الشيخ ياسر عبدالصمد هو الابن العاشر بين أبناء القارئ الراحل صاحب الحنجرة الذهبية عبدالباسط عبدالصمد (1927 - 1988) من إجمالي 11 ابنا 7 منهم ذكور و4 إناث، وجميعهم حفظ القرآن الكريم وامتازوا بحلاوة الصوت مثل والدهم، لكن لم يكمل مسيرة القراءة بعد وفاته إلا اثنان فقط، هما الشيخ طارق والشيخ ياسر.

يؤكد الشيخ ياسر (قارئ وإمام مسجد الإمام الشافعي ونقيب قراء القاهرة) أن الوالد كان هادئ الطباع، لم يخف عنهم سرا طوال حياته، فيسرد عليهم أي حدث في سكون شديد، كأنها قصة عادية.

Ad

ويشير إلى أن الصداقة كانت عنوان تعامل الشيخ مع أبنائه، ينصحهم إلى الصواب بهدوء، إلا في مواقف قليلة يترتب عليها ضرر لأحدهم، ولم يجبرهم على شيء، ولم يتدخل في اختيار أحدهم طالما أنه لا يخرج عن المألوف.

وتابع: حرص الوالد على إتقاننا لتلاوة القرآن، وأحضر لنا شيخا، ولم يكن يتدخل في عمله، وفي بعض الأحيان يجلس معنا ليسمعنا، وكان يشجعنا على قراءة القرآن، وكان والدي عندما يأتي إليه ضيوف، يطلب مني أن أقرأ ما حفظت، أو أقم الأذان وقت الصلاة، فكنت أجد منه التشجيع، والثناء من المستمعين، ويسعد حينما كنا نقرأ القرآن في المدرسة، والمناسبات الطلابية المختلفة.

يضيف: الوالد كان حريصا على الوجود في البيت في موعد الغداء، مهما كان حجم انشغاله، حيث نجتمع على مائدة واحدة، ويروي لنا ما مر به في اليوم، ويشدد على التزامهم بالصلاة، وكان يؤمهم كل يوم في صلاة المغرب في أيام فراغه.

الثامنة مساء

ويحكي الشيخ ياسر أن والده كان يمنع البقاء خارج المنزل بعد الثامنة مساء، فما إن تدق الساعة التاسعة حتى ينام الجميع، وكان الوالد يستيقظ في الثانية أو الثالثة صباحا، يتوضأ، ثم يجلس في غرفته لقراءة القرآن حتى آذان الفجر، وبعد الصلاة يضطجع ليحين ميعاد الإفطار، فيفطر معنا، ثم يذهب لعمله.

وعن طقوس الشيخ عبدالباسط في شهر رمضان، يقول نجله: كان بعد صلاة الفجر يجلس في غرفته، ويقرأ القرآن، وكنا نجلس معه لشرح بعض الأمور الفقهية، والمسائل الدينية المتعلقة بالصيام وأحكامه وفضله.

ويكشف الشيخ ياسر عن افتخاره بشهرة والده، التي يلمسها في سفرياته، فعندما يستقل التاكسي ويعرف السائق أنه ابن عبدالباسط يرفض الأجرة، كما أن التشابه بين صوت ياسر وصوت والده في قراءة القرآن، تسبب في عدم اعتماده في الإذاعة.

أما أبرز المواقف التي لا تنسى لوالده فيقول: طبعا حادث المنصة، حيث كان موجودا هناك لحظة العرض العسكري، وقام بافتتاح الاحتفال، ثم حدث ضرب النار، وفزعنا جدا من هول الموقف ولم نطمئن حتى عاد إلى المنزل، والغريب أنه في هذا اليوم كان لديه قراءة في الإسكندرية، ولأنه ملتزم جدا فقد أصر على الذهاب في الموعد المحدد له، ورفض أن يعتذر عن القراءة.

ويقول: تعلمت منه الاستقامة والاحترام وعدم النفاق، وحين حانت الوفاة أوصانا بالتكاتف والتراحم في ما بيننا، وتقوى الله والبر بوالدتنا، وحفظ القرآن وإحياء ذكرى وفاته بالاجتماع لقراءة القرآن كاملا وإهداء الختمة إلى روحه.