تصدرت الصين خلال العقد الماضي قائمة الدول الأبرز من حيث التأثير في أسواق السلع الأساسية خاصة خام النفط، إلا أن التغيرات الحالية في النموذج الاقتصادي للبلاد يثير شكوكا حول استمرار هذا التأثير القوي.

حيث أشار تقرير نشرته "فوربس" إلى أن انتقال الصين من النموذج المعتمد على استهلاك الطاقة القوي إلى الاعتماد على الخدمات خلال العام الماضي أدى إلى هبوط ملحوظ في استهلاك الطاقة في البلاد.

Ad

ومن المرجح أن تشهد الصين، التي تعتبر أكبر مستهلك للطاقة في العالم انخفاضا إضافيا في استهلاك النفط، في أعقاب قمة المناخ الأخيرة بباريس، والتي طالبت بالحد من انبعاثات الكربون بشكل كبير على المدى الطويل.

وقد توقعت وكالة الطاقة الدولية نمو الطلب الصيني على النفط بنسبة 1.2 في المئة على مدار الأعوام الخمسة والعشرين المقبلة، مقابل نمو بلغت نسبته 5 في المئة سنويا خلال العقد الماضي.

لكن في المقابل، برزت الهند كمنافس قوي للصين من شأنه سد الفجوة الناشئة عن تباطؤ طلب بكين من النفط، حيث توقعت وكالة الطاقة الدولية نمو طلب الهند على الخام إلى 10 ملايين برميل يوميا بحلول عام 2040، بمعدل نمو سنوي يبلغ 4 في المئة على مدار السنوات الـ 25 المقبلة.

لماذا ستتفوق الهند؟

تشير التوقعات إلى نمو الناتج المحلي الإجمالي في الهند بمعدل سنوي يبلغ 6.5 في المئة على مدار السنوات الـ25 المقبلة، مقابل نمو متوقع للصين بنحو 5 في المئة خلال نفس الفترة.

ورغم أن حجم اقتصاد الصين يوازي ضعف نظيره في الهند تقريبا، فإن "نيودلهي" تعتبر الاقتصاد الناشئ الوحيد بعد الصين الذي يحقق معدلات نمو مرتفعة، ما يرجح بزيادة استهلاك البلاد من الطاقة على المدى الطويل.

حيث بلغت احتياطيات النفط المؤكدة في الهند نحو 5.7 مليارات برميل بنهاية عام 2014، ما يعتبر رقما ضئيلا مقارنة بالاحتياطيات العالمية البالغة 1493 مليار برميل، كما تعتمد البلاد على الواردات النفطية بشكل كبير مع عجز الإنتاج المحلي على مجاراة الاستهلاك الكبير.

في المقابل تبلغ احتياطيات النفط في الصين نحو 24.6 مليار برميل، وهو أعلى معدل في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، إلا أنها تلجأ إلى واردات الخام لتلبية احتياجاتها المحلية، إذ إنه مع امتلاك بكين احتياطيات كبيرة للنفط، فإنها تمتلك مجالات أكبر لتوسيع إنتاجها المحلي، وتقليص الاعتماد على الواردات العالمية.

إلا أنه مع وجود أقل من 1 في المئة من الاحتياطيات النفطية العالمية في الهند، فإنه من المرجح أن ينمو اعتماد البلاد على الواردات الخارجية على المدى الطويل، ما يعني زيادة وارداتها المستقبلية، ما يجعلها أكثر تأثيرا في الطلب على الخام.

قطاع النقل

بلغ نصيب الفرد من استهلاك الطاقة في الهند ما يزيد قليلا على 0.5 طن من النفط المكافئ في عام 2013، وهو ما يقل كثيرا عن المتوسط العالمي البالغ طنين لكل فرد تقريبا.

على الجانب الآخر، بلغ نصيب الفرد من استهلاك الطاقة في الصين نحو 2.1 طن في الفترة بين عامي 2000 إلى 2013، وهو ما يتجاوز المعدل العالمي.

وتمتلك الهند مزيدا من المساحة لزيادة استهلاك مواطنيها من الطاقة بوتيرة أكبر مما تمتلكه الصين، ما يجعل الأسواق متفائلة بشأن ارتفاع الطلب الهندي على النفط.

وتتوقع وكالة الطاقة الدولية أن يتسبب قطاع النقل في معظم الطلب الهندي على النفط خلال الفترة المقبلة، مع حقيقة أن ملكية المركبات في البلاد تعتبر أقل بشكل كبير من مثيلتها في دول مثل المملكة المتحدة والولايات المتحدة، وحتى البرازيل.

كما تتراجع ملكية المركبات في الهند مقارنة بمثيلتها في الصين، ما يشير إلى أن النمو الاقتصادي المرتفع في "نيودلهي" سيزيد الطلب في قطاع النقل، ما سيعزز الطلب على النفط على المدى الطويل.