يشهد لبنان اليوم الفصل الختامي للانتخابات البلدية والاختيارية في مرحلتها الرابعة، حيث يتوجه الناخبون في محافظتي الشمال وعكار للادلاء بأصواتهم لحسم معارك لن تقل حدة وحماوة في الكثير من مدن المحافظتين وبلداتهما وقراهما، عما سبقها في المحافظات الاخرى.

ورغم الشغور في منصب الرئيس، والتعطيل الذي يعيشه مجلس النواب الممد لنفسه على خلفية هذا الشغور، إضافة الى العمل تحت سقف الحد الأدنى من المطلوب في مجلس الوزراء بسبب تركيبة الحكومة الائتلافية التي تتنازعها الخلافات السياسية، نجح اللبنانيون في إتمام الانتخابات البلدية دون حصول انتهاكات أو اضطرابات أهلية أو أمنية، وتميزت بقدر عال من الديمقراطية، واثبتت أن المجتمع اللبناني أفرز قوى مدنية بديلة عن السائد مستعدة لخوض العمل العام من خارج الطقم التقليدي.

Ad

ويبدو أن نجاح هذه الانتخابات ترجم عمليا عبر الهمس المتزايد بتوصل قوى سياسية أساسية في البلد الى اتفاق على إجراء الانتحابات النيابية في موعدها المقرر عام 2017. وهذا الاتفاق، بحسب مصادر، سينعكس تسريعا لعمل اللجان النيابية المكلفة لتضع قانونا جديدا للانتخابات تبدأ من بعده الاستعدادات لمعركة نيابية طال انتظارها، بعد انهيار كتلتي «14 و8 آذار» الى غير رجعة، وظهور تحالفات خلطت كل الاوراق.

«عاصمة الشمال»

بالعودة إلى انتحابات اليوم، تشهد عاصمة الشمال طرابلس معركة حاسمة للشخصيات السنية الأولى في البلاد مع التوافق بين رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي مع رئيس تيار «المستقبل» سعد الحريري بعد فترة جمود بينهما، الذي انضم اليه وجهان أساسيان آخران هما النائب محمد الصفدي والوزير السابق فيصل كرامي. وتحولت المعركة الانتخابية من مواجهة شرسة بين أطراف سياسية متخاصمة، كما كانت الحال لو لم يتم التوافق، إلى معركة بقاء للأطراف التي خرجت عن هذا التحالف، وتحديدا لكل من النائب السابق مصباح الأحدب ووزير العدل المستقيل أشرف ريفي.

ومع أن المعركة الانتخابية شبه مضمونة لمصلحة لائحة «لطرابلس»، سوف يكون لنتائج التصويت مؤشرات إلى مدى نجاح ريفي تحديدا في خلق حيثية له في طرابلس خارج القرار الحزبي لـ»المستقبل».

وأكد ريفي امس أن «قرار طرابلس يقرره الطرابلسيون وحدهم، وهم سيعلنونه، ولا أريد أن أدخل في سجالات مع أحد»، مضيفا: «لن نسمح لبعض قوى 8 آذار بأن تتسلل إلى طرابلس من خلال لائحة التوافق، فلا مكان بيننا لمرشحي رفعت عيد وحزب الله».

وشدد على أن «طرابلس لبنانية الهوى والانتماء، ولطالما كانت خط الدفاع عن لبنان، ولن تكون حصان طروادة لأحد»، لافتا إلى أن «أغلب القوى السياسية في لائحة لطرابلس كانوا أعضاء أساسيين في حكومة القمصان السود».

اختبار «الثنائي الماروني»

وتعتبر هذه الانتخابات أيضا محطة اختبار لـ«تفاهم معراب» بين التيار الوطني الحر وحزب القوات اللبنانية اللذين يحاولان فرض نفوذهما في معظم المناطق المسيحية، وفي مقدمتها القبيات التي تشهد معركة حامية بين الحليفين الجديدين وبين تحالف عضو كتلة «المستقبل» النائب هادي حبيش والوزير الأسبق مخايل الضاهر.

كما تحتدم المواجهة في بلدة تنورين بين اللائحة المدعومة من وزير الاتصالات بطرس حرب ولائحة أخرى مدعومة من «الثنائي الماروني»، أما في مدينة بشري فتواجه لائحة من عائلات ومناصرين سابقين لـ»القوات اللبنانية» اللائحة «القواتية».

وفي زغرتا كسر التوافق بين رئيسي «تيار المردة» سليمان فرنجية و»حركة الاستقلال» ميشال معوض على تأليف لائحة توافقية للانتخابات البلدية، الأجواء التقليدية للتنافس بين العائلتين التاريخيتين. إلا أن الأمر لم ينته هنا مع دخول لائحة منافسة مشكلة من المجتمع المدني تحت عنوان «لائحة الإنماء» لتبارز «الزعامات الزغرتاوية» التقليدية.