أحد يعرف!حانت «ساعة الصفر» وبدأ الهجوم و»التوغل» بين البيوت والشوارع العامة بقيادة وتنفيذ طواقم من أناس عرف عنهم عدم الدقة وسوء التخطيط ورداءة التنفيذ، أخذت هذه المعدات، التي لا تكاد تتحرك، باختراق طبقات الأسفلت المتهالك أصلاً، تصاحبها جلبة وإزعاج أرعب الخدامات والأمهات، وعندما يتم إنهاك محتويات الشارع تسارع تلك «المجنزرة» إلى نهش ما تبقى منه مع ما تحته من الرمال، وما يدانيه من الرصيف، متجاوزة حدائق و»كربستون» خلق الله بلا شفقة، وتلقي بكل ما سبق في أي ساحة خالية حولها، وقد تحولت إلى «خردة» لا تصلح لشيء، ولا يمكن، على الأقل، إعادة استخدام الكربستون المغتصب.
وهكذا وفي جميع الشوارع والطرقات تفعل الأفاعيل وتشق الأخاديد وتجرف الحدائق، وتنسف المظلات، والحجة في هذا كله أن حكومتنا الرشيدة قد طلبت من أحد المقاولين تبديل مجاري منطقتنا. وبعد «افتراس» كل ما هو بنية تحتية خرجت هذه «القوات» متثاقلة كل منها «يسحب» الآخر، وقد أصبحت «هدية» قاعاً صفصفاً منزوعة الأرصفة «مبهدلة» الشوارع، يعلوها الغبار ويلفها الظلام بسبب إزالة أكثر أعمدة الإنارة! وإزاء هذا «العبث» قررت مع مجموعة من «الثوار» التواصل مع الحقوقيين في «هدية» المنكوبة لرفع قضية استعادة حقوق وإعادة ترميم ضد المقاول المحتل، وهنا نصحنا أحد «الخبثاء» المشفقين بأن «نبلع العافية» ولا نتعرض للمقاول، وأضاف: «إنتوا ما تعرفون المقاول؟» فأجبنا مجتمعين: «منهو؟»، ابتسم وأعاد نصيحته الخالدة ببلع العافية.ومباشرة سمعنا النصيحة وقررنا توجيه رسالة شكر إلى «مقاولنا» الوطني الذي جعل «مجارينا» على «رأس» أولوياته، فهو إن كان نفذ العقد كما يجب فهو أيضا أتحفنا بخدمات جليلة، فلا تحتاج الحكومة لوضع مطبات صناعية، فمقاولنا العتيد قد استبدلها بحفر متوسطة العمق تجبر السائقين على تخفيف السرعة، بالإضافة إلى أننا الآن نستطيع الوصول لبيوتنا بخط مستقيم حيث لا توجد أرصفة تحدك أو استدارات تردك، ومن فضائل مقاولنا أن من يريد زيارة أحد في هدية فلن يستطيع أن يصل إليه، فلا لوحات إرشادية ولا شوارع رسمية، ونتحدى «غوغل ماب» أن يتعرف على معالم المنطقة، وبذلك وجدناها فرصة عظيمة لتطوير علاقاتنا الأسرية. ونحن هنا نطالب حكومتنا بمنح هذا المقاول الوطني عقداً جديداً لصيانة وتسليك مجارينا... يستاهل.
مقالات - اضافات
نكهة النكبة
28-05-2016