أخبرنا عن منجزك النقدي الأخير {النص... العرض إضاءات من المسرح الخليجي}؟

Ad

انتهيت من كتابته وسيخرج إلى الجمهور قريباً. يشتمل على مجموعة من الرسائل الأكاديمية بحثها طلاب كويتيون، ونوقشت في المعهد العالي للنقد الفني. كذلك قدمت عبر صفحات الكتاب عرضاً نقدياً تحليلياً لهذه الرسائل، وتضمن رأيي بشأن مسرح الارتجال، وكتبت فقرة عنه مكونة من عشر صفحات بعنوان {بهجة الارتجال}، حيث حفظت للارتجال مقامه الرفيع المتميز.

أنت مع الارتجال على المسرح. ما تقييمك لبعض التجارب ومن بينها مسرح مصر؟

الارتجال في المسرح ليس مطلقاً، بل لا بد من أن يتمحور حول الفكرة الرئيسة للنص، و{مسرح مصر} تجربة محترمة وقيمة وفيها كثير من الإبداع، وتعد بمثابة مصنع لتخريج المواهب من ممثلين ومصورين وكُتاب. عموماً، أعظم المواهب هي التي تولد على خشبة المسرح، والممثل الشاب أشرف عبد الباقي استطاع في الحقيقة بهذه التجربة الرائعة أن يعيد إلى المسرح رونقه وبريقه الذي فقد الكثير منه خلال السنوات الماضية.

إلى أي مدى اختلفت نظرتك إلى الأعمال الأدبية راهناً عن بدايتك في مجال النقد؟

بالتأكيد اختلفت كثيراً. في مرحلة البداية يكون رأيك قابلاً للتصاعد والتكامل مع زيادة المعرفة به. وعندما تتخيل أو تتصور أنك أصبحت تمتلك الشيء، ولديك خبرة ومعرفة به وبسراديبه ربما تكون أكثر اقتناعاً أو أكثر تشككاً. ولكني أقول بصراحة بعد كل هذه السنوات، إنني لم أكن حريصاً جداً على أن أكون ناقداً، بل كنت حريصاً على دراسة الأدب، ولستُ من هؤلاء النقاد الذين يتصورون أنهم يعطون شهادات الميلاد والوفاة للأعمال الأدبية، ولكنني أتصور نفسي صديقاً للعمل الأدبي وصاحبه في الوقت نفسه، لذلك لا تجدني محشوراً في زمرة لا أريد أن أطلق عليها {عصابات النقد}، ولكنها أقرب ما تكون إلى العصابات.

ما الصفات التي يجب أن يتمتع بها الناقد الأدبي؟

النقد ليس عملية صعبة، بل عملية إنسانية يجب أن تكون مجردة من روح الاستعلاء، ونحن كنقاد عرب ليس لدينا أدنى إضافة إلى النقد الحديث حتى اليوم، وأفضل من لدينا يلتقط كلمة من هناك وكلمة من هنالك ويفرح بها ويقدمها لنا على أنها أعظم ابتكار في التاريخ، رغم أن هذا المبتكر أصبح قديماً لدى الآخرين. عموماً، يبدأ تجديد النقد بتجديد الإبداع، ونحن نعطل تجديد الإبداع بالرقابة والكوابح التي نضعها على الإبداع تفسده، وبالتالي تفسد النقد.

الإبداع و{الحرافيش} والثورة

كيف ترى مفهوم حرية الرأي والإبداع؟

كتبت في هذا الموضوع منذ سنوات طويلة، فلا يجب وضع أية قيود على الإبداع، أما القيد الوحيد الذي قد يُفرض على الإبداع فيضعه المتلقي. يشارك النقد الحقيقي الصحيح والمبصر في تنوير الرأي العام من دون أن يمارس الضرب بالعصا أو التلقين أو التخويف والترهيب، فحرية الإبداع تقابلها حرية المصادرة من الجمهور وليس من أجهزة القمع من أية جهة أو مسؤول في الدولة، والرقابة الحقيقية تكون للقارئ العادي.

أطلقت منذ 20 عاماً مقولة {رواية الحرافيش للأديب الكبير نجيب محفوظ هي رواية كل الروايات}، أما زلت ترى ذلك؟

نعم، فالرواية طرحت أهم القضايا في مسيرته محفوظ الإبداعية ووصلت إلى عشرات الروايات والمجموعات القصصية، فتطرقت إلى الإنسان والحرية وتخفيف النزعة الطبقية والتراحم بين البشر، وقيمة الاكتشاف والتقدم كهدف إنساني عظيم، وحماية الضعفاء في المجتمع، والسماحة الأخلاقية. وفي هذه الرواية، استخدم المؤلف محاور متحركة، وحوادث منقطعة وأخرى متعاقبة، وثالثة مستمرة، وقيماً دائمة وقيماً أفلست وأخرى ثبت عجزها عن التكيف.

تجد في {الحرافيش} كل ما تريد، لذلك صدرت أكثر من سبعة بحوث حولها، وشاركت شخصياً في معرض القاهرة الدولي للكتاب في ندوة حول هذه الرواية، وفعلاً تستحق أن يُطلق عليها لقب {رواية كل الروايات}.

لماذا لم نر عملاً أدبياً بحجم حوادث ثورة 25 يناير رغم مرور أكثر من خمس سنوات عليها؟

خمس سنوات فترة قليلة على رؤية الحدث، لا سيما أن التداعيات لا تزال مستمرة وأن الصورة القريبة غير واضحة. رسمنا لوحة جدارية ولكنها لم تنتهِ ولا نعرف الألوان المستخدمة فيها ومتى سيتم الانتهاء منها. عموماً، بعض الأعمال الأدبية التي تناولت الحوادث التي مررنا بها خلال السنوات الماضية هي تغطية مؤلف وليست تغطية مفكر، فهو يضع الحوادث في قالب درامي مشوق، ولكنه لا يكتب وعينه على حركة المجتمع، وكي يحدث ذلك لا بد من أن يكون الكاتب على دراية بجذور هذا المجتمع، لذلك تجد أن آراء غالبية كُتاب هذا الجيل سطحية، وأن جيل نجيب محفوظ لم يورث أحداً. وللأسف، فإن غالبية كُتاب الجيل الحالي لا يجيدون اللغة العربية.

لمحة ذاتية

حاصل على الليسانس من كلية دار العلوم بجامعة القاهرة عام 1961، ودكتوراه من كلية الآداب جامعة عين شمس. تولى مناصب عدة من بينها رئيس قسم البلاغة والنقد الأدبي والأدب المقارن بكلية دار العلوم بالفيوم، ثم وكيل الدراسات العليا.

له من المؤلفات النقدية والأدبية ما يزيد على 58 مؤلفاً، من بينها {الحركة الأدبية والفكرية في الكويت}، و{الواقعية في الرواية العربية}، و{الريف في الرواية العربية}، و{الإسلامية والروحية في أدب نجيب محفوظ}، و{الحب في التراث العربي}، وغيرها.