دعاية هذا الفيلم تقول إنه أنتج في عام 2010 لكنه لم يُعرض تجارياً حتى يومنا هذا، والأمر المؤكد أنها دعاية سلبية قضت على الفيلم تماماً، لأنها تعني أنه عمل ضعيف، ويُعيد إلى الأذهان ظاهرة «أفلام المقاولات» قليلة الكلفة، محدودة الموازنة، التي لم تكن تعرف طريقها إلى صالات العرض التجارية، كونها أنتجت خصيصاً للطبع على شرائط الفيديو، والتصدير للدول العربية!فيلم «شقاوة بنات شبرا» تأليف ماجي مختار وإخراج عبد اللطيف زكي، الذي يثير إخراجه الفيلم ألف علامة استفهام، فالسيرة الذاتية تقول إنه عمل مساعداً للإخراج مع كمال الشيخ، أشرف فهمي وعلي عبد الخالق، وفي تسعينيات القرن الماضي ذاع صيته ما دفع نجوماً كباراً إلى العمل تحت قيادته، أبرزهم: نور الشريف («صراع الأحفاد» و{كروانة»)، محمود ياسين («خيوط العنكبوت» و{طعمية بالشطة»)، محمود عبد العزيز («دنيا عبد الجبار»)، فاروق الفيشاوي («يا نحب يا نقب» و{حنحب ونقب») ويحيى الفخراني («البركان» و{امرأتان ورجل»، الذي شاركت في بطولته ميرفت أمين) ونجلاء فتحي («المرأة الحديدية»)، لكنه توارى مع الألفية الجديدة واكتفى بإخراج بعض البرامج لحساب قناة فضائية خليجية، كذلك أنجز بعض المسلسلات التلفزيونية التي لم يُكتب لها النجاح!
عاد «زكي» في عام 2010 بفيلم متواضع هو أقرب إلى السهرة التلفزيونية عن اليتيمتين «هيام» (ياسمين جمال) و{نجوى» (مي شطا) اللتين تنتميان إلى حي شبرا العريق، وتقودهما الأقدار إلى العمل في مستشفى خاص يملكه إبليس يُدعى «صفوت» (غسان مطر رحمه الله) يتاجر وابنته «سمر» (أميرة نايف) في الأعضاء البشرية، والهيروين، وكان ينقصه أن يتاجر في السلاح، كما عودتنا الأفلام المصرية التي على هذه الشاكلة. ولأن الفتاتين على درجة من «الشهامة» و{الجدعنة» و{ابنتا أصول»، رغم أن السيناريو اكتفى بالقول إنهما يتيمتان، ولم يقترب مطلقاً من عائلتيهما، تفشل محاولة «إبليس» في إغوائهما أو شرائهما، وتؤثران التعاون مع الشرطة، التي تقبض على «صفوت» ومساعدته، التي نكتشف أنها ممرضة، وتدير شقة دعارة تستخدمها لتوريد «قطع الغيار البشرية» بعد الإيقاع بمالكيها في هوة الإدمان. ويحكم القاضي بإعدام الأول وسجن الثانية، بينما لا يتعرض، من قريب أو بعيد، لابنته التي شاركته جرائمه أو «المافيا» التي حاول الفيلم إيهامنا بأنها إسرائيلية! أغلب الظن أننا وضعنا أيدينا على أسباب اختفاء «عبد اللطيف زكي» عن الساحة، وعن الأنظار، فقد أفلس، وتراجع، وأصبح عاجزاً عن استعادة مكانته الضائعة، كما وضح جلياً أن فترة عمله الطويلة بالبرامج التلفزيونية استهلكته فلم يعد لديه ما يقدمه، ومن ثم جاء فيلم «شقاوة بنات شبرا» تقليدياً حتى الثمالة، سواء في اختياره معالجة ساذجة وركيكة لقضايا لم تفقد بريقها بعد، واستعانته بأشهر ثنائي عرفته أفلام المقاولات (مدير التصوير رضا السيد والمونتير صلاح خليل)، من ثم جاءت النتيجة مخيبة ومتوقعة، أو إذعانه لتعليمات منتج متواضع الإمكانات (رمضان عامر) أزعم أنه وضع نصب عينيه منح الأولوية والأدوار الدرامية لكل من يتبرع بأجره بحجة أنه سيكون سبباً في شهرتهم (مي شطا، عصام إسماعيل، زكي فتحي، خالد الشيوي، ندى والطفل محمود رمضان عامر (نجل المنتج) والطفلة مريم السعيد)، وعلى النهج نفسه لم يتورع عن مجاملة الأصدقاء، وعلى رأسهم المغفور له غسان مطر، بأن منح زوجته سماء مطر دوراً في الفيلم! فقد عبد اللطيف زكي لياقته الفنية والذهنية، بدليل موافقته على الزج بأغنية عنوانها «بأحب مصر» لحنها وغناها عصام إسماعيل، وكتب كلماتها علي عيطة، وتُعد أنموذجاً للهبوط الفني والابتذال السياسي، إذ إنها تحكي مغامرات شاب يتباهى بأنه «بيعمل حاجات مالهاش حصر في حب مصر»، وشيئاً فشيئاً تكشف لنا كلمات الأغنية أنه «بيعمل حوارات ليل ونهار مع البنات وده كله في حب بلدنا»، ويضيف: «لو نمت لحد العصر ده يبقى في حضن مصر»، ويختتم بقوله: «حاجات كتير بعملها ما يصحش إني أقولها»، فأي سفالة تلك؟ ولم الإصرار على التشبث بأغنية تحمل إيحاءات منحطة بهذه الصورة؟ ومن عصام إسماعيل هذا الذي أهدى الأغنية للمنتج، الذي لم يكتف بغنائه لها، وإنما أسند إليه دوراً من أدوار البطولة في الفيلم! الطريف أن الشركة المنتجة اسمها «مورال»، أي الرسالة الأخلاقية، في حين يعج الفيلم بالفجاجة والترخص، فضلاً عن الإتقان الغائب والانحدار المهني، فمن دون مناسبة ينتقل الفيلم من تجارة الأعضاء البشرية إلى ترويج الهيروين واستخدام المصريين كفئران تجارب ثم يقحم نفسه في قضية زواج الفتيات الصغيرات من كهول العرب، وانضمامهن إلى شبكات الدعارة، لينطق الضابط بالحكمة قائلاً: «لازم يتحاسبوا عشان يعرفوا إن ولادنا مش للبيع»... ولا تعرف لمن يوجه كلامه!
توابل - سيما
فجر يوم جديد : «شقاوة بنات شبرا»!
03-06-2016