الإرهاب براً وبحراً وجواً

لم يكن سقوط الطائرة المصرية التي كانت في طريقها من باريس إلى القاهرة الأسبوع الماضي بالحادث المفاجئ، حيث تتعرض مصر منذ فترة لسلسلة من العمليات الإرهابية المدبرة من أهل الشر الذين يريدون إسقاطها وتفتيتها كما حدث لعدد من الدول العربية التي تحولت إلى أطلال وبقايا دول، والملاحظ في كل هذه الأعمال التخريبية أنها تهدف إلى إحباط المصريين في الداخل وضرب العلاقات بين مصر والدول التي تساندها وتقف إلى جوارها، فبعد أن فشل الحاقدون والكارهون في إحداث وقيعة بين مصر وشقيقاتها من الدول العربية، وخصوصاً دول الخليج من خلال نشر الإشاعات وترويج الأكاذيب وإثارة البلبلة توجهوا إلى الدول الأوروبية التي أيدت اختيارات الشعب المصري، ودعمته بعد ثورة 30 يونيو، وكانت البداية بإسقاط الطائرة الروسية فوق سيناء في أكتوبر من العام الماضي، والتي راح ضحيتها أكثر من 220 راكباً، وأعلن تنظيم «داعش» الإرهابي مسؤوليته، ثم حدثت واقعة مقتل الطالب الإيطالي جوليو ريجيني في فبراير الماضي، واستغلها المتربصون بأمن واستقرار مصر لإفساد العلاقة التي تجمعها بإيطاليا، ومؤخراً يبدو أنه لن يكون الحادث الأخير إسقاط الطائرة المصرية القادمة من باريس لدق إسفين في العلاقات بين مصر وفرنسا التي تشهد حاليا فترة من الازدهار.

ولعل العقلاء يتفقون على أن الإرهاب لا دين له ولا وطن، وإن كان يجد في بلادنا العربية أرضاً خصبة ودعماً فكرياً ومالياً، كما أنه ليس كما يروج البعض بأن هناك أسباباً اقتصادية أو تعليمية أو سياسية تدفع البعض إلى التطرف، وخصوصاً الشباب الذين لا يجدون فرص عمل أو الأميين والجهلاء أو من يبحثون عن الحرية والديمقراطية، لأنه بقراءة وتحليل بسيطين يتضح أن الكثير ممن ينضمون إلى الجماعات الإرهابية وينفذون أبشع عمليات القتل والتنكيل والتمثيل بالجثث خرجوا من مجتمعات ميسورة الحال وليسوا فقراء، بل إنهم يتمتعون بحياة معيشية كريمة، وكذلك بالنسبة إلى الحالة التعليمية فإن الكثيرين منهم يحملون شهادات جامعية، وبعضهم حاصل على الدكتوراه، وبعضهم تلقى تعليمه في مدارس أجنبية، أما الحديث عن الحريات وأن الكبت والتضييق في الدول العربية يدفع البعض إلى التطرف فما رأي من يدعي ذلك بانضمام آلاف الرجال والنساء الذين يعيشون في الغرب (أبو الحريات) إلى تنظيمات إرهابية مثل «داعش» وغيره؟

لقد اكتوت الكثير من دول العالم بنار الإرهاب الأسود، ورغم ذلك لاتزال هناك دول تدعمه وتتحالف مع التنظيمات المتطرفة وتسمح للإرهابيين بالتنقل وتمنحهم حق اللجوء السياسي والحصانة، وتفتح لهم صفحات الإنترنت ليخططوا وينسقوا لأعمالهم الإرهابية، ويتواصلوا مع المجرمين أمثالهم، الأمر الذي أدى إلى انتشار الإرهاب وتوغله، ولم يعد فقط خطراً على الدول المستهدفة التي تتعرض لهجمات المتطرفين، بل البشرية كلها مهددة من هؤلاء الذي يعيثون في الأرض فساداً، ويستخدمون أبشع الوسائل في ارتكاب جرائمهم وسط تخاذل الدول الكبرى التي تستطيع أن تكبح جماحهم، ولكن لأن مصالحها تتلاقى معهم فهي تتركهم يهدرون دماء المستضعفين ويرقصون فوق الجثث ويفتتون الدول ويشردون الكبار والصغار ويحرقون الأخضر واليابس، ولكن الحقيقة التي يجب أن يدركها الجميع أن نار الإرهاب ستطول الجميع، فالإرهابيون لا عزيز لديهم، يتحالفون مع الشيطان ثم ينقضّون عليه يوماً ما.

السلحفاة والصاروخ

من خلال رحلة لي في أميركا وعدد من الدول الأوروبية تأكد لي أننا في مشاريعنا التنموية نسير كالسلحفاة، وهم يسيرون كالصاروخ، كما أن مطاراتهم، رغم تكدسها بالبشر، تستوعب الجميع نظراً لتخطيطهم السليم ورؤيتهم المستقبلية، نتمنى من ربعنا أن يستنهضوا الهمم وأن يخرجوا إلى النور المشاريع التي مر على بعضها 15 عاماً.