بعد أن صدر مرسوم الصوت الواحد تبعه ردود أفعال تراوحت بين مباركة مطلقة رأت فيه الخلاص من هيمنة التكتلات القبلية في بعض الدوائر، ومن التحالفات الحزبية في دوائر أخرى، والتي استخدمت الإقصاء المذهبي مطية للوصول إلى الكرسي الأخضر، قابلتها مقاطعة غير مدروسة رجعت بعد أربع سنوات من التيه والتخبط للبحث عما يحفظ ماء الوجه.

هذه المقاطعة لم تكن لتستمر بسبب فقدان الكثير من مقومات البدهية المبنية على أسس توافقية، والتي جعلت من الصوت الواحد والمصالح الشخصية رحى الحراك، فلذلك تآكلت مع أول تضارب للمصالح، وما عودة القبائل للمشاركة ومعها الكثير من المستقلين المشاركين بتكتل النواب المقاطعين بعد المبطل الثاني والانتخابات التكميلية التي جرت بعد الاستقالة الخماسية، وكرسي المرحوم نبيل الفضل، إلا دليل على أن هذه المقاطعة لم تولد لتعيش فما أشبه اليوم بالبارحة.

Ad

قرار الحركة الدستورية الإسلامية "حدس" بإنهاء مقاطعتها وعودتها للانتخابات تحت مبرر الضرورة التي تحتمها المصلحة الوطنية كان متوقعاً، فهم يعرفون قبل غيرهم أن هذا القرار إن تأخر فسيزيد من عزلتهم وسيبعدهم عن صانع القرار وعن التحديات المحلية والإقليمية، وليس من مصلحتهم استمرار المقاطعة.

قرار عودة "حدس" كتنظيم خطوة مطلوبة ومهمة ومفصلية في حياتها السياسية، إلا أنها مطالبة بأكثر من بيان المشاركة لأن غالبية رموزها البرلمانية قادت شباب الحراك إلى المجهول، فكانت النتيجة كارثية لبعض الشباب المتحمسين الذين دفعوا من عمرهم سنوات وراء القضبان، والآن أولئك الشخوص أنفسهم يعلنون تراجعهم ودخولهم الانتخابات القادمة.

كما قلت الحركة الدستورية لها الحق في مراجعة قراراتها بما يتناسب ومصلحتها، لكن عليها مراجعة الأسماء التي تدعمها، فمن غير المقبول شعبياً تكرار الشخوص أنفسهم، فتنظيم بحجم "حدس" يجب ألا يقف عند أشخاص رفضوا ولفظوا الصوت الواحد وخوّنوا من آمن به.

عقد الانتخابات القادمة اكتمل إلا من حركة العمل الشعبي "حشد" التي لولا وجود مسلّم البراك في السجن لما ترددت عن النزول، والحال تنسحب على النائب السابق صالح الملا والنائبين خالد السلطان وعبداللطيف العميري اللذين مثلا جزءا من السلف لا كلهم، أما بقية الأسماء فمشاركتهم مرهونة بإمكانية توافر شرط النجاح.

بعد هذا السيناريو ومعرفة المتسبب في ما آلت إليه تداعيات المقاطعة من تغرير بالشباب الذين آمنوا بالمقاطعة وروايات الإصلاح، ولأجل ذلك لابد من مصالحة وطنية تحتضنهم وتعود بهم إلى حضن الوطن الكويت، التي كانت ومازالت الأم والأب الذي لا يقسو على أبنائه مهما فعلوا.

ودمتم سالمين.