بانتظار الأرقام النهائية لانتخابات الشمال، طوى لبنان صفحة الانتخابات البلدية وبدأ جميع الأطراف بقراءة الأرقام وتحليلها، خاصة لناحية المستجد على الساحة السنية.

وحلت نتائج معركة طرابلس البلدية كالصاعقة او بالأحرى كالزلزال الذي قلب المشهد السياسي في عاصمة الشمال رأساً على عقب بعد فوز لائحة وزير العدل المستقيل أشرف ريفي بـ18 مقعداً من أصل 24، متغلباً على لائحة تضم رئيس الحكومة السابق زعيم تيار «المستقبل» سعد الحريري ورئيس الحكومة السابق زعيم تيار «العزم والسعادة» نجيب ميقاتي، ووريث زعامة ال كرامة فيصل كرامة، بالاضافة الى «الجماعة الإسلامية و»المشاريع» ووزير المال السابق محمد الصفدي.

Ad

وأظهرت النتائج تراجعا لمكانة تيار «المستقبل» وتقلص ظله السياسي على المدينة التي كانت حتى الأمس القريب تعد واحدة من ابرز معاقله ومصادر قوته. ومن شأن النتائج ان تحدد احجام القوى السياسية المختلفة، وأن ترسم مشهدا جديدا للخريطة السياسية الشمالية عموما والطرابلسية خصوصا مع فوز ريفي الكاسح منفردا وبمصادر مالية متواضعة على التحالف العريض الذي يضم ما سمي «حيتان مال» ليس على مستوى لبنان بل على مستوى إقليمي.

ريفي

وعلق ريفي على النتائج الأولية للانتخابات البلدية في طرابلس أمس، فأعلن البدء «بمرحلة جدية»، مؤكداً أنه ما زال اللواء أشرف ريفي نفسه، وقال: «رجلاي لا تزالان على الأرض». وتوجه إلى الحريري بالقول: «عد إلى ثوابت رفيق الحريري». وأضاف: «لا مانع من عقد لقاء مباشر أو غير مباشر مع تيار المستقبل والتعاون في أي قرار ينسجم مع قرارنا، والباب مفتوح للقاء».

وإذ أوضح ريفي أنه لم يكن يوما منتسباً إلى تيار «المستقبل» بل هو «حالة حريرية مستقلة»، قال: «كنا نلتقي مع المستقبل، لكن بدأ التباين عندما رشح الحريري فرنجية لرئاسة الجمهورية، فهذا القرار ليس له أي صلة بثوابت الحريري».

ورداً على سؤال عما إذا كانت الانتخابات البلدية تنعكس على الانتخابات الرئاسية وأن طرابلس قالت لا لفرنجية للرئاسة، أجاب ريفي: «طبعا قالت لا لترشح فرنجية لرئاسة الجمهورية منذ زمن».

وعن العلاقة مع الحريري قال: «يمكن أن أكون في قريطم وليس في بيت الوسط. أنا مع ثوابت رفيق الحريري ولن أعود عن استقالتي بانتظار انتخاب رئيس للجمهورية».

الحريري

وهنأ الحريري الفائزين بانتخابات الشمال عموماً وطرابلس خصوصاً، داعياً الجميع الى «التعاون لمصلحة المدينة». وأكد في سلسلة تغريدات عبر «تويتر» أمس على «احترام الإرادة الديمقراطية لأبناء طرابلس الذين اختاروا أعضاء مجلسهم البلدي الجديد»، داعياً «القوى الطرابلسية الى تجاوز الاصطفافات الانتخابية وتسهيل مهمة المجلس المنتخب في إنماء المدينة وحل مشكلاتها».

وأضاف: «طرابلس تستحق منا الجهد والدعم مهما كانت الظروف، وسنبقى حاملين همومها وقضاياها في كل وقت». كما رأى رئيس الحكومة تمام سلام أن «الانتخابات البلدية أعادت بعض الحيوية ومثلت إنجازا كبيرا لتحفيز العمل من أجل إيجاد السبل لانتشال الوطن من حالة الغيبوبة السياسية»، معتبراً أن «اللبنانيين مستعدون بكل تنوعهم وولاءاتهم للخوض بمسؤولية وطنية عالية في جميع الاستحقاقات الانتخابية الوطنية».

وأكد سلام في بيان أمس أن «السبيل الوحيد للخروج من المراوحة وما أنتجته من إضعاف لمؤسسات الدولة كان وسيبقى انتخاب رئيس للجمهورية»، لافتاً إلى ضرورة «الذهاب سريعاً إلى انتخاب رئيس للجمهورية، وبعد ذلك إجراء الانتخابات النيابية التي يجب التحضير لإجرائها في موعدها».

«الثنائي المسيحي»

وفي وقت بدا أن التحالف المسيحي بين حزب القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر الذي بات يعرف باسم الثنائي المسيحي أو ثنائي معراب، تلقى صفعة بخسارته بلدتي القبيات وتنورين، أمام النائب هادي حبيش ووزير الاتصالات بطرس حرب، عكفت المصادر المقربة من الطرفين على ابداء ارتياحها من نتائج المعركة في الشمال، حيث حقق طرفا التحالف مكاسب أكثر قياسا الى الانتخابات السابقة، ولم يخسرا أي بلدية كانا يسيطران عليها بل خسرا في المناطق المغلقة المحسوبة على زعامات محلية تاريخية عائلية أو اقطاعية.

وقالت مصادر مقربة من الطرفين، ان هذه الانتخابات أكدت، بما لا يقبل الشك، أن الانتخابات النيابية المقبلة ستظهر اكتساحا للتحالف في المناطق المسيحية، على ضوء ما تم تحقيقه من نتائج في الانتخابات البلدية، مضيفة ان الانتخابات المقبلة «ستمزق اربا» الخريطة النيابية للمناطق المسيحية التي رسمت في زمن «الاحتلال السوري».

توقيف الحلبي يثير استنكاراً

أثار قيام قوى الأمن بتوقيف المحامي نبيل الحلبي، فجر أمس، مخفورا في منزله في عرمون، بعد خلع بابه، على خلفية دعوى القدح والذم المرفوعة عليه من وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق، استنكار العديد من الناشطين والمعلقين على وسائل التواصل الاجتماعي، معتبرين التهمة الموجهة إلى الحلبي «سياسية»، ولا تستلزم هذا النوع من السلوك من الأمن.