كيف يساعد حضور الأب الأولاد؟
تسلّط دراسة بحثيّة جديدة الضوء على فوائد حضور الأب بتفاعل في تقليص المشاكل السلوكية لدى الفتيان والمشاكل النفسية لدى الفتيات.
اكتشف باحثون سويديون أن الاتصال الإيجابي المنتظم بين الأب وأولاده الذين ترعرعوا في كنف عائلة ذات مدخول بسيط يبعد هؤلاء عن السلوك الإجرامي، كذلك يعزّز المهارات الإدراكيّة لديهم مثل الذكاء والتفكير العقلاني وتطوير اللغة. الأولاد الذين عاشوا مع أم وأب لم يواجهوا مشاكل سلوكيّة كثيرة مقارنةً بالذين عاشوا مع أمهم فقط. نُشر التقرير في مجلة «أكتا بايدياتريكا» (Acta Paediatrica). يحثّ فيه الباحثون المتخصصون بالرعاية الصحية على تعزيز انخراط الأب في رعاية الأولاد، والتمتّع بفرصة لأداء دور فاعل في تربيتهم.
نظر التقرير في 24 ملفاً يشتمل معلومات عن 22300 شخص من 16 دراسة. نظر 18 ملفاً من أصل 24 في الوضع الاجتماعي والاقتصادي للعائلات التي شملتهم الدراسة.ركّزت الدراسة الأصغر على 17 طفلاً وغطّت الدراسة الأكبر 8441 شخصاً، من أطفال إلى بالغين (33 عاماً).تقول الدكتورة آنا ساركادي، من قسم صحة المرأة والطفل في جامعة أوبسالا، السويد: {تظهر تقاريرنا المفصّلة التي حررناها منذ 20 سنة أنه بصورة شاملة، يحصد الأولاد فوائد إيجابية إن كان لديهم اتصال فاعل ومنتظم مع الأب}. تتابع: {على سبيل المثال، وجدنا دراسات كثيرة أظهرت أن الأولاد الذين كان آباؤهم منخرطين معهم بفاعلية وإيجابية لم يكونوا عرضة للتدخين ومواجهة مشاكل مع الشرطة، كذلك وصلوا إلى مراحل متقدّمة في الدراسة وأنشأوا صداقات جيدة مع أولاد من الجنسين}.{شملت الفوائد الطويلة الأمد نساء كانت لديهن علاقات أفضل مع شركائهن وصحّة عقلية وجسدية أفضل في سنّ الـ33 لأن علاقتهن بآبائهن كانت جيدة في عمر الـ16}.مع ذلك، يشدّد معدّو الدراسة أنه ليس من الممكن أن نستنتج أي نوع من الانخراط يحتاج إليه الأولاد من الأب لإنتاج آثار إيجابية. {تُظهر الدراسات أن من الممكن أن يتجسّد هذا الانخراط بالحديث والقيام بنشاطات مشتركة وأداء أدوار فاعلة في حياة الولد اليومية}. ويعتقد الباحثون أننا بحاجة إلى إجراء المزيد من الدراسات لمعرفة إن كانت النتائج لتكون مختلفة بين حياة الولد مع والده البيولوجي وحياته مع صورة أب أخرى.وتقول الدكتورة ساركادي: {مع ذلك، يدعم تقريرنا الافتراض البديهي أن انخراط الأب بفاعلية في حياة الطفل أمر جيد، سواءً كان الأب البيولوجي أو غير البيولوجي، خصوصاً حين يكون الأولاد محرومين اجتماعياً أو اقتصادياً}.تابعت: {الأطفال الذين عاشوا مع أم وأب واجهوا نسبة أقل من المشاكل السلوكية مقارنةً بالأولاد الذين عاشوا مع أمهم فحسب. مع ذلك، لا نعرف إن كان ذلك ناتجاً من انخراط الأب بشكل أكبر أو إن كانت الأم قادرة على أن تكون أفضل إن حظيت بمزيد من الدعم في المنزل}.يعتقد الباحثون أن من المهم أن يولي الاختصاصيون الذين يعملون مع الأولاد وعائلاتهم أهمية لمدى التفاعل الذي يظهره الآباء تجاه أولادهم من سنّ مبكرة.تقول الدكتورة ساركادي: {انخراط الآباء في زيارات العناية الصحية وطلب آرائهم عند اتخاذ القرارات قد يكون وسيلة جيدة لتعزيز مستويات عالية من الاندماج. يؤدي الآباء الذين يظهرون الاهتمام لأولادهم دوراً مهماً جداً في تعزيز نموهم الاجتماعي والعاطفي، وتُعتبر هذه الاستراتيجية جيدة أيضاً}.
تسهيلات
تضطلع الحكومات وأرباب العمل بدور مهم أيضاً في الحرص على تخصيص وقت يمضيه الأب مع أولاده. وتقول الدكتورة ساركادي: {تتمتع السياسة العامة بالسلطة لتسهيل أو إنشاء حواجز للآباء الذين يمضون وقتاً مع أولادهم خلال سنوات النمو الأساسية}.{وللأسف، السياسات المؤسسية الراهنة في معظم البلدان لا تدعم الانخراط المتزايد للآباء في تربية الأطفال. لا تزال إجازة الأبوة المدفوعة الأجر حلماً في معظم البلدان، كذلك تعاطف أرباب العمل مع الآباء الذين يبقون في المنزل مع أولادهم المرضى». «نأمل أن يضيف هذا التقرير شيئاً إلى مجموعة الأدلة التي تُظهر أن السياسات التي تدعم الأب قد يكون لديها تأثير كبير على المدى البعيد، ذلك من خلال تربية الأولاد بشكل سليم والحد من المشاكل مثل الجرائم والسلوكيات المعادية للمجتمع».