صبر أيوب
ما سر الصبر الذي تُضرب به الأمثال؟! حيث ذكره القرآن الكريم: ﴿وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ﴾ لنطف قليلاً حول ما ذكره التاريخ عن أيوب.
كان أيوب يعيش في بلدة غوط، التي تقع بين دمشق واذرعات، وكان شخصية في غاية المهابة من حيث التكوين الجسماني، ومن أثرى أثرياء قومه، ويتمتع بخلق عظيم، وله زوجة جميلة حانية عليه وعلى أولاده السبعة وبناته الثلاث، كلهم أوفياء على عهد أبيهم ويبادرون بطاعته. • أقبل عليه يوماً صديقه زوفار: - أين كنت يا زوفار؟! - كنت أتعبد مع صديقينا ليفاز وبلداد، ثم جئت للسلام عليك يا سيدي.- قبل أن تجلس أتمنى عليك القيام بما يرضي الله من عمل.- خيراً يا سيدي؟- انتقيت صباح اليوم سبعة ثيرانٍ، فاذهب وانحرها وفرّق لحومها على أطفال غوط وأراملها.- أفلا أبقيت أربعة وذبحت ثلاثة يا سيدي؟- ما عهدتك بخيلاً يا زوفار! - نحن في حاجة للثيران للنتاج يا سيدي.- في مزارعي ألف ثور.***• ركب أيوب -كعادته- فرسه إلى خارج المدينة، فأمضى فترة في الصحراء، وإذا به يلمح صديقه زوفار قادماً وهو يلهث. - خيراً يا زوفار...! ماذا حل بك؟ - يا سيدي: أرضك... مواشيك... مزارعك. - كل هذا من رزق الله وهو يرعاه!! - يا سيدي غارت قبائل السيبان على كل شيء من وراء النهر، فقتلوا الرجال، وقيدوا العبيد والإماء، وساقوا الماشية، وأحرقوا الحقول...! - ما ضر قبائل السيبان لو طلبوا مني ما يريدون؟!• وبينما هما يتحاوران أقدم صديقهما بلداد ينوح ويولول: - ماذا حدث يا بلداد؟ - يا سيدي... قُتل أولادك السبعة... وبناتك دُفنَّ تحت الأنقاض...!- وزوجتي رحمة ماذا حلّ بها؟ - تركتها تندبهم باكيةً عليهم...! ***• ومع كل هذا ظل أيوب متماسكاً بجسم قوي صلب، وبإيمان أكثر صلابة، وفي يوم قال لزوجته: - يا رحمة... رأيت اليوم قرحة حمراء على بطني.- البرد شديد هذه الأيام لعلك يا أيوب لم تضع الغطاء جيداً.- لكني كلما حككتها ازداد وجعي! - أرني بطنك يا أيوب.- (تصرخ)... يارب السماوات والأرض... ما هي بقرحة واحدة... انظر يا أيوب!... (ثم تأخذ بالبكاء) - يا رحمة أنفرح بالصحة... ونجزع من المرض؟! ***• ثم يحدث لأيوب ما لا أستطيع أن أصفه من آلامٍ تفوق طاقة البشر، ولهذا وصفه القرآن الكريم: ﴿إنا وجدناه صابراً نعم العبد إنه أواب﴾. صدق الله العظيم • هل عرفتم سر صبر أيوب؟!