خدماتنا الصحية جيدة... ولكن (2)
بدايةً، أتقدم بأحر التعازي إلى أسرة الطالب "البدون" الذي انتحر قبل أيام، وأسأل الله العظيم أن يتجاوز عنه ويغفر له، ورغم الظروف والعراقيل التي يختلقها جهاز "البدون" لدفع هذه الفئة إلى شراء بعض الجنسيات أو الالتحاق ببعض الدول، فإن ذلك ليس مبررا أن ينتحر، ولكن نسأل الله له الرحمة والمغفرة، ولكن من يتحمل وزر موته أمام الله؟ لا شك أن الوزر يقع على من دفعه إلى الانتحار بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، وسيقف من انتحر ومن دفعه للانتحار أمام الله تعالى، وسيسأل يوم الحسرة والندامة، فأين النجاة والمهرب؟ فاتقوا الله في "البدون"، فهم أبناء هذا الوطن، وبعضهم يمثل الجيل الرابع، يتفاعلون وينفعلون مع أحداثه، فلماذا يحرمون من تحقيق طموحاتهم وآمالهم بسبب التضييق عليهم.حل البدون واضح كوضوح الشمس في رابعة النهار، ولا يحتاج إلى تنظير، والقوانين موجودة، فلماذا التعطيل؟ فمن تنطبق عليه شروط التجنيس فلابد من تجنيسه، ومن لا يستحق فلماذا لا يمنح إقامة دائمة مع تسهيل حصوله على حقوقه الاجتماعية والإنسانية؟ وهذا ما تفعله الأمم المتحضرة، بدلاً من ابتكار حلول كل فترة، وآخرها جزر القمر، ما نحتاجه نوايا طيبة وصادقة لرفع معاناة إخواننا البدون دون مزايدات.***
واستكمالاً للحديث السابق عن الخدمات الصحية سأتحدث عن صرح طبي من أفضل المراكز بالشرق الأوسط على الأقل، وأعني بذلك مستشفى "التعاونيات" للقلب في المستشفى الصدري، التابع لمنطقة الصباح الصحية، وهذا الصرح تكفل ببنائه اتحاد الجمعيات التعاونية كمشاركة مجتمعية يقدمها بعض المتبرعين أفراداً ومؤسسات، ولولا زيارتي لقريبين أجريا عمليتي قلب مفتوح خلال الفترة الماضية لما عرفت كما لم يعرف غيري بهذا الصرح الطبي، وهذا قصور تتحمله وزارة الصحة أولاً لضعف إعلامها في تسويق إنجازاتها.ولكن كما قيل "الحلو ما يكمل"، إذ إن هناك مشاكل تواجه القائمين على هذا الصرح، أهمها أنه رغم وجاهة المبنى وموقعه وكوادره الطبية المتميزة وهيئته التمريضية، فإن هناك أموراً خارجة عن إرادة إدارة المستشفى، فرغم جمال الموقع المفترض في جون الكويت وبالقرب من المنطقة الحرة، فإن هذا الموقع سبب في انبعاث روائح الصرف الصحي التي تزكم الأنوف، ما يطرح الحاجة إلى معالجة بيئية شاملة ليصبح هذا المركز قبلة للسياحة العلاجية من قبل دول مجلس التعاون على الأقل. ومن الأمور الأخرى التي يجب توفرها لا بهذا المستشفى فحسب، بل في كل المراكز الصحية العامة، الإدارة الحازمة لمواجهة تدني الثقافة الصحية للمرضى والمراجعين والزوار، فالزيارات مفتوحة في كل الأوقات، مع عدم ضبط مسألة "مستشفى بلا تدخين"، وهذه مشكلة عامة في كل المراكز الصحية، ما يجعلنا نتحسر على نظام الزيارات في الثمانينيات، ورغم أن ذلك مهم فإن الأهم هو الأمور الفنية، واستكمال النواقص، فمما عرفته أن المستشفى رغم أهميته في مكافحة وعلاج أمراض القلب والشرايين التي تشهد ارتفاعاً متنامياً لأسباب لا مجال لذكرها، فإنه لا يحتوي إلا على 350 سريراً تقريباً تخدم دولة تعداد سكانها يقترب من الخمسة ملايين، أغلبهم وافدون وسوادهم الأعظم موجود في مناطق يخدمها المستشفى، وهي منطقة الصباح الصحية، ومحافظتا الجهراء والفروانية، وأحياناً من بعض المناطق الأخرى، إضافة إلى من يفدون إلى الكويت بفيزا زيارة، والعقبة الكؤود في عدد غرف العناية القلبية المركزة التي تحتوي على 10 أسرّة فقط، وغالبا ما يتم تأجيل العمليات فترات انتظار قد تطول بسبب عدم توفر أسرّة في العناية، ولا يتحمل تبعاتها إلا المرضى، بينما المفترض إما زيادة أعداد الأسرة والطواقم أو توفير عناية متوسطة، لأن بعض الحالات يستدعي تواجدها أياماً، وهناك 10 أسرّة أخرى لمرضى القسطرة، في حين أنه لا يوجد سوى 3 مخابر أو غرف للقسطرة، وكذلك 3 غرف أخرى لإجراء عمليات القلب المفتوح، بينما أعداد الأطباء والجراحين على الأقل ضعف عدد الغرف، وهذه مثلبة أخرى.أضف إلى ذلك أن العمليات لا تتم إلا في الفترة الصباحية، فلماذا لا تجرى في فترات أخرى إن لم تكن هناك موانع صحية وطبية، وهذه الأرقام والمعلومات استقيناها من بعض العاملين، إذ يقول بعض من سألتهم إنه حتى البناء الجديد الذي تبرع به المحسنان عبدالرحمن ووليد العصيمي لا يراعي هذه النواقص، خصوصا فيما يتعلق بعدد غرف العمليات والعناية المركزة والمتوسطة، ولذا نوجه عناية المتبرعين الكريمين والمسؤولين بوزارة الصحة إلى تدارك الأمر، وتلافي العيوب لما فيه مصلحة البلاد والعباد والحافظ الله يا كويت.