«في وجه الظلمة» لمحمد بوزورجي... لوحات ملونة في عالم رمادي

نشر في 09-06-2016
آخر تحديث 09-06-2016 | 00:01
تعرض {غاليري أيام} دبي مجموعة لوحات للرسام التشكيلي الإيراني محمد بوزورجي في عنوان {في وجه الظلمة} (30 مايو- 25 اغسطس)، تندرج ضمن سلسلته الأخيرة {دموع ملونة، عالم رمادي}، وهي ردة فعل على الصراعات في المنطقة وأثر الدمار الواسع النطاق على المجتمع العالمي، فضلا عن أنها بمثابة استكشاف في مجال اللون وإمكانية تحرير اشكال الخط العربي في إطار تركيبات معقدة.
بالنسبة إلى الفنان بوزورجي، تعدّ الإشارات إلى الحياة اليومية في الفن أحد اشكال الترجمة التي تتجسد في استخدامات معيّنة للون. في سلسلة {دموع ملوّنة، عالم رمادي}، يتناقض مبدأ الظلام أو تدهور ظروف الحياة إلى حالة دائمة من اليأس، مع لون زاهٍ يسجل اعتراضاً على {الأحلام الضائعة} و}الحيوات الضائعة}، في الوقت ذاته، يسعى بوزورجي إلى بث الأمل في جمهوره من خلال الإشارة إلى عالم يحكمه السلام والجمال والسكينة.

ألوان وكلمات

في اللوحة الضخمة {الطفل الشهيد} (دمشق-2015)، يستخدم الفنان ألواناً متعاكسة كتحية لضحايا الحرب من اليافعين، من خلال لون الخلفية الترابي الذي يطغى فوقه لون النص القشدي المتوهّج. أما التصميم الدائري للنص فيوحي بحركة متتابعة عندما تتمدد الأحرف ضمن خطوط انسيابية، فتبدو كأنها تذهب إلى خارج حواف إطار اللوحة. تحدث الكلمات التي تحتويها دائرة في وسط اللوحة، خداعاً بصرياً يوحي بعمق في المساحة لامتناهٍ. تشبه هذه النقطة المحورية- والنص المحيط بها- عند النظر إليها من بعيد عظمة شمس متوهجة تلقي بضوئها على محيطها المعتم.

في لوحة {حرب وحرية} (2015) المزدوجة، يستخدم الفنان التناظر لوصف الإيديولوجيات المتناحرة على شكل كلمات متكررة تلتقي من دون أن تتقاطع في محور الوسط. تأخذ أشكال بوزورجي الخطية معاني بشرية، ويبدو النص كأنه يتحرّك ككتلة من الناس تتهافت على هدف أو مكان معيّن. أما الطبيعة المتطابقة لجانبي اللوحة، فتعكس صورة مرآة، وتبدو كبيئة عمت فيها الفوضى من دون فهم واضح للأسباب.

محمد بوزورجي

تماشياً مع مبادئ جماليات الفن الإسلامي، يرصد محمد بوزورجي أعماله التشكيلية وفق هياكل وتناظرات رياضية دقيقة، ويحرص على ألا يحيد عن معنى الكلمات رغم الابتكار الذي تتضمنه نصوصه.

درس محمد بوزورجي (مواليد 1978- طهران) الهندسة الطبية الحيوية قبل الدخول في مجال الفنون البصرية، من خلال تدريب دام عقداً كاملا، في جمعية الخطاطين الإيرانيينن واتقن اشكال الخط العربي حاصداً درجة ممتاز مرات عدة. أوحت هذه الخلفية المتينة إلى بوزورجي باستخدام أسس هندسية لخلق عمق ومساحة وهميين، بينما طوّر في الوقت ذاته حروفاً منمقة مبنية على أمثلة عربية وفارسية.

يبني بوزورجي، المعروف كرمز بارز بين {الجيل الجديد} من الخطاطين المعاصرين، على إنجازات أسلافه المحدثين، في وقت يسعى إلى تطوير فن الخط عبر تشكيلية تجريبية.يتضاعف النص داخل تركيباته المصممة بإتقان بفعل الطاقة المشحون بها، فيبدو كأنه يتحرك بتناغم في أنحاء قماشة اللوحة أو على الورق، فيصدر عن المركز ويعود إليه كالإيقاعت الدائرية للطبيعة.

شارك بوزورجي في معارض فردية وجماعية في دبي (2015) وجدّة (2014)، طهران (2014)، باريسلا (2013)، زوريخ... اعماله موجودة في مجموعات خاصة وعامة من بينها متحف الفنون الإسلامية في ماليزيا.

الخط بالنسبة إلى بوزورجي، جمال وعظمة وشعور نبيل، يعكس الثقافة والبنية الفكرية والعقلية والدينية. لا يؤمن كثر اليوم بالنقاء التاريخي للخط، لذا يرى ضرورة الاقتراب من الخط كمكون بصري، مع تأكيد بلوغ هذه النتيجة التجريبية من خلال قياس الجمالية في الخط. صحيح ان ثمة فجوة بين المعنى والشكل، لكن على الفنان أن يكون حرفياً لردمها. الخط واللوحة هما عالم الفنان الذي يحوي مفارقات لا حصر لها، لكنه يبيح له اكتساب هوية خاصة به وانتماء إلى حضارة بعينها.

في اللوحة الضخمة {الطفل الشهيد} (دمشق - 2015)، يستخدم الفنان ألواناً متعاكسة كتحية لضحايا الحرب من اليافعين
back to top