فارس الأغنية الكويتية الأصيلة الشاعر عبداللطيف البناي (4-4):

لا يعجبني غناء المطرب بلهجات أخرى لأن «الثوب حلاته رقعته منه وفيه»

نشر في 09-06-2016
آخر تحديث 09-06-2016 | 00:02
الشاعر الغنائي الكبير عبداللطيف البناي، أحد فرسان الأغنية الأصيلة في الكويت، وأبرز سفرائها، خليجياً وعربياً، لكثرة تعامله مع المطربين العرب، قدم الكثير من الأغنيات الخالدة، ورددت حناجر المطربين مفرداته السلسة من الخليج إلى المحيط.
وفي الحلقة الأخيرة من حواره مع "الجريدة"، شدد البناي على ضرورة التزام المطرب بأداء أغنياته بلهجته الأصيلة، لأنه الأقدر على إيصالها إلى الجمهور بشكل صحيح، معتبراً أن كثرة الأصوات والملحنين أثرت سلباً في هوية الأغنية الكويتية، ولاسيما عقب انتشار التزوير في الساحة الغنائية المحلية، إذ أصبح الجميع ملحناً، من يفقه بالموسيقى ومن لا يفقه. وفيما يلي تفاصيل الحوار:
● ما القصيدة التي كتبتها وشعرت بأنها يجب أن تغنَّى؟

- كتبت قصائد كثيرة قبل دخولي عالم الغناء، وأذكر أول قصيدة تحولت إلى أغنية كانت بعنوان "اصبر"، وأداها الفنان عوض دوخي عام 1969، وللأسف، هذه الأغنية ليس لها تسجيل صافٍ، وكنا عقدنا العزم على إعادة تسجيلها بجودة عالية، لكن لا أذكر الأسباب التي عرقلت هذه الرغبة.

ومن الأغاني الجميلة التي كتبتها، أغنية بعنوان "بطاقة عيد"، التي لحَّنها عبدالله البعيجان، وأغنية "اجرح" للفنانة رباب، "وسكة سفر" للفنان نبيل شعيل، وأغنية "صابرين" للفنان رابح صقر، وغيرها من الأغاني الجميلة.

فرحة

● كيف تصف تعاملك مع الفنان عوض دوخي بالنسبة لك كشاعر جديد؟

- فرحتي بغناء دوخي لقصيدتي كانت تعادل خبر إنجاب زوجتي لمولود جديد، وأذكر أني كنت سعيدا جدا بهذا التعاون، وشعوري لا يوصف، ولاسيما أنها الأغنية الأولى، وسيغنيها فنان بحجم عوض دوخي.

وسأذكر لك أمرا ربما لا يعرفه الكثيرون، أن هذا التعاون جاء بفضل الملحن المصري نجيب رزق الله رئيس الفرقة بالإذاعة الكويتية آنذاك، وكنت ألتقيه، وعرضت عليه الأغنية، وأُعجب بها، وأخبرني بأنه سيعرضها على الفنان عوض دوخي، وفعلا نالت الأغنية استحسانه، وغناها، وبفضل الملحن نجيب رزق الله كانت هذه انطلاقتي في عالم الغناء.

● بعد التطور الحاصل في الكلمات والألحان يرى البعض أن الأغنية الكويتية فقدت هويتها، هل تتفق مع هذا الرأي؟

- لا أؤيد اتجاه بعض المطربين للغناء بلهجات أخرى، لأن المطرب ابن بيئته، ويجب عليه إيصال فن بلده وتراثه، وليس الترويج لفنون أخرى، كما أنه لن يكون جديرا بإيصال اللهجات الأخرى.

ومنذ بدايتي كنت أطبِّق مبدأ "حلاة الثوب رقعته منه وفيه"، أي أنه من الضروري أن يلتزم المطرب بلهجته، لأنه يستطيع إيصالها بكل سلاسة ويسر، فيما حينما يغني باللهجات الأخرى ربما يقع في إشكالية عدم إتقان المفردات، إضافة إلى مشكلات أخرى، لذلك أفضل أن يغني المطرب بلهجته، ولا مانع إذا خاض التجربة مرة أو مرتين، بشرط ألا يؤثر ذلك في الأغنيات بلهجته الأصيلة.

وسأذكر لك مثالا واقعيا، حين غنَّى الفنان الراحل عبدالحليم حافظ أغنية "يا هلي" باللهجة الكويتية نجحت بصوته، لكن هذا النجاح اقتصر على الكويت، والأغنية غير معروفة في الدول العربية.

ومن الأسباب التي أدت إلى ضياع هوية الأغنية الكويتية، كثرة المطربين والملحنين والأصوات الجديدة، وهذه الكثرة أثرت سلبا في الأغنية الكويتية، وساهمت في تشويهها، إضافة إلى انتشار الفضائيات، التي تحتاج إلى مواد كثيرة لعرضها من بون التدقيق على المعروض. ولاستعادة الأغنية الكويتية مكانتها، يتوجب العودة إلى المفردة الأصيلة، ووضع لجان لاختيار المطربين، وكذلك النصوص، كما كان معمولا به في السابق، فالمطرب لا تبث أغنياته، إلا عقب اجتيازه اختبار الصوت في الإذاعة، وكانت اللجنة المشرفة على انتقاء الأصوات تضم مجموعة من الملحنين والمثقفين المعروفين، الذين لديهم القدرة على فرز المتقدمين، وفقا لمقاييس فنية ومعايير جمالية.

وهنا أريد الإشارة إلى أن الراحل صالح الحريبي، صاحب الصوت الشجي والإمكانات الكبيرة في الأداء، أخفق في اختبارين أمام هذه اللجنة، لكنه في الثالث تمت إجازته.

ربما يعتقد البعض أن هذه اللجان لا جدوى منها، لكن في الحقيقة هذه الإجراءات تساهم بارتقاء الساحة الغنائية.

أجواء التسجيل

● كيف تصف لنا أجواء تسجيل الأغاني، ولا سيما أن التنفيذ كان خارج الكويت؟

- في السابق كان المطرب والشاعر والملحن يذهبون بمعية المنتج لتسجيل الأغاني في القاهرة، وكنا نجتمع في الاستديو الساعة التاسعة صباحا حتى المساء، لتسجيل أغنية واحدة، وفي بعض الأحيان لا يسعفنا الوقت، فنضطر إلى تمديد الوقت إلى يوم آخر، وحصل معنا ذلك في أغنيات كثيرة، أذكر منها أغنية "أنا رديت"، إذ استغرقنا يومين في تسجيلها، وكذلك الحال في أغنية "الله أمر"، لأنه في السابق أخطأ أحد العازفين، فاضطررنا إلى إعادة التسجيل منذ البداية.

أما التنفيذ الآن فحدّث ولا حرج، يتم التسجيل من قبل المهندس في الاستديو، وبغياب الملحن، ثم يوضع اسمه في قائمة التلحين، فمن وجهة نظري، هذا تزور، لأن المهندس هو الذي قام بدور الملحن.

● من ترى من المطربين الشباب سيكون له مستقبل كبير في الغناء؟

- يعجبني كثيرا المطرب مطرف المطرف، كما أنه استطاع تحقيق قاعدة جماهيرة كبيرة لدى فئة الشباب، كذلك يعجبني المطرب إبراهيم التميمي وناصر الرغيب، لكن ما يزعجني أن الفوضى الحاصلة ربما تؤثر في استمرار الأصوات الجديدة ونجاحها.

ومن الشعراء يعجبني ناشي الحربي ومنصور الواوان وعبدالعزيز العبكل، كما يروق لي الشاعر الشهيد فايق عبدالجليل ويوسف ناصر ومبارد الحديبي ومحمد محروس.

أوبريتات

● قدمت أوبريتات فنية متنوعة، لكن الأعمال السابقة كانت تحقق نجاحا كبيرا، قياسا مع ما يُقدم حاليا، فما الأسباب؟

- قدمت أوبريتات رياضية ووطنية متنوعة، منها أوبريت الصداقة والسلام في بطولة كأس الخليج العاشرة لكرة القدم و"خليجي 16".

في السابق كان الأوبريت يكتبه مؤلف واحد، ويلحنه ملحن واحد، ويغنيه، لذلك يختلف الإحساس، كما أن التحضيرات لم تعد كما كانت، إذ كان الأوبريت يستغرق 4 أشهر، فيما الآن يكتفون بـ 60 يوما.

● حدثنا عن أبرز مشاركاتك في المسرح؟

- عملت في مسرحيات الأطفال، وحققت أعمالي نجاحا كبيرا، وأذكر من هذه الأعمال مسرحية "ليلى والذيب"، و"البنات والساحر"، و"الذيب والعنزات الثلاث"، و"سارة وسعود"، وكانت مسرحية "ليلى والذيب" غنائية من الألف إلى الياء.

وكان لي أيضا مشاركات في مسرح الكبار، إذ شاركت مع الفنان عبدالحسين عبدالرضا في مسرحية "سيف العرب"، و"مراهق في الخمسين"، وفي المسلسلات التالية: "سوق المقاصيص"، و"الحب الكبير"، و"أبوالملايين"، كذلك "خالتي قماشة"، و"خرج ولم يعد"، و"على الدنيا السلام"، و"الغرباء"، و"الماضي وخريف العمر"، وحديثا مسلسل "بياعة النخي" مع الفنانة القديرة حياة الفهد، وتربطني علاقة وطيدة بالفنانين عبدالحسين عبدالرضا وحياة الفهد وسعاد عبدالله.

● كيف يتم الاتفاق على كتابة هذه الأعمال؟

- أشرع بالقراءة، ثم أبدأ مرحلة الكتابة، ومن خلال تعاملي مع النجوم رصدت بعض الأمور، في مقدمتها أن الفنان عبدالحسين عبدالرضا يحرص على سماع الأغنية كلمة كلمة، ويدقق في المضمون، والكلمات التي لا تعجبه يطلب تغييرها، كذلك الحال مع الفنانة سعاد عبدالله وحياة الفهد، فهما لا يجاملان في عملهما واختياراتها.

محمد عبده ورابح صقر

تعامل البناي مع عدد من الفنانين العرب، منهم الفنان محمد عبده، في مجموعة أعمال، منها «هلا بالطيب الغالي» و»لا ثالث معنا»، وعمل جديد لم يركب صوته عليه بعنوان «العشق الجديد»، وهو من ألحان أنور عبدالله، كما تعاون مع طلال مداح في مجموعة أغنيات، منها «كل الحكاية»، و»حط النقط فوق الحروف»، و»تذكر من أنا»، والمطرب عبدالمجيد عبدالله في «الحب قسمة ونصيب»، وعبادي الجوهر في «وضح المعنى وقول»، وراشد الماجد «لا تقول لا تشك»، أما الفنان رابح صقر، فقدم له أغنية بعنوان «صابرين»، وحققت شهرة كبيرة جداً.

كما تغنى بكلمات البناي عدد من المطربين، منهم: إلياس خضر، سعدون جابر، نادية مصطفى، لطيفة التونسية وراغب علامة وغيرهم.

رباب مظلومة... وخلافات الكراسي

أكد الشاعر الغنائي الكبير عبداللطيف البناي، أنه تربطه علاقة جيدة بالفنانة الراحلة رباب، مشيرا إلى موهبتها الكبيرة، وتميزها في الساحة الخليجية، إذ قدمت أغنيات تشكل علامة بارزة في عالم الغناء. ويعتبر البناي أن من أبرز الأعمال التي غنتها رباب من كلماته، هي: «اجرح»، و»أرجوك» و»حاسب الوقت» و»الجرح الأول» و»متعنين» و»هناك الأول».

وأضاف: من أجمل ما غنت الفنانة رباب مقدمة مسلسل «الغرباء»، وتقول كلمات الأغنية:

كانت مدينتنا ذهب والناس للناس

كان الكرم ويا الوفا دايم ما بين الناس

وكان الصحيب لما ينادي وينتخي

يلقى حواليه الأهل والكل سخي

زمان يا أحلى زمان

من يوم ما حكم الغريب آه الغريب

غير موازين البشر

والشر على الأرض انتشر

آه بكت المدينة والأرض الحزينة

وكتب الشاعر الغنائي عبداللطيف البناي العديد من الأغنيات الرياضية، التي شكلت ذاكرة بصيرته للجمهور الرياضي تضاهي الإنجازات الرياضية.

ويقول البناي عن هذه الأغنيات: قدمت أعمالا جميلة، منها «أوه يا الأزرق» و»ردت الطيارة» و»هيدوه»، ولكل أغنية مناسبة، إذ قدمت «أوه يا الأزرق» قبل إحدى المباريات الحاسمة لفريقنا مع المنتخب العراقي، و»هيدوه» حينما وصل المنتخب الكويتي إلى التصفيات النهائية لبطولة كأس العالم في إسبانيا، لكن ثمة حافزا كبيرا يدفعنا إلى الكتابة والعمل، يتمثل في قوة اللاعبين: فتحي كميل، جاسم يعقوب، فيصل الدخيل، عبدالعزيز العنبري، سعد الحوطي، عبدالله معيوف، محبوب جمعة، عبدالله فليطح وغيرهم.

واستذكر البناي الشهيد فهد الأحمد، الذي كان يجمع بين الفن والرياضة، مشيرا إلى أنه كان يحرص على تجمعنا مع بعض كفنانين، مثل: عبدالكريم عبدالقادر، عبدالله الرويشد، راشد الخضر، أنور عبدالله ومجموعة أخرى، بهدف الخروج بفكرة جميلة تدعم الفريق وتشجع اللاعبين، وأذكر أنه كان يحرص على جلوسنا مع اللاعبين وزيارتهم في مبنى الاتحاد الكويتي لكرة القدم.

ولفت إلى أنه كتب الكثير من الأغنيات لمهرجانات اعتزال نجوم الكرة الكويتية، منهم: فيصل الدخيل، فتحي كميل، سعود بوحمد، جاسم يعقوب، حمد بوحمد وسعد الحوطي، وكانت هذه المساهمات بالمجان، لأننا كنا نتبادل المحبة والود فيما بينا.

حققت نجاحاً كبيراً في مسرح الطفل وتفوقت أعمالي في مسرح الكبار

يعجبني مطرف المطرف وإبراهيم التميمي وناصر الرغيب

من الأسباب التي أدت إلى ضياع هوية الأغنية الكويتية كثرة المطربين والملحنين

عبدالحسين يحرص على سماع الأغنية كلمة كلمة وسعاد وحياة لا تجاملان في عملهما

ما يزعجني أن الفوضى الحاصلة ربما تؤثر في استمرار الأصوات الجديدة ونجاحها
back to top