بعد المقال الأول بعنوان "شوية تحلطم" الذي امتلأ من أوله إلى آخره بـ"تحلطم وايد مو شوية"، تلقيت عددا من الاتصالات الهاتفية والرسائل النصية التي تحمل الكثير من الأفكار التي تنتشر على مساحات واسعة من حرية التعبير، تؤكد تأصل الديمقراطية في هذا الوطن العزيز مع اختلاف الآراء والأفكار وتعارضها في كثير من الأحيان، فالطرف الأول يعبر عن تأييد مطلق لأسلوب "التحلطم"، فلا يمكن السكوت عن الأوضاع التي أدت إلى تراجع الوطن من موقع الريادة إلى آخر الركب، وفي كل المجالات بلا استثناء.

ولا نريد هنا أن ندخل في مقارنات مع بعض الدول من حولنا، ولكن فقط نريد أن نعود إلى ما كنا عليه في الزمن الجميل في بدايات النهضة في البلاد، من منا لا يذكر تلك الفرق الصحية التي كانت تجوب المناطق لرش المبيدات في المنازل والطرق؟ من منا لا يذكر تلك اللوحات الإرشادية التي كانت تنتشر في شوارع الكويت، والتي كانت تحمل عبارة "أمامك اتجاه جبري"، ثم ينتهى العمل على أكمل وجه وفي فترة قصيرة؟ ومن منا لا يذكر سيارات الجيب التابعة لمخفر المنطقة، وهي تجوب شوارع المناطق على مدار الساعة، فيشعر المواطن بالأمن والأمان وهو يرى تلك العيون الساهرة من رجال آمنوا بربهم ووطنهم؟ أين تلك الرعاية التي كنا نتلقاها في المدارس من تعليم ونظافة وصحة ومدرسين أكفاء، وتقديم وجبات صحية وملابس وأحذية؟ حقا كانت أيام عز ودلال.

Ad

ومن ناحية أخرى كان التخطيط السليم والمشاريع التي تأتي متكاملة ورائعة وفي أوقات قياسية، فتم بناء ثانوية الشويخ، وموانئ الشويخ والأحمدي والشعيبة، والمطار الدولي، وبنوك وشركات تجارية تنافس مثيلاتها في العالم، ثم أين النهضة الثقافية والصحف والمجلات الرائعة والمؤتمرات واللقاءات الأدبية والشعرية؟ وأين فنانونا الكبار ولاعبونا الرائعون؟ وأين "الأزرق"؟ وهنا أحسست أن هناك شيئا رهيبا يكاد يخنقني لو واصلت الحديث؟ فهل يعقل أن تقوم (170) دولة بعقاب دولة الكويت بإيقاف نشاطها الرياضي؟ وهل يعقل ذلك ويستمر الوضع على ما هو عليه دون أن يحرك أي إحساس لدى أي من القادة والمسؤولين لتعديل الوضع؟ ولماذا؟ في اعتقادي أن الخشية على الكويت الغالية ليس من نضوب النفط، بل من نضوب الولاء والإخلاص والوفاء لهذا الوطن الغالي.

أما الطرف الثاني المعارض لأسلوب "التحلطم" فإنه يرى أن هذا أسلوب العاجز، فبدلا من هذا الأسلوب لماذا لا يتم طرح الحلول والاقتراحات، فربما يكون هناك من يقرأ أو يتابع فتكون تلك الآراء والأفكار محل دراسة وتقييم، إضافة إلى أن أسلوب التحلطم دائما يرتكز على إبراز السلبيات مع تجاهل تام للإيجابيات التي لا تخلو منها البلاد؟

وبين الطرف الأول والطرف الثاني هناك مساحة واسعة مما يمكن أن نطلق عليه "قوم مكاري" أو الأغلبية الصامتة، والواقع أنها هي من يقود المجتمع أو البلاد نتيجة لمواقفها السلبية، فلا هي قادرة على الانتقاد، ولا هي قادرة على الدفاع.

دعاؤنا أن يحفظ الله الكويت وقيادتها وأهلها من كل سوء ومكروه.