يُعد الشيخ محمد الغزالي، الذي وافته المنية في 9 مارس 1996 بالسعودية، أحد المجددين في الفكر الإسلامي، وأبرز الدعاة المصلحين في النصف الأخير من القرن العشرين، وصاحب المؤلفات المعروفة، وأنجب الغزالي سبعة أبناء، خمس بنات وولدين.

د. علاء الدين الغزالي، أستاذ الحاسبات ونظم المعلومات، والرئيس السابق لأكاديمية السادات للعلوم الإدارية بالقاهرة، ترتيبه السادس بين إخوته، ويحكي تفاصيل علاقته بوالده الشيخ محمد الغزالي، فيقول: كان يمثل القدوة والمثل الأعلى في حياتي، وأسلوبه في تربيتي واخوتي لم يعتمد على التلقين والإجبار على فعل شيء، بل على الممارسة، فكنا نتعلم من تصرفاته، دون أن يحثنا أحد على فعل ما، وأعتقد أن هذا أفضل من توجيه الأوامر في التربية، فتقليد تصرفات الآباء والاعتياد على ممارستها أفضل وأحب للأبناء.

Ad

وتابع: «كان لنا مطلق الحرية في اختيار ما نريد، لذلك لم يعارض توجهنا للتعليم المدني، فكلنا تعلم في المدارس العامة، فقد ترك لنا أمر التعليم، ورأى أننا نخدم بلدنا في أي مجال».

واضاف: «والدي كان متعدد السفريات بحكم عمله الدعوي، وكانت ترافقه والدتي، ولم يعيشا معنا ونحن صغار، حتى عندما كان يأتي في الإجازات الصيفية لم نكن نراه، لانشغاله بالمحاضرات والدروس الدينية، وبالطبع كنا نشعر بالضيق من ذلك، لكن مع الوقت أدركنا حجم المسؤولية الملقاة عليه، فهو داعية رسالته التثقيف الإسلامي، وكنا ندرك ذلك ونسعد به».

وعلل علاء عدم سفرهم مع الشيخ الغزالي للعيش معه في الدول التي أقام فيها لفترات، قائلا: «الوالد كان محباً للوطن، فلم يرغب في اغترابنا، كما كان محبا للعائلة ومتفهما إلى أبعد الحدود، وكان يحترم اهتماماتنا ولم يتدخل يوما في تخصصاتنا الدراسية، فتخرج منا المهندس والمتخصص في التجارة ودراسة الأدب الإنكليزي، كما كان يرفض أن ترافقه أسرته إلى الدول التي أقام فيها، لأنه لم يكن يحب أن يستفيد أبناؤه من أي امتيازات، لذلك لم أؤد العمرة إلا بعد وفاته بسنوات».

وزاد: «علمنا والدي الاعتماد على النفس وأعطانا سلاحنا بالتعليم الجيد، فكل واحد فينا شق طريقه بنفسه واجتهاده دون تدخل منه، فلم يتدخل في عمل أحدنا، فأنا تقدمت في وظيفتي بأكاديمية السادات، وكذلك إخوتي تقدم كل منهم لشغل وظيفته بنفسه دون تدخل الوالد أو الاعتماد عليه، فوالدي كان رجلا عصاميا وجعلنا كذلك، وهذا ساعدني في مجال الجامعة والتدريس».

وتذكر عندما عرض عليه منصب إداري في الأكاديمية فرفضه، وحينما سأله الوالد عن سبب الرفض قال: أنا حصلت على الدكتوراه منذ أيام وأرغب في الراحة، فقال الوالد: «طالما أنت قادر تقدم العطاء بجانب التعليم، فلا تبخل بوقتك عليه، فيجب الاهتمام بالجوانب الأخرى مثل الأعمال الإدارية والاجتماعية طالما أن الناس تثق بقدراتك فلا تخذلهم».

واردف: «تعلمت من والدي الوضوح والصراحة وعدم الخوف إلا من الله، ومراعاة الله في كل أعمالي، والحرص على تطوير أدواتي والانفتاح على كل الثقافات».