يؤكّد الكاتب محمد البطوش والمخرج إياد الخزوز أن «سمرقند» لا ينتمي إلى فئة الأعمال التاريخية التوثيقية، بل هو عمل درامي يتضمن حكايات ورؤى خاصة به، لذا لا يرتبط بأي عمل أدبي آخر قد يحمل الاسم نفسه، ولا يوثّق لأحداثٍ جرت في فترة معيّنة من التاريخ. في ضوء اشتماله أسماء لامعة في الدراما على غرار: عابد فهد، يوسف الخال، ميساء مغربي، يارا صبري وأمل بوشوشة وغيرهم... تدور الأحداث في مدينة «سمرقند» التي جمعت في إحدى مراحلها التاريخية تيارات مختلفة ومتناقضة، وشهدت صراعات من شأنها جعل المسلسل غنياً بإسقاطات على واقعنا المعاصر.
بناء قصصي
الكاتب محمد البطوش، الذي قدم أعمالاً تاريخية عدة، يؤكد أن «سمرقند» هو عمل جديد من النواحي كافة، لا سيما من ناحية بنائه الدرامي وقصّته الافتراضية التي تتمحور حول جارية تُباع وتُشترى، إلى أن تصبح الوصيفة الأولى للملكة وصاحبة القرار في قصر أهم ملوك تلك الفترة. يضيف: «تشكّل هذه القصة البناء الدرامي الأساسي مع كافة الرسائل الفكرية التي يمكن أن يقدّمها مسلسل تاريخي، أولها قضية الإرهاب ومحاربته، تحديداً الصراع بين التطرّف والتسامح، وكيفية التغرير بالشباب واستغلالهم والإيقاع بهم تحت مسمّى الدين، لذا شخصية حسن الصباح وجماعة الحشاشين، أول فرقة موت محترفة في العالم، ستأخذ الخط الدرامي الرئيس في مواجهة شخصية عمر الخيام الذي يقف على طرفي نقيض مع الصباح، لنجد كيف يمكن للفكر أن يواجه الفكر المضاد». يتابع: «يروي المسلسل تفاصيل عن ولاية العهد، إدارة الحكم والصراعات التي تحدث على السلطة عموماً، وما لذلك من نتائج سلبية وانعكاسات تعود بالخسارة على الممالك والشعوب. كذلك ثمة شخصية هامّة وهي «نظام المُلك» الذي يمثل رجل الدولة بامتياز، وقد استوحينا شخصيته من كتابه الذي يعكس تجربته في القصور، وهو بالمناسبة شخصية مسانِدة لعمر الخيام من ناحية آلية فهم الدين ومحاربة الإرهاب». يختم البطوش: «لا يكتفي العمل بتسليط الضوء على المشكلة بل يقترح الحلول لها، وأودّ أن أشدّد على أن «سمرقند» لا يسرد سيرة شخص أو شخصيات في التاريخ، بل هو انعكاس للصورة الحالية المعاصرة في بعض الدول العربية، ولكن بأسلوبٍ درامي شيّق مع الحفاظ على الغلاف التاريخي العام».بين الحياة والموت
تشير ميساء مغربي إلى أن شخصية الملكة توركان التي تجسدها مزدوجة، ورغم إخلاصها لزوجها، تقرّر فور وفاته الاستيلاء على السلطة ولو بأسلوب ملتوٍ، وتقوم بذلك بأعصاب باردة وهدوء لا يتناسب مع الحدث الجلل، وهي تردد مقولة: السلطة تستحق العناء وسفك الدماء. تضيف: «المسلسل هو مواجهة حقيقية بين الحياة والموت... من يقرّر السير خلف شخصية الصباح بداخله إرهابي نائم، واختار أن يكون إلى جانب القتل والموت، ومن يسير خلف شخصية الخيام فهو قطعاً ينتمي إلى الحياة بكل تناقضاتها».بدوره يوضح المخرج إياد الخزوز رؤيته الدرامية والجمهور الذي يتوجه إليه، ويقول: «استهدف من خلال المسلسل فئات لم تكن تتابع الأعمال التاريخية، وذلك عبر إيجاد حكايات شبابية شيّقة، وإعطاء مساحة واسعة للمرأة، بموازاة اعتمادنا على تقنية عالمية في الإخراج ستُعيد إلى العمل التاريخي رونقه ومكانته بين الأعمال الدرامية الرمضانية». يضيف: «ليس «سمرقند» مسلسلاً تاريخياً بحتاً، بل هو خليط بين العمل التاريخي ونظيره المعاصر».يتابع: «يتناول سمرقند بمقولته الأساسية موضوعيْن مهميْن: الأول هو إدارة الحكم وكيفية تسيير أمور الدول، والثاني كيفية صناعة الإرهاب وأسبابه وكيف يُخرّج الكبت والفقر جيلاً من الإرهابيين. جمعت مدينة سمرقند في العمل الحياة والموت في آنٍ.. الحياة يمثلها عمر الخيام وفكره المستنير، ويجسد شخصيته النجم يوسف الخال، والموت المرتبط بشخصية حسن الصباح مخترع أول فرقة قتل مُسلح في التاريخ، وهو صاحب مقولة: «إذا أردت أن تمتطي صهوة الحكم في بلاد العرب فعليك أن تلبس ثوب الواعظين وتتحزم بسيف قاطع»، ويؤدي هذا الدور باقتدار النجم عابد فهد. وإذا اطلعنا على التاريخ فسنجد أن هذه النماذج مستمرة وتتكرر في كل عصر». يختم: «شعرتُ بأن دوري كفنان وكمخرج تقديم عمل مختلف، وقد اعتمدنا تقنيات حديثة وتعاونّا مع خبراء عالميين وفريق عمل أوروبي، فضلاً عن أن التصميم الفني قد تمّ في أميركا والهند».