6/6 : العائدون... ووعي الناخب

نشر في 03-06-2016
آخر تحديث 03-06-2016 | 00:20
 يوسف الجاسم في ٩ يونيو ٢٠١٣، ومن وسط ضجيج التجاذبات السياسية بين السلطة والحكومة من جهة، والقوى السياسية والمجتمعية من جهة أخرى، أطلقت ثلّة من رجالات الكويت ونسائها المخلصين، يتقدمهم الأستاذ الفاضل عبدالله ابراهيم المفرج، مبادرة "للإصلاح والتوافق الوطني"، دعت فيها إلى "تعزيز التلاحم المجتمعي بالالتقاء الوطني البناء المستنير، على أسس المساواة والعدل، وبما يجمع المواطنين على كلمة سواء، يثق الجميع بأن فيها مصلحتهم وخير وطنهم، كما دعت إلى السعي للقضاء على أسباب الاحتقان السياسي، وضعف الإنجاز التنموي ومعالجة حالة التأزيم والتوتر المستمرة من خلال الاحتكام للشرعية والدستور واحترام استقلالية القضاء وأحكامه".

لم يستجب مع الأسف عدد مِن القوى والتيارات السياسية لهذه المبادرة، وتصدر بعضها صفوف المقاطعة والتصعيد بالأقوال والأفعال بدءاً من "عدّوا رجالكم ونعد رجالنا!!"، وانتهاء بالخروج على مرجعية القضاء كسلطة حاسمة للجدل الأكبر حول دستورية ومشروعية مرسوم الصوت الواحد، ورموا أحكامه بالعدم، متمسكين بالقول الصادم بأنه من الواجب التعامل مع ذلك المرسوم لجهة عدم مشروعيته السياسية لا سلامته القانونية!!

وإذا كان ليس من المستغرب على أي فصيل سياسي تغيير موقفه بمقاطعة الانتخاب والترشيح في زمن ما والمشاركة في زمن آخر، فإنه كان مِن الأحرى بالعائدين اليوم الاستناد في تغير موقفهم إلى خطأ معطياتهم السابقة، لا تبريره بما تم التحذير منه منذ البداية من قبل "مبادرة الإصلاح" أو سواها. كان من الواجب أيضاً الاعتذار إلى الشعب عن الفرص الضائعة التي افترضت الحركة أنها قادرة على استرجاعها حين تنخرط من جديد في العمل البرلماني، بالرغم من أنها سبق أن شاركت بفعالية في العمل السياسي المحلي منذ عام ٩٢، حين أعلنت البراءة من تنظيم الإخوان المسلمين (أو هكذا يفترض) بسبب سوء مواقفه من الغزو العراقي للكويت، وطرحت نفسها كحركة سياسية وطنية محلية، وشاركت في جميع المجالس وغالبية الحكومات، وكل الفعاليات المجتمعية منذ ذلك التاريخ عبر مراحل سجلت فيها تقارير التنافسية الدولية تراجعاً متوالياً للكويت في جميع المقاييس التنموية بشرياً وحضارياً، بل وتفاقماً في مدركات الفساد، ولم تتضح لنا أسباب عدم قدرة الحركة على انتشال البلد من أوضاعه المتردية طوال تلك السنوات التي شاركت فيها سياسياً بقدر يفوق مشاركات سواها من التنظيمات الأخرى.

هنا أكرر تساؤلاتي السابقة:

"هل من السهل على العائدين استلاب إرادة الشعب وعقول الناس من جديد، هكذا بنظرية (كيف الباطول)؟".

هل يمكنهم العودة بدون كلمة اعتذار تقتضيها فروسية العمل السياسي عما ارتكبوه من أخطاء في التقدير؟!

من سيقتص لحقوق من خونوه وازدروه وحرضوا الناس عليه لمجرد أنه شارك في انتخابات نيابية بموجب ذات المرسوم الذي سيشاركون من خلاله في الانتخابات المقبلة بعد أن أقسموا بالله العظيم أنه "لو أعيدت انتخابات الصوت الواحد عشرين مرّة فسيقاطعون عشرين مرة، وأنهم لا يقبلون بالفُتات"؟!

كيف سيعوضون البلد خسارته الكثير من الاستقرار بسبب تصّدرهم للحراك المناصر لاختياراتهم السابقة التي نكصوا اليوم عنها؟

إن وعي الناخب سيكون حاضراً، ومن الخطورة المراهنة على غيابه، حيث سيقرأ جيداً ما بين السطور.

ملحوظة: مبروك للجريدة عامها العاشر، لتُغيّر ولا تتغيّر.

back to top