«أحفاد محفوظ»... قراءة تحليليّة لـ 60 رواية
أصدرت «الدار المصرية اللبنانية» أخيراً كتاب «أحفاد محفوظ» للناقد الأدبي الدكتور صلاح فضل، ويضم قراءة تحليلية لنحو 60 عملاً روائياً صدرت خلال السنوات العشر الأخيرة، ذلك في حلقة جديدة من مشروع فضل النقدي الذي بدأه بكتاب «أساليب السرد في الرواية العربية»، ثم «سرديات القرن الجديد».
في كتابه «أحفاد محفوظ»، يرصد الناقد الأدبي د. صلاح فضل تجارب متعددة ورؤى متباينة ومدارس شتى، بعضها ينحو إلى الرمزية، وبعضها يجنح إلى الخيال، كذلك نجد عملاً توثيقياً وتاريخياً، يعبر عن تجارب شخصية، أو يحاكي واقع الحياة الاجتماعية وما تحفل به من نماذج بشرية متعددة، وما تموج به نفوسهم من تناقضات وصراعات، فيتوقف عند أهم الظواهر اللافتة في إبداع هذا الجيل من أحفاد نجيب محفوظ.ومن الأعمال التي يتناولها الناقد للكاتب الروائي محمد المنسي قنديل «يوم غائم في البر الغربي»، وللكاتب عمار علي حسن «شجرة العابد» و{وردة التحرير»، وللكاتب وجدي الكومي «الموت يشربها سادة» و{خنادق العذراوات»، ولطارق إمام رواية «هدوء القتلة»، ولبهاء عبدالمجيد «خمارة المعبد»، ولياسر عبدالحافظ «كتاب الأمان»... وغيرها.
ظواهر لافتة يشير فضل إلى ثلاث ظواهر لافتة في إبداع جيل أحفاد نجيب محفوظ، ويسجلها في ثلاث نقاط: أولها أن هذا الجيل مضى بالرواية العربية إلى آفاق رحبة من التطور والخصوبة والثراء، وحافظ في معظم الأعمال على الإطار السردي المستوعب للأشكال المستقرة والتقنيات الناضجة، وهو متجدد متنوع يتسع لأنواع محدودة من التجريب المحسوب، وهو ما يطلق عليه «جماليات التوافق» التي تمتع الذوق العام للقراء، وتستجيب لتوقعاتهم من ناحية، ثم تمضي برفق لتنمية حساسيتهم تجاه الفتوح الجديدة الماكرة المستساغة من ناحية أخرى من دون أن تصدمهم بعنف.الظاهرة الثانية هي تفرد أبناء هذا الجيل بأنه يضم عدداً من الكتاب يتقنون غالباً لغة أجنبية عالمية ويترجمون بها ويطلعون عبرها على التيارات الحداثية والتجريبية والطليعية في الرواية، فاستهواهم الإبداع الذي يشبع ما يسمى بـ «جماليات التخالف» أي تلك التي تسعى إلى توظيف تقنيات غير معهودة صادمة لعامة القراء، لكنها مثيرة للتأمل لدى المثقفين المتخصصين والمستعدين بفطرتهم للتجريب، وفي مقدمة هؤلاء الثلاثي طارق إمام وأحمد عبدالله وياسر عبدالحافظ.تتمثل الظاهرة اللافتة الثالثة في بروز عدد من شباب الكاتبات اللاتي تجاوزن القضايا النسوية التقليدية في كتاباتهن وتقدمن ليحكين قصة العالم من منظورهن وبلغتهن، ومنهن منصورة عز الدين ومي خالد وهالة البدري وأمل عفيفي. ويرى فضل أن نجيب محفوظ المولود أوائل العقد الثاني 1911، تدفق إنتاجه بغزارة في عقود منتصف القرن منذ الأربعينيات وتلاه جيل الستينيات الذي شغل الفضاء الإبداعي في العقود الأخيرة من القرن. أما الجيل الثالث، وهم الأحفاد الذين يعنيهم الكتاب، فبدأوا النشر في التسعينيات وتتراوح أعمارهم بين الثلاثين والخمسين. وكشف صلاح فضل أنه استوحى العنوان «أحفاد محفوظ» من كتاب الشاعر أحمد عبدالمعطي حجازي «أحفاد شوقي» قائلاً: «ليس محفوظ بأقل من شوقي في كثرة النسل وخصوبته، ولما كنت قد نشرت سابقاً كتابات نظرية عدة عن مفهوم الأجيال وتحقيبها، أي توزيعها على حقب زمنية، فإن بوسعي تبرير ذلك جيداً وإقناع الناشر والقارئ أيضاً به».