في صلاة العشاء قرأ الإمام آيات من سورة الحجرات، حيث تلا قوله تعالى: "... وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ"، وفي نهاية الصلاة ينتشر المصلون، فمنهم من يذهب إلى بيته والآخر إلى عمله، ومنهم من يذهب إلى الديوانية ليلتقي بأحبابه وأصحابه، وفي الديوانية يقع في أعراض الناس ويغتابهم، مع أنه قبل قليل قد استمع في صلاته إلى قوله تعالى "ولا يغتب"!

هذا الموقف ذكرني بحديث الرسول، صلى الله عليه وسلم، عندما قال: "أكثر ما يدخل الناس النار الفم والفرج"، وأكد، عليه الصلاة والسلام، ذلك عندما سأله رجل عن فلانة تكثر من صلاتها وصيامها وصدقتها غير أنها تؤذي جيرانها بلسانها قال: "هي في النار".

Ad

توقفت عند هذا الحديث الشريف، وفكرت فيه ملياً وتدبرت معانيه، وقلت في نفسي يا سبحان الله!! حقا إن الدين معاملة وأخلاق لا عبادة فقط، والدليل أن هذه المرأة لم تنفعها كثرة صلاتها وصيامها وصدقتها، وإن ما قامت به من إيذاء لجيرانها بلسانها هو عمل خطير حذرنا منه الله ورسوله.

فيا ترى كم وكم من النساء والرجال في وقتنا الحاضر على شاكلة هذه المرأة التي أخبر عنها الرسول بأنها في النار، ولذلك يجب علينا أن ندرك خطر إيذاء الجار والإساءة إليه، وأن نبتعد عن هذه العادة السيئة، فالمسلم الحق كما بين رسولنا الكريم، عليه الصلاة والسلام، "من سلم المسلمون من لسانه ويده"، وإيذاء الجار يعتبر كبيرة من الكبائر التي تدخل صاحبها النار، وتفرق شمل الأحبة ووحدتهم.

لذا يجب علينا ألا نؤذي أحداً من جيراننا بلساننا، سواء جارنا في المسكن أو في العمل أو في المدرسة أو في الجامعة أو الديوانية، وصدق الشاعر حين قال:

جراحات السنان لها التئامٌ

ولا يلتام ما جرح اللسانُ

*آخر المقال:

قال عليه الصلاة والسلام: "ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت".