الإسلام في كتاب: تفكيك الفكر المتطرف
أصدر مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية في أحدث إصداراته كتاب «تفكيك الفكر المتطرف» للدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف المصري، حيث يؤكد فيه أننا نشهد موجات إرهابية عاتية، ربما لم يشهد التاريخ مثلها في عتوها وتنظيمها واحترافها للإرهاب، ووجود منظمات وجهات دولية تدعمها وتمولها وتمدها بالسلاح والعتاد لإشاعة الفوضى في منطقتنا وأوطاننا، ما يتطلب منا العمل ليلا ونهارا لمواجهة هذه الجماعات وتحصين شبابنا من الوقوع في براثنها أو الانخداع بأفكارها الضالة.وتساءل المؤلف في سطور الكتاب: هل القضية تتمحور حول تفكيك الفكر المتطرف أو تفكيك الجماعات المتطرفة؟ وأجاب عن ذلك بوضوح بقوله إننا في حاجة ملحة إلى تفكيك هذا وذاك، غير أن تفكيك الفكر أهم وأولى، لأنك إذا فككت جماعة اليوم قد تظهر لك أخرى غداً، ولكنك إذا فككت الفكر المتطرف جففت المنابع الفكرية للجماعات الإرهابية والمتطرفة كلها.
كما أكد أن من أهم ما يجب وضعه في الحسبان عند الحديث عن تفكيك الفكر المتطرف هو التفرقة الواضحة بين الثابت والمتغير، وبين البشري والمقدس، فأكثر الجماعات المتطرفة تعطي كلام البشر ضرباً من القداسة قد يصل لدى بعض عناصرها إلى مساواة قدسيته لكلام الخالق عز وجل، كوسيلة للسيطرة على أتباعهم والعمل على تسليمهم المطلق لرأي مرشدهم، فكلام بعض علماء العقيدة أو حتى علم الكلام، وبعض المحسوبين على الدعوة من غير المتخصصين، أو كلام بعض كتاب التاريخ والسير، قد يرقى عند بعض أصحاب الفكر المتطرف إلى درجة النص القرآني، على أن أحدهم قد يجادلك في فهمك للنص القرآني إن تناقض مع شيء من كلام شيخه أو مما دُسَّ له عبر كتبهم ومحاضراتهم وتفسيراتهم وتأويلاتهم، ولا يسمح لك أن تناقضه أو تناقشه في كلام شيخه المقدس لديه.وقضية تأليه البشر أو تقديسهم أو رفعهم إلى درجة المهديين المنتظرين أمرٌ خطير جدا على التفكير المنطقي السليم، ما يوجب علينا وبإلحاح التفريق الواضح بين النص المقدس والنتاج الفكري البشري حول هذا النص، فالأول ثابت والثاني متغير، مرتبط بفقه الزمان والمكان والحال، ولا يجوز إنزال الثابت منزلة المتغير ولا العكس، وإذا ميزنا ذلك تمييزاً واضحاً فككنا كثيراً من الإشكاليات ونقضنا أكثر مقولات المتطرفين.