● كيف ترى واقع الأمة الإسلامية اليوم؟

- الأمة الإسلامية تعيش حرب نحل ومذاهب وتطرف جماعات، واختزال للإسلام في مجموعة من الأفكار المتطرفة، ومع ذلك أقول إن هناك تطرفاً يرادف التطرف الديني وهو تطرف العلمانيين واللادينيين والانسلاخيين الذين يقولون بأن الإسلام هو مصدر القتل والإرهاب، وهذا هو مصدر الخطر، فقد نرى في بلداننا العربية أن يجاهر بعض الناس بالفاحشة، أو الإفطار في نهار رمضان، بحجة أن ذلك من الحرية الشخصية، وهذه الأمور المختلطة شكلت شكلاً غير مقبول للمسلم اليوم.

Ad

● بعد أحداث «شارلي إيبدو» كثرت المطالبات بسحب الجنسية من الفرنسيين المسلمين، كيف ترى وقع هذه المطالبات على واقعكم؟

- هذه المطالبات أتت من اليمين المتطرف في فرنسا، وهذه الدعاوى هي إعلان بفوز «داعش» في حربه ضد فرنسا، وأن «داعش» في عقيدته لا يؤمن بالحياة، وبالتالي فالحفاظ على الاستقرار والحياة والأرض لا يوجد في قواميسهم، ولا يهمهم هذا القانون، كما أن هذا القرار سيخلق حالة يستغلها المتطرفون من كلا الطرفين، لأن الشباب الفرنسي الذي تورط في تنظيم «داعش» تيقن أن فرنسا تحاربهم، وبالتالي عليهم هجرة فرنسا بلد الشر التي تحارب المسلمين على حد زعمهم، وأقول إن هذا القانون هو مشروع الموت وليس مشروعا للحياة، فهؤلاء المتهمون هم أبناء فرنسا، وإذا كان هناك اعوجاج في سلوكهم فهو نتاج تربية فرنسا، لأنهم نشأوا وتربوا بين أحضان هذا البلد، وعليه لابد أن يتحمل نتاج ما زرعه فيهم، ولدينا الوقت الكافي لتغييرهم وخلق شباب يحب هذا الوطن، ودائما أتساءل: لماذا كلما نجح شاب من أبناء المهاجرين ورفع راية فرنسا عاليا تتبناه؟ لكن كلما ظهر شاب مهزوم متصدع سلوكيا تنفر منه وتحاول عزله؟! وحين تألق المنتخب الفرنسي بقيادة اللاعب زين الدين زيدان كانت كل فرنسا تهتف باسم زيزو الفرنسي، لكن عندما يقوم شاب بعمليات انحرافية إجرامية فتذكر الجذور الأصلية للشاب على أنه مهاجر مسلم مغربي أو تونسي أو مصري، وفي ظل هذه الأجواء ستزيد الأصوات المتشددة التي تنادي بالرد على العنف بالعنف.

● إذن كيف تتم معالجة التطرف والإرهاب بين الشباب في أوروبا؟

- المعالجة دائما تأخذ أبعادا مختلفة ووقتاً طويلا، فلا يكون ذلك بسن التشريعات، فأحيانا تصبح القوانين بمثابة الحصن للجرائم، ولذا ليست هي الدواء من وجهة نظري، لكن الحل يكون بالمقاومة الفكرية، والبحث للرد على هذا الفكر القتالي الدخيل على الإسلام، عن طريق تحرير المساجد التي تروج للأفكار المتشددة وحماية الشباب من الانحرافات الدينية والاجتماعية، وتحصينهم ضد هذا الفكر، فالقانون الذي يريدونه الآن سيزيد الأمور تعقيدا، لذلك يجب التعامل مع قضية الإرهاب بحكمة وليس برد فعل قانوني محض، لأن رد الفعل هذا يخدم داعش ولا يخدم المبادئ التي قامت عليها الجمهورية الفرنسية التي كانت عنوانا للإنسانية بمشروعها العالمي لحقوق الإنسان.

● هناك اتهام غربي بأن الدين الإسلامي مفرخة للإرهاب تحت زعم أن الجماعات الإرهابية حول العالم تحمل راية الإسلام، كيف ترى ذلك؟

- نحن كمسلمين وسطيين ننكر هذه الاتهامات ونؤكد أن ديننا لا يحث على القتل والإرهاب، ولابد أن نعترف بأن هؤلاء المتطرفين الإرهابيين يستندون إلى أحكام بالية، وهي بمثابة أفكار قديمة ورواسب تاريخية لفكر الخوارج عبر التاريخ الإسلامي، كما لابد أن نعترف بأن لدينا نصوصاً فقهية في تراثنا تحض على القتل، وأنا شخصياً لا أؤمن بأن هناك مؤامرة خارجية من الغرب على المسلمين.

● هل يعني ذلك أننا بحاجة لتنقية تراثنا الإسلامي من الأفكار المتشددة؟

- لابد أن نواجه أنفسنا بكل صراحة ونعترف بأن التراث الإسلامي يحتاج إلى تنقية، فهناك أفكار متطرفة دست في هذا التراث، واستخدمها المتشددون مبررا لفعلهم، وهذه الأفكار ناتجة عن عدم الفهم الصحيح للإسلام، والتاريخ الإسلامي مليء بالحروب الدموية التي استغلها الأمراء والسياسيون حينها وبقيت كما هي في كتب التراث، ومن وجهة نظري يجب استبعاد هذه الأفكار والرجوع إلى النص القرآني والسنة الصحيحة القاطعتين الدلالة.

● كيف ترى انخراط شباب أوروبي مسلم في عمليات القتال التي تجري في سورية والعراق؟

- فجعنا عندما علمنا أن عدد المنخرطين في القتال في سورية من أبناء الجيل الثاني والثالث لمسلمي أوروبا قد وصل إلى 20 ألف مقاتل، وهنا لابد أن نعترف بأننا كنا سببا في وصول هؤلاء لهذه النتيجة، ما مهد الطريق أمام قادة تنظيم داعش والقاعدة في التمدد بينهم وتجنيدهم، وكنا على علم بتحركات مشايخ داعش مثل أبو يحيى البريطاني وغيره في بلدان أوروبا، ولكن استطاعوا السيطرة على أغلب هؤلاء الشباب بفكرهم، وكنا نختلف معهم فكريا، لكن كانوا يعرفون جيدا كيف يعملون بأدوات جديدة، لذا فإن «داعش» أخطر من القاعدة وأمام هذا الخطر الداهم لابد أن نكون صرحاء بأن «داعش» أصبح اليوم يطرح نفسه باعتباره «دولة» ولديه 50 ألف مقاتل، ويمتلك أسلحة ثقيلة مثل الجيوش النظامية، ونحن بدورنا قمنا بالرد على ما ينتهجه «داعش» والجماعات المتطرفة، وقمنا بالرد على أكثر من 200 صفحة إلكترونية لهذا التنظيم، وهذا البيان وقع عليه عدد كبير من أكبر علماء المسلمين، وهو بعدة لغات «الفرنسية والإنكليزية والألمانية والإيطالية والعربية والإسبانية»، لهذا فالشباب المسلم اليوم ليس لديه مانع من المراجعة.