بالتزامن مع إعلان المرصد السوري لحقوق الإنسان حصيلة شاملة لضحايا "التدخل الروسي في سورية" آخر سبتمبر 2015، وثّق فيها مقتل أكثر من ألفي مدني سوري ربعهم أطفال، اتهم المرصد سلاح الجو الروسي مجزرة مروعة في مدينة إدلب قتل فيها نحو 60 مدنياً، وأصيب أكثر من 300 آخرين، الأمر الذي نفته موسكو.وشملت الغارات المشفى الوطني بإدلب بشكل مباشر، ما أدى إلى خروجه، وفق مدير المرصد رامي عبدالرحمن والأطباء العاملين فيه، عن الخدمة وقيام فرق الدفاع المدني، التي قدمت من جميع المدن القريبة، لنقل الكثير من المصابين إلى مشافٍ حدودية.
ووفق عبدالرحمن، فإن "سرباً من الطائرات الروسية نفذ الغارات في وقت واحد على مناطق عدة في المدينة"، التي يسيطر عليها تحالف "جيش الفتح" بقيادة جبهة النصرة وحركة "أحرار الشام"، لافتا إلى أن "هذا القصف الجوي هو الأعنف على المدينة منذ بدء سريان وقف الأعمال القتالية في 27 فبراير".وعلقت الإدارة المدنية في إدلب العمل في جميع مؤسساتها، بسبب كثافة القصف، الذي استهدف أيضاً حديقة الجلاء ومناطق دوار المتنبي ودوار البيطرة ودوار الكستنا، حتى السبت المقبل، باستثناء مؤسستي الدفاع المدني والإسعاف.واعترفت إعلام النظام على مواقع التواصل الاجتماعي باستهداف الطيران الروسي لإدلب، وقالت صفحة "دمشق الآن" الناطقة باسمه: "إدلب: قتلى وجرحى في غارات روسية استهدفت 10 أهداف لجيش الفتح".ونفت موسكو، التي كانت ستبدأ الأربعاء الماضي ضرب مقاتلي "النصرة"، لكنها عادت وأجلت ذلك، بغرض إتاحة الوقت أمام المعارضة المعتدلة لتنأى بنفسها عنهم، شن هذه الضربات. وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع إيغور كوناشينكوف، في بيان غاضب، "لم تنفذ الطائرات الروسية أي مهام قتالية ولا أي ضربات جوية في محافظة إدلب".واتهمت الخارجية التركية، أمس، الروس باستهداف مشافي إدلب ومسجد المدينة، داعية المجتمع الدولي إلى التحرك سريعاً ضد ما وصفته بجرائم النظامين الروسي والسوري "التي لا يمكن تبريرها".
حصيلة التدخل
وقبل ساعات، أحصى المرصد مقتل 2100 مدني سوري، بينهم 500 طفل، في الضربات الروسية المستمرة منذ سبتمبر 2015، بالإضافة إلى 2270 عنصرا من "داعش" و1971 مقاتلا من الفصائل المقاتلة و"النصرة" والحزب الإسلامي التركستاني ومقاتلين من جنسيات عربية وأجنبية.ودعا المرصد "مجلس الأمن والأمم المتحدة، للعمل بشكل جدي وفوري، من أجل وقف القتل اليومي بحق المواطنين السوريين الراغبين في الوصول إلى دولة الحرية والديمقراطية والعدالة والمساواة".معركة الرقة
وفي محافظة الرقة (شمال)، وسعت قوات سورية الديمقراطية نطاق عملياتها باتجاه معقل "داعش" في الرقة، وتمكنت من السيطرة على 12 قرية ومزرعة على محور الطبقة ليرتفع، وفق المرصد، إلى 23 قرية ومزرعة عدد المناطق التي انتزعنها منذ بدء هجومها في ريف المحافظة الشمالي قبل أسبوع، وأكد المرصد مقتل 18 عنصراً من التنظيم خلال معارك أمس الأول جثث 15 منهم لدى "سورية الديمقراطية"،وفي ريف حلب، كشفت صور نشرها ناشطون سوريون، أمس، عن حشود لكتائب المعارضة في محيط بلدة مارع على الحدود التركية، استعدادا لشن هجوم مضاد على "داعش"، الذي أحكم حصاره لها، ويحاول السيطرة عليها.وشهد الطرف الآخر من شمال حلب تدخلاً تركياً، وفق بيان للجيش نقلته قناة "سي.إن.إن. ترك"، أشار فيه إلى تمكنه من إصابة 58 هدفاً للتنظيم بنيران مدفعية وقاذفات صواريخ وقتل 28 من مقاتليه.الدعم العسكري
في موازاة ذلك، أعلن وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، أمس الأول، استمرار الدعم العسكري للمعارضة السورية، مؤكدا في مؤتمر صحافي أمس الأول مع ممثلة الشؤون الخارجية والأمنية في الاتحاد الأوروبي فيدريكا موغيريني بجدة، أن هناك إجماعاً دولياً على أن يكون الحل السياسي بناء على مقررات "جنيف 1".وإذ أشار الجبير إلى أن "مجموعة فيينا" اختبرت نية نظام الأسد وجديته في وقف العمليات العسكرية وإدخال المساعدات والالتزام بالعملية الانتقال وفق قرار مجلس الأمن، واتضح أنه غير جاد وسار في الاتجاه معاكس لآمال وتطلعات الشعب السوري في بناء دولة جديدة لا تشمله.وشددت موغيريني على أن العملية السياسية هي الوحيدة لإنهاء معاناته الشعب السوري، وقالت: "ندعم الأشقاء السوريين بالعيش في مستقبل لا يكون للأسد دور فيه".أزمة إنسانية
واتهمت الأمم المتحدة، أمس، السلطات الكردية بمنع المدنيين الفارين من مارع من دخول المناطق الخاضعة لسيطرتها رداً على قصف المعارضة لمناطق تحت سيطرة الأكراد في حي الشيخ مقصود بحلب، معربة عن قلقها إزاء حصار ما يقدر بنحو ثمانية آلاف سوري بسبب القتال في شمال حلب.وأفاد مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية، بأن نحو ألفي شخص استطاعوا الخروج من مارع وقرية الشيخ عيسى القريبة، موضحاً أن "ما يقدر بنحو سبعة آلاف مدني ما زالوا بالداخل وغير قادرين على المغادرة، بسبب القيود التي تفرضها السلطات الكردية".في الأثناء، أصدرت سلطات المعارضة في بلدة اعزاز توجيهات بعدم السماح بدخول المزيد من الفارين من مناطق "داعش". وقال مكتب التنسيق التابع للأمم المتحدة، إن التوجيهات صدرت بسبب مخاوف من تسلل متشددين يعرفون أنفسهم على أنهم نازحون بعد وصول ثمانية آلاف نازح إلى أعزاز.في غضون ذلك، اضطر معتقلو سجن حماة المركزي للإفراج عن قائد الشرطة المحتجز لديهم منذ 3 أيام، مقابل إعادة النظام الكهرباء والماء والإفراج عن 70 معتقلاً.وبعد الإفراج عن قائد شرطة حماة، أعاد النظام الكهرباء والماء، وفق الاتفاق يتم الإفراج عن 70 معتقلاً، على أن يلتزم النظام بالاتفاق السابق ويطلق سراح باقي المعتقلين خلال الأيام المقبلة، مقابل تسليم المعتقلين لمدير السجن ونحو 9 عناصر من الأمن احتجزوهم في ثاني تمرد لهم.(دمشق، موسكو، أنقرة، جدة- أ ف ب، رويترز، د ب أ، كونا)