جاءت مسرحية "بائعة الكبريت"، التي قدمتها فرقة كارمن التونسية على مسرح الدسمة، ضمن عروض الدورة الرابعة للمهرجان العربي لمسرح الطفل نموذجاً لما يجب أن يكون عليه المسرح الموجه للأطفال، الذين يعدون نصف الحاضر والمستقبل كله، من حيث النص والإخراج والمؤثرات سواء الصوتية أو الإضاءة.وأبدع حاتم مرعوب، مخرج العمل، ومعد الصياغة الدرامية لنص المسرحية، المأخوذ عن قصة قصيرة للشاعر والأديب الدنماركي هانس كريستيان أندرسن، في لفت الانتباه قضية أطفال الشوارع، بعد حوادث الانتحار، التي ذهبت بمجموعة من التلاميذ في تونس من خلال الغناء والاستعراض.
تبدأ مسرحية بائعة الكبريت، في ليلة عيد رأس السنة، حيث تتساقط الثلوج، والجو القارس يعم الشوارع، كانت هناك طفلة صغيرة اسمها اماني خرجت إلى الشوارع، لتبيع أعواد الكبريت ولتشتري الدواء لأمها المريضة منها، لكن لم تصادف أحداً، وكانت تشعر بالبرد، ومعدتها كانت خاوية، وحبات الثلج تتناثر على شعرها الطويل الأشقر.قامت أماني بإشعال عود ثقاب، وأحاطته بيدها حتى تشعر بالدفء، وعلى الضوء الخافت من عود الثقاب هذا، تراءت لها جدتها واقفة وسط الأضواء، وما إن رأتها الصغيرة أماني حتى صرخت: جدتي، جدتي، خذيني إليك، فاقتربت الجدة منها، وأحاطتها بين ذراعيها، وطارتا معاً إلى السماء، فلم تعد أماني تشعر لا بالبرد ولا بالجوع، لقد ماتت إثر البرد في المساء الأخير من السنة، وعندما طلع النهار، ورأى الناس جثتها الممدة، قالوا: يا لها من فتاة صغيرة حزينة، أرادت الدفء.ورغم أن النص الأصلي دنماركي، فإن المرعوب، نجح في تحويله إلى نص محلي تونسي، من خلال لغة عربية فصحى سهلة وميسرة ومفهومة، وكل كلمة في حوارها دالة على معنى، وشخصية، على نحو واضح من خلال حبكة بسيطة وسهلة وغير معقدة في مقدمتها ووسطها ونهايتها.وحاتم مرعوب، هو أستاذ مسرح تونسي ومخرج اختص منذ البداية في مسرح الطفل، وله العديد من المسرحيات، منها "الساحرات" و"أحلام فتاة صغيرة" و"بياض الثلج" و"سندريلا" و"الجميلة والوحش" و"شهرزاد".ونجح مرعوب خلال أحداث المسرحية "بائعة الكبريت" في توظيف مقومات العرض المتميز من الرؤية، التي تحقق الهدف والموسيقى والإضاءة والديكور والشخصيات والإكسسوار، بمساعدة فريق العمل من مؤلف كلمات الأغاني محمد الناصر المولهي، والممثلين، وهم ريم هميسي ويسري بن علي وفاتن شرودي وحسان الجناشي وجاسم الكنزاي والمصمم الموسيقي عادل بوعلاق والتقني وليد البريني، بهدف تنوير المتفرج وإمتاعه.
توابل - مسك و عنبر
«بائعة الكبريت» عرض مبهر لقضية إنسانية
04-06-2016