سمع الطفل محمد كمال محمد كمال الشناوي، ذلك الصوت، الذي يعرفه تماما، ويستطيع أن يميزه من بين كل الأصوات التي يسمعها من الباعة الجائلين، الذين يجوبون الشوارع ليل نهار، فانطلق كالسهم خارج البيت، ليقف وسط أقرانه من أطفال الحي، مفتونا بذلك "الصندوق السحري" الذي يحمله صاحبه فوق ظهره يجوب الشوارع والحواري والأزقة، من مدينة إلى قرية، وهو ينادي:

قرّب قرب قرب

Ad

اتفرج يا سلام

على عنتر الهمام

وأبوزيد زمانه كمان

يهرع الأطفال إلى صاحب الصندوق في تدافع، ببعض (المليمات) ينشدون المتعة، والانبهار بالفرجة، فيقوم بترتيبهم واحدا تلو الآخر على دكة يجلسون عليها لمشاهدة "الأعاجيب"، حيث يدخل الطفل رأسه خلف قماشة سوداء تغطي رأسه، لينظر في عدسة يشاهد من خلالها قصصاً مصورة خلابة، لمدة دقائق معدودة، ينفصل خلالها عن الحياة، مستغرقاً مع الصور المتحركة كأنه في حلم جميل، يشاهد خلالها عنترة بن شداد، أو أبوزيد الهلالي، وست الحسن، والأميرة ذات الهمة، وشمشون ودليلة، أو الزير سالم، وغيرها من الحواديت المحببة للأطفال.

صندوق الدنيا

هذا الصندوق البدائي هو النسخة العربية لجهاز "كاينيتوسكوب"، أحد اختراعات توماس إديسون في عام 1891، الذي يعمل عن طريق تحريك شريط مرن بين لمبة وعدسة، بينما ينظر الشخص من فتحة خاصة، إذ تعمل العجلة الدوارة في الآلة كمصراع لتمكن الآلة من عرض 46 صورة في الثانية، فيبدو من تتابع الصور بسرعة أنها تتحرك، وانتقلت فكرة الجهاز إلى مصر مطلع القرن العشرين، ليتم تنفيذها بشكل بدائي شعبي، ليكون هذا الصندوق بمنزلة غاية المتع للكبار قبل الأطفال، حيث ينقلهم إلى دنيا مختلفة عن حياتهم بكل شخوصها وأحداثها، ليفتح لهم عالما من الخيال والروايات والأساطير داخل الصندوق المزخرف برسوم متعددة، وعلى أحد أضلاعه فتحات مستديرة في حجم العين وبها عدسات مكبرة وخلفها دوائر رسمت عليها العديد من المشاهد والصور مثبتة بطرف الصندوق من الداخل، على عجلتين لولبيتين رأساهما خارج الصندوق من أعلى، وإذا دارت إحدى العجلتين، بواسطة صاحب الصندوق، دارت الأخرى والتفت عليها الصور بشكل متتال، ليراها الأطفال الجالسون أمام الصندوق، وهكذا إلى أن تنتهي المشاهد المصورة من أمام الرائي، فيقوم صاحب الصندوق بإلقاء ستار أسود على الفتحات، لينهي هذا الدور من المشاهدة، في ما يشبه حالة مسرحية كاملة، تتحقق فيها المتعة بكل جوانبها.

حرص الطفل محمد كمال على أن يناول صاحب الصندوق "المليمين" ثمن المشاهدة، وبسرعة خاطفة، ودون أن يرشده صاحب الصندوق للجلوس، وضع رأسه الصغير في مواجهة "العدسة" ليشاهد حكاية "الأميرة ذات الهمة" التي يسردها صاحب الصندوق باختصار شديد، بكلمات يغلب عليها التفخيم والبطولات.

شعر الطفل محمد كمال أن ما شاهده لم يشبع رغبة "الفرجة" لديه، فحرص على أن يصاحب "صاحب الصندوق" في رحلته عبر شوارع الحي، حتى وجد نفسه فجأة أمام مسجد السيدة زينب، وقد ابتعد تماما عن بيته، نظر حوله يمينا ويسارا، لم يتعرف على أي ملمح يمكن أن يدله على "بيت جده" الكائن في شارع خيرت.

قد تتشابه الأحياء والشوارع في مظهرها، لكن المؤكد أنه ليست كل الأحياء مجرد شوارع تحوي بيوتا على الجانبين وأرصفة وطريقا للمارة، لكن هناك أحياء سطرت على شوارعها وأرضها وجدرانها صفحات من تاريخ المكان، حتى إنه يمكن اعتبار بيوتها متاحف، وفي بعض الأوقات أبطالا لبعض الحكايات التي تزخر بها كتب التاريخ، وتكون شوارعها وطرقها وحواريها وأزقتها شاهدة على هذه الحكايات التي مرت من هنا يوما.

عبق التاريخ

في مدينة مثل القاهرة تزخر الأحياء القديمة بعبق التاريخ وسحر الحكايات، ويأتي على رأس هذه الأحياء حي "السيدة زينب"، ذلك الحي الشعبي الأشهر، الذي يقع بين جنباته عشرات الآثار الإسلامية والقبطية، فضلا عن حالة الروحانية التي تضفيها طبيعة المكان المرتبط بمسجد السيدة زينب الذي يحوي الجسد الطاهر، لحفيدة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

قبل عهد محمد علي باشا، والي مصر، لم يكن حي السيدة زينب يسمى بهذا الاسم، بل كان يطلق عليه اسم "قناطر السباع"، لأن والي مصر "الظاهر بيبرس" كان قد أنشأ قناطر في ذلك المكان ليرفع المياه إلى القلعة، حيث مقر حكم الدولة في ذلك الوقت، فأقيمت القناطر على فرع صغير للنيل، كان يمر أمامها، وزينت القناطر بتماثيل على هيئة "سباع" كان يتخذها "الظاهر بيبرس" شعارا له، وعندما تولى محمد علي حكم مصر، أطلق عليه اسم "حي السيدة زينب".

كانت مصر في عام 1918 "حبلى" بالثورة، بعد أن انتشر التعليم وارتقت أساليب الحياة وحدثت نهضة أدبية وعلمية وصحافية، ما جعل المجتمع على دراية أكثر وأشد سخطا على النظم الاستعمارية، خاصة بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى، وعدم تنفيذ بريطانيا وعدها بمنح مصر استقلالها، فاتسع نطاق الحراك الوطني ليشمل طبقات كانت بمعزل عنه، كالموظفين والفلاحين وطبقة الأعيان والنساء، ما دفع سعد زغلول للاجتماع مع بعض أعضاء الجمعية التشريعية وغيرهم، رغبة منه في تأليف وفد يسافر إلى باريس للمطالبة باستقلال مصر لدى مؤتمر السلام، فذهب بعدها بصحبة علي شعراوي وعبدالعزيز فهمي، إلى دار الحماية البريطانية لمقابلة السير ريجنالد ونجت عقب عهد الهدنة في الأربعاء 13 نوفمبر 1918، للمطالبة بالاستقلال، في الوقت الذي قاموا فيه بجمع توقيعات من الشعب المصري، بالموافقة على تشكيل "وفد" للسفر إلى مؤتمر السلام في باريس، لعرض قضية مصر على دول العالم المجتمعة بالمؤتمر.

ولي العهد

وسط هذه الأحداث، وحالة الحراك الثوري والغليان في الشارع المصري، وقبل أن تندلع الثورة في كل ربوع مصر بثلاثة أشهر، وتحديدا في يوم السادس والعشرين من ديسمبر عام 1918، رزق مهندس الري محمد كمال الشناوي، بأول مولود له، وأطلق عليه اسما مركبا "محمد كمال"، ليكون الاسم الكامل للمولود هو محمد كمال محمد كمال الشناوي، ويعد أول مولود ذكر لعائلة الجد "كمال الشناوي"، التي تعيش بأكملها في ذلك البيت الكبير بشارع خيرت.

لم يكن بيت الشناوي بيتا عاديا، فهو بيت كبير عتيق، يسبق الدخول إليه ساحة كبيرة، بها شجيرات صغيرة، الطابق الأول منه محور كل شيء في حياة هذه العائلة، ومركز الحركة الدائمة لها، يشغله رب العائلة كمال الشناوي، في حين يسكن الأبناء بقية الطوابق، الابن محمد الشناوي في الطابق الثاني، ثم البنات في بقية الطوابق، حيث يستقل كل منهم بحياته، غير أن كل شيء لا يتم إلا في الطابق الأول، تجتمع فيه الأسرة كلها يوميا، وبه غرف الضيوف والمسافرين، وتتخذ فيه كل القرارات العائلية، بل ويتم إعداد الطعام فيه أيضا، حيث يجلس الجميع لتناول الطعام، الرجال أولا ثم نساء البيت، وما يتبقى من طعام يوزع على بقية الطوابق بالتساوي.

حرص الجد كمال الشناوي على أن يعلم ابنه محمد، ليكون مهندسا للري، في وقت كان مهندسو الري هم الفئة الأهم في المجتمع، وأغلبهم من أبناء الطبقة الارستقراطية، حيث مهندس الري هو الآمر الناهي، خاصة في الريف المصري، لأن النيل "شريان الحياة" تحت سلطتهم، ورغم ما للابن من سطوة وسلطان، إلا أنه لم يكن يستطيع أن يفعل شيئا أو يتخذ قرارا في البيت، في ظل وجود "ربان السفينة" الأب كمال الشناوي، الرجل الثري صاحب العقارات والأراضي، الذي تبدو هيبته من هيئته، رغم أنه كان نحيلا طويل القامة، ذا شارب كبير، رمز الرجولة في ذلك الوقت، له ملامح صارمة، يرتدي "الطربوش" التركي، والبذلة من الصوف الإنكليزي، ذات "الصديري" الذي تتدلى منه "سلسلة الساعة" والحذاء "البوت" المغطى بقطع الصوف حول قدميه، له صوت جهوري، ما إن يسمعه أي ممن في البيت، حتى ترتعد أوصاله، وهو ما فعله عندما اكتشف غياب حفيده محمد كمال، وبحث الجميع عنه في كل طوابق البيت، ولم يعثروا له على أثر، فقامت الدنيا ولم تقعد، حيث يتعلق الجد بالحفيد بشكل غير عادي، فانطلق الجميع في شارع خيرت، وكل الشوارع المحيطة بحثا عنه.

وقف الطفل ابن السنوات الثلاث، محمد كمال، يبكي بشكل هستيري، فلفت أنظار المارة الذين تجمعوا حوله، يحاولون منه معرفة سبب بكائه ومكان بيته:

= لا حول ولا قوة إلا بالله.. الواد هاينفلق من العياط يا ولداه.. كل يوم والتاني عيل تايه من أهله... هي الناس دي إيه.. يخلفوا ويرموا في الشارع وخلاص؟!

- تعالى يا حبيبي متخافش... اسمك إيه؟

* محمد

= طب ما انت شاطر أهو يا محمد... بس ما تعيطش.. وساكن فين بقى يا سي محمد؟

* ساكن مع جدي.

= عال عال... وجدك ده يبقى فين؟

* قاعد على الدكة.

= طب يا سي محمد الدكة دي فين؟

* في بيت جدي.

= كده... ده انت مُلْك أوي.

- لا حول ولا قوة إلا بالله.

ما إن تحرك به المارة مرورا على بيوت الحي ليسألوا عن "بيت جده"، كان والده قد توصل إليه، وما إن شاهده محمد كمال حتى ارتمى في أحضانه، ليعيده إلى أحضان جده، الذي كان قد نفد صبره، وصب جام غضبه على جميع من في البيت، وأصدر فرماناته بحرمان الجميع من اللقاء اليومي له معهم، وعدم خروج أي طفل من البيت دون إذن منه شخصيا، حتى لو كانوا بصحبة والديه.

مهندس في الأدغال

رغم حب الجد لكل أطفال العائلة، فإن الحفيد محمد كانت له مكانة خاصة في قلب جده، حتى بعد أن أصبح في العائلة العديد من الأطفال الذكور والإناث، إلا أنه الحفيد الذي يحمل اسمه، فتعلق به، ولم يستطع مفارقته لحظة واحدة، وربما كان ذلك هو السبب في الإصرار على بقاء كل أولاده معه في بيته، حتى فوجئ بما قاله له ابنه مهندس الري:

= انت عمال تلف وتدور بقالك ساعة ليه؟.. ما تتكلم وتقول في إيه، مالك؟

- ايوه يا بابا ما أنا هاتكلم أهو.

= اقولك أنا وأوفر عليك الكلام... المصلحة نقلتك... مش كده؟

- بالظبط... ما شاء الله على فراسة حضرتك يا بابا... عرفت إزاي؟

= دي مش محتاجة فراسة... أنت مهندس ري... ومهندسين الري كل يوم في بلد... قوللي بقى ودوك فين المرة قبلي ولا بحري؟

- لا أبعد شوية حضرتك.

= فين يعني... إسكندرية وإلا أسيوط؟

- السودان حضرتك.

سمع الجد الكلمة وظل صامتا، كأنما أصابه سهم في قلبه، فلم يكن هناك مشكلة في نقل الابن لأي من مديريات القطر، كما لم تكن المرة الأولى، ولن تكون الأخيرة، غير أن سفره هذه المرة يعني أن سيحرم من حفيده الذي لا يطيق فراقه يوما واحدا، لكن ليس باليد حيلة، فلابد للابن أن ينفذ النقل، وأن يصطحب معه الحفيد محمد كمال، والابنة الجديدة "رضا" التي لم تكمل عامها الأول بعد.

خلال أيام كان الأب محمد كمال الشناوي وأسرته، زوجته وطفلاه "محمد ورضا" في مدينة "ملكال" السودانية، عاصمة ولاية أعالي النيل، التي تقع على ضفاف النيل الأبيض مباشرة قبل التقائه بنهر "السوباط"، والتي يشكل "الدينكا والنوير والشلك" معظم المجموعات العرقية من السكان التي تعيش في هذه البلدة، رغم وجود عناصر عرقية أخرى، فضلا عن عدد من موظفي الري المصريين، الذين يترأسهم المهندس محمد كمال الشناوي، حيث نزل وأسرته في "مستعمرة المهندسين" التي خصصت لسكن مهندسي الري وموظفيها فقط، وهي عبارة عن صف واحد من "الفيلات" البيضاء، بنيت على الطراز الإنكليزي ذي الحدائق الجميلة المزروعة بالخضر والفاكهة، يحاط بها سور شائك عال، اتقاء لشر الحيوانات المفترسة التي تمتلئ بها الغابات المحيطة، والتي يمكن أن تهاجمهم خلال أي وقت من الليل أو النهار.

كان للغابات المحيطة بالمكان، ولهذه الطبيعة الساحرة، والألوان الخلابة، وقع رائع في نفس الصغير محمد كمال، فأمسك بالورقة والقلم، وراح ينقل هذا الجمال ويقلده، فجاءت محاولات نالت إعجاب الوالدين وكل المحيطين بهما.

رغم إعجاب الوالد بما يفعله صغيره، فإنه شعر بضرورة أن يدفع به في مجال آخر، فعهد به إلى إحدى دور تحفيظ القرآن، ورغم ابتعادها بشكل كبير عن "المستعمرة" وخوف الأم على صغيرها من أن يفترسه أحد الحيوانات الضارية، فإنه أصر على ذلك، وخصص له مرافقا يصطحبه ذهابا وإيابا.

كانت دار تحفيظ القرآن تبتعد ما يزيد على أربعة كيلومترات، عبارة عن فناء كبير، ملحق به مبنى متواضع، مكون من غرفتين فقيرتين، غير أن الدراسة في الفناء الخارجي، حيث يجلس الأطفال أمام شيخ "الكتاب" يرددون خلفه ما يتلونه عليهم، ثم يمسك كل منهم باللوح "الأردواز" ليكتب خلف الشيخ الكلمات التي يرددونها، ويعرضونها على الشيخ، ثم يقوم بمسح الكلمة "بكم جلبابه"، ليكتبوها مرة أخرى غيبا، للتأكد من حفظ الكلمة، ورغم صغر سن محمد كمال عن بقية أولاد "الكتاب"، فإنه أظهر براعة وتميزا ملحوظين، ما لفت نظر الشيخ.

البقية الحلقة المقبلة

شارع خيرت في حي السيدة

لم يكن الإطار الشعبي التراثي في الحي، مستمدا فقط من مسجد السيدة زينب، إنما أيضا لكثرة الأماكن الأثرية بها، خاصة الإسلامية منها المسجد الشهير أحمد بن طولون، ثالث جامع أنشئ في مصر بعد جامع عمرو بن العاص، وأكبر المساجد في إفريقيا.. وخلف المسجد يقع "بيت الكريتلية" الذي يتكون من بيتين أنشئ أحدهما في القرن السادس عشر، والآخر في القرن السابع عشر، وليس بعيدا عن بيت الكريتلية يوجد عدد من الأسبلة مثل سبيل "أم عباس" وسبيل "الست صالحة" وسبيل "بشير أغا" ومسجد "الأشرف قايتباي"، ومسجد "لاجين السيفي"، و"جامع العسكر"، فضلا عن عدد من الشوارع التي تؤدي إلى "الحرم الزينبي"، مثل "شارع الخليج المصري"، حيث كان يمر منه فرع النيل، وكذلك "شارع السد" الملاصق للمسجد، الذي استمد اسمه من القناطر أو السدود التي أقيمت عنده، فكان الشارع سوقا كبيرا لمختلف السلع والبضائع، ثم "بركة الفيل" أقدم برك القاهرة ذكرا في التاريخ، وكانت من أعظم متنزهاتها حتى نهاية القرن التاسع عشر، والتي تعود تسميتها بهذا الاسم إلى رجل يقال له "الفيل" أحد أصحاب أحمد بن طولون، وتقع على بعد خطوات من "الحرم الزينبي" تمتد حدودها من "بستان الحبانية" شمالا، إلى تحت الكبش إلى الجسر الأعظم الفاصل بينها وبين "بركة قارون" جنوباً إلى "الخليج المصري" غربا، وقدرت مساحتها في العصر المملوكي بنحو 40 فدانا، تحدها من الشمال "سكة الحبانية" ومن الغرب شارع "درب الجماميز" ثم "شارع اللبودية" وشارع الخليج المصري ثم من الجنوب "شارع مراسينا"، ليميل الحد إلى الشمال الشرقي حتى "مدرسة أزبك اليوسفي" حيث يتقابل مع أول "شارع نور الظلام" ويسير فيه إلى "أول شارع الألفي" وشارع مهذب الدين الحكيم، و"سكة عبدالرحمن بك" ثم تمتد إلى الشمال حتى تقابل الحد البحري "للحرم الزينبي"، والتي لم يبق منها سوى "شارع خيرت" الذي استمد اسمه من "عبيدالله خيرت" الخطاط، حيث كان أول من بنى بيته في الشارع، فوق قطعة الأرض التي منحها إياه الخديوي توفيق، الذي أمر بأن يحفر على "أزرار" ملابس جنود وضباط الجيش المصري آنذاك، فأقيمت مسابقة لأفضل خطاط يقوم بالمهمة، وعندما نجح فيها عبيدالله خيرت، عهدوا إليه بكمية ضخمة من "الأزرار" الذهبية، حفر اسم الخديوي توفيق عليها، وما إن انتهى أعاد إليهم "الأزرار" وقطع الذهب التي تساقطت من جراء الحفر، فكافأه الخديوي على أمانته بمنحه قطعة أرض في ما تبقى من أرض "بركة الفيل"، ليبني عليها بيتا له، فأطلق على الشارع اسمه "شارع خيرت".